متابعينا الكرام اينما كنتم حول العالم عبرصفحات الجمهوريه,,
السيدات والساده,,
تعيش سوق الدواء المصريه أزمة نقص بعض الأصناف الحيوية التي يعتمد عليها المواطنون بصورة رئيسية، مما فاقم معاناة المرضى بالمستشفيات العامة (التابعة للحكومة)، التي تتلقى أدوية مدعمة بأسعار زهيدة، ليصبح ما يسمى الصنف “المثيل” أو “البديل” ملاذ المواطن، للحصول على جرعة الدواء اللازمة، لتخفيف معاناته الصحية أو إنقاذ حياته.
وبالبحث في أسباب أزمة نقص واختفاء بعض أصناف الأدوية من السوق المحلية مع متخصصين ومسؤولين في سوق الدواء، الذين أرجعوا الأمر إلى وجود “سماسرة تهريب” مهمتهم تهريب الدواء المصري إلى بلدان الصراعات، لا سيماليبيا والسودان، طمعاً في بيعه في الخارج بـ”أسعار باهظة، وجني أرباح طائلة”.
كما كشفت المصادر عن أن عمليات تهريب الدواء المصري تتخذ مسارين: منفذ أرقين على الحدود المصرية – السودانية، ومنفذ السلوم الذي يربط الحدود-المصريه الليبية، بعد إخفائها إما داخل حاويات ضخمة أو شاحنات نقل خضراوات أو داخل سيارات خاصة، فيما يعرف بتجار الشنطة.
الدواء المصري “رخيص”
يقول رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية علي عوف “التهريب سبب نقص واختفاء بعض الأدوية من السوق المحلية”، موضحاً في حديثه إلى أن “رخص سعر الدواء المصري وقرب الحدود التي تربط مصر وليبيا والسودان وغزة، إضافة إلى توقف مصانع الدواء في تلك البلدان نتيجة النزاعات الداخلية بها، هي الأسباب التي تقف وراء ظاهرة التهريب”.
ووفق عوف فإنه “لا توجد مصانع دواء في ليبيا، في حين لدى السودان مصانع، لكنها متوقفة بسبب الاضطرابات الداخلية”، مؤكداً أن السودان حالياً يستورد “الدواء المصري بالعملة الصعبة مقدماً”.
وحول طرق التهريب يوضح رئيس شعبة الأدوية “تجرى عبر طرق وقنوات غير شرعية، إذ يتفنن السماسرة والعصابات في نقل المواد المهربة عبر منافذ غير مرئية لا تخضع لرقابة مشددة من أجل بيعها والاستفادة من فارق السعر لتحقيق أرباح طائلة”، لافتاً إلى أن هيئة الدواء المصرية شددت من قبل في أحاديثها مع شركات الأدوية في شأن تصدير الدواء إلى السودان، بضرورة أن يكون “عبر البحر لا البر، لأن المنافذ البرية عرضة لأن تكون غير آمنة”.
ولدى مصر مخزون من الدواء المستورد يكفي لما بين 3 و6 أشهر، أما مخزون الصناعة الوطنية فمن 6 أشهر إلى 12 شهراً على حسب استهلاك كل شركة، وعلى رغم تلك الوفرة من الأدوية فإن مصر “تعاني نقصاً في أدوية السكر والغدة والضغط المستوردة، وأن 80 ألف صيدلية على مستوى مصر يعمل منها 70 ألفاً فقط”، وفق ما يؤكد عوف.
ما ذكره رئيس شعبة الأدوية يؤكده رئيس الجمعية المصرية للدراسات الدوائية (منظمة غير حكومية) علي عبدالله، إذ يقول “نقص واختفاء الأدوية من السوق المحلية يرجع إلى تهريب الدواء إلى الخارج”، محذراً من أن هناك أدوية “تشكل أزمة حقيقية في حالة تهريبها، مثل الأنسولين والأورام والتخدير ولوازم العمليات الجراحية والأمصال واللقاحات”.
وفي مطلع يوليو الماضي تقدمت النائبة سميرة الجزار بطلب إحاطة إلى رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي في شأن مواجهة ظاهرة اختفاء الأدوية وارتفاع أسعارها، معتبرة أن تلك الأزمة تعرض أصحاب الأمراض المزمنة لخطر الموت.
ويتفق مع الطرح السابق رئيس شعبة الأدوية باتحاد الصناعات المصرية محيي حافظ، لافتاً إلى أن الأزمات الداخلية التي تشهدهما ليبيا والسودان “انعكست على عدم وجود تحويلات منتظمة أو نقل منتظم، إلى جانب وجود خشونة في عمليات توصيل الأدوية إلى هذه الدول، وهو ما فتح الباب أمام تهريب الأدوية بصورة غير شرعية إليها”، مشيراً إلى أن “الأدوية المنخفضة السعر للشركات المتعددة الجنسيات هي الأكثر تهريباً”، لكنه في الوقت ذاته يشير إلى أن نقص العملة الصعبة في مصر أحد أسباب اختفاء الأدوية.
بيزنس مخازن الدواء
ويشير رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة صيادلة القاهرة محفوظ رمزي إلى وجود عصابات منظمة تمارس أعمال تهريب الدواء إلى دول الصراعات والحروب، موضحاً “غالب العمليات تجرى عبر الطرق الحدودية البرية، وهيئة الدواء المصرية منوط بها إجراء أعمال التفتيش على الشركات والمصانع وأي مؤسسة صيدلية، لضمان سريان الأدوية المنتجة في مصر في التسلسل الطبيعي حتى وصولها إلى الصيدليات”، لكنه يلقي باللائمة على أصحاب مخازن الدواء وشركات التوزيع، قائلاً “بعض محترفي التهريب يتعاملون مع مخازن دواء، إذ يشترون كميات كبيرة من الأدوية، ويستفيدون من الخصومات الموجودة عليها، ثم يهربونها إلى الخارج للاستفادة من فارق الأسعار”.
يشار إلى أن هيئة الدواء المصرية حددت في القرار رقم 271 لسنة 2021، الشروط الواجب توافرها في مخازن الأدوية، من بينها حظر التوزيع أو خزن أدوية لمؤسسة صيدلية أخرى أو البيع للجمهور. وفي حال المخالفة يتم الإنذار أولاً، ثم الإغلاق شهراً، وإذا استمرت المخالفة تلغى الرخصة نهائياً.
وكان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قد أصدر قراراً في فبراير من العام الماضي بتعديل بعض أحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة، إذ يعاقب بالحبس أو الغرامة كل من فتح أو أنشأ أو أدار مؤسسة صيدلية من دون ترخيص، كما يعاقب بالعقوبة ذاتها كل من أقام صناعة أخرى، أو مارس نشاطاً آخر في مؤسسة صيدلية غير المرخص له بإدارتها.
وتساءل فؤاد، “هل هذه المخازن مسجلة بوزارة الصحة؟ وهل تخضع للتفتيش الصيدلي أو من هيئة الرقابة والبحوث الدوائية؟”، مؤكداً أن غالب الصيدليات الصغيرة في القرى “ليس لديها القدرة على شراء الدواء من شركات التوزيع، وهو ما يجعلها تلجأ إلى الشراء من المخازن بعد الاتفاق على تسهيلات ومدد محددة للسداد”، مشيراً إلى أن “الأدوية الشعبية بمصر هي الأكثر تهريبها إلى الخارج”، مستشهداً بـ”قطرة (بروزيلين) التي تباع حالياً في السودان وليبيا بأكثر من 250 جنيهاً (8.09 دولار)”، بحسب المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء
وفي سياق تهريب الدواء تواصلنا ” مع مصدر بالجمارك، طلب عدم ذكر اسمه، لمعرفة طبيعة ما يحدث، إذ أوضح أن التهريب “له وجهان، الأول إلى داخل البلاد، لا سيما مستلزمات طب الأسنان والقساطر الطبية المتنوعة، فضلاً عن تهريب الأدوية التي تقترب صلاحيتها على الانتهاء. أما الوجه الثاني فإلى خارج البلاد، إذ إن الدواء المصري يعد مطمعاً لكثيرين، لانخفاض سعره مقارنة بدول أخرى، وأقرب هذه الأمثلة، الأنسولين وأدوية الأمراض المزمنة”.
ويشير المصدر الجمركي إلى أن عمليات تهريب الدواء إلى السودان تجرى “عبر ميناء قسطل البري وإلى ليبيا من منفذ السلوم”، معتبراً أن حجم عمليات التهريب إلى ليبيا “أقل نسبياً من السودان”.
وبحسب المصدر، فإن الدواء في مصر “يعد مدعماً، ويباع أقل من سعره الفعلي في السوق المحلية بنسبة 40 في المئة، بسبب فارق سعر الدولار، فضلاً عن أن الأزمات الداخلية التي تعانيها بعض بلدان الجوار في احتياج حقيقي للدواء والمستلزمات الصحية”. فيما قال مصدر آخر إن رخص سعر الدواء المصري ودعمه “أحد الأسباب الجاذبة لسماسرة التهريب للاستفادة من فارق الأسعار وجني أرباح طائلة”، مستشهداً بقوله “بعض الأدوية تباع داخل مصر بـ10 جنيهات (0.32 دولار)، في حين تباع في بلدان الخارج بـ900 جنيه) 29.13 دولار)”.
ويتفق رئيس شعبة الدواء بالاتحاد العام للغرف التجارية علي عوف مع ما طرحه المصدران السابقان، مؤكداً أن هناك بلداناً عربية تعتمد بصورة رئيسة على الدواء المصري “بسبب تدني أسعاره”، لافتاً إلى أن “60 في المئة من الدواء في الأردن منتج مصري، و40 في المئة أردني، بسبب رخص سعر الدواء المصري، فيما يصدر الأردن إنتاجه من الدواء (غالي الثمن)، للحصول على دولارات وعملة صعبة أكبر”.
في السياق ذاته يشير محفوظ رمزي إلى أن مصر تستحوذ على عدد كبير من مصانع الدواء، في حين أن دولة مثل الأردن يبلغ عدد مصانع الأدوية بها 27 مصنعاً فقط، “لكنها تصدر أكثر من 6 أضعاف مصر في الدواء”.
يشار إلى أن هيئة الدواء المصرية كانت قد أكدت في ديسمبر الماضي أن عدد مصانع الأدوية المرخصة وصل إلى 191 مصنعاً بإجمالي 799 خط إنتاج، بعد أن كانت عام 2014 (130) مصنعاً فقط.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد افتتح في مطلع أبريل من عام 2021 مدينة الدواء بمنطقة الخانكة في محافظة القليوبية وتعد من بين أحد أهم المشروعات القومية التي سعت الدولة إلى تنفيذها لمنع أي ممارسات احتكارية وضبط أسعار الدواء.
ووفقاً للمصدر، فإن اليمن والسودان وليبيا والعراق أكثر البلدان التي يتم تهريب الدواء المصري إليها، مشيراً إلى أنه كلما اشتدت الصراعات في دولة شهدت عجزاً واحتياجاً متزايداً، وأصبحت سوقاً نشطة لسماسرة التهريب، وموضحاً “غالب عمليات التهريب تنشط عبر الموانئ البرية والجافة، بعيداً من المطارات، نظراً إلى الرقابة الشديدة عليها، وكونها تحمل أخطاراً كبيرة عليهم”.
وأمام تنامي عمليات تهريب الدواء على الحدود المصرية – الليبية على مدى السنوات الماضية، وقعت حكومتا البلدين اتفاقاً في مارس 2009، للقضاء على تهريب الدواء من مصر إلى ليبيا، وأشار وزير الصحة آنذاك حاتم الجبلي إلى أن التهريب من أهم المشكلات التي تهدد تجارة الدواء بين مصروليبيا
أين القانون؟
وحول المواجهة القانونية لردع “مجرمي الدواء”، يقول مدير المركز المصري للحق في الدواء محمود فؤاد، “مصر تفتقر لتشريعات حديثة لمواجهة عمليات الغش وتهريب الدواء. فمنظومة الدواء لا تزال تخضع لقانون منذ عام 1959 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة ولا توجد عقوبات رادعة للتهريب أو الغش”، مشدداً على “ضرورة تغليظ العقوبات مثلما فعلت نيجيريا والصين والهند، التي وصلت العقوبة في بعض الحالات إلى الإعدام”.
وعلى الوجه المقابل ترى عضو لجنة الصحة بمجلس النواب إيناس عبدالحليم أن القوانين المصرية رادعة، مؤكدة أنه “لا أحد يستطيع تهريب علبة دواء عبر أي منفذ في ظل الرقابة الصارمة من الأجهزة الأمنية ومسؤولي التأمين على المنافذ”. فيما عقبت عضو لجنة الصحة بمجلس النواب إيرين سعيد بأن “مصر تحيطها الحروب من مختلف الجبهات، وهناك دول تعاني نقصاً في الأدوية واحتياجاً شديداً لمستلزمات الدواء، وهو ما يمنح سماسرة التهريب فرصة لاستغلال تلك الأزمات”، موضحة أن نسبة التهريب “ضئيلة، وليست كبيرة مثلما يظن البعض”.
وأرجعت إيرين الأزمات التي تعانيها سوق الدواء المحلي إلى التسعير الجبري للدواء واختلاف سعر الدولار الذي أثر في عديد من الصناعات، فضلاً عن توقف بعض شركات الدواء الصغيرة عن الإنتاج وانسحابها من السوق، بسبب تعرضها لخسائر كبيرة، إلى جانب الاعتماد على المنتج المحلي بدلاً من المستورد بسبب صعوبات تدبير العملة الصعبة.
وتواصلنا مع أحد مسؤولي هيئة الدواء المصرية والذي نفى حدوث نقص أو اختفاء في بعض أصناف الأدوية في السوق المصرية نتيجة تهريبها إلى بلدان بالخارج، مؤكداً “لم نضبط مثل تلك الحالات، ولم نرصد وجود أدوية ناقصة لدينا هربت إلى الخارج. المنافذ الجمركية (مربوطة) جيداً، ونحاول الحفاظ على ما نمتلكه من المخزون الدوائي”.
وأردف المصدر، “نتابع الأسواق، ولم يصل إلينا أي بلاغات عن وجود أدوية مصرية هربت إلى ليبيا أو السودان، وإذا عثرنا على أدوية مصرية مهربة سنحقق في الموضوع لمعرفة ملابسات تهريبها وكيف وصلت إلى تلك الدول؟”، لافتاً إلى أنه “إذا ما افترضنا حدوث واقعة تهريب للدواء لإحدى الدول، فإن الأمر لا يتعدى كونه واقعة فردية لا ظاهرة مستمرة”.