هدى سلطان، فنانة موهوبة من الزمان الجميل، تمتلك جمالًا فريدًا في المظهر والصوت. حظيت بشهرة وإشادة واسعة في عالم الفن لأكثر من نصف قرن. حصلت على لقب “ست الحسن” بفضل صوتها الذهبي. حققت إنجازات مهمة في مسيرتها الفنية وتركت أثرًا في عالم الفن. تعاونت مع الفنان فريد شوقي في الثنائي الفني. كانت نجمة موهوبة في التمثيل والغناء، حيث أدت براعة الأعمال المرحة والخفيفة وأيضًا أدوار الإغراء والجاذبية. رحلت عنا في عام 2006 عن عمر يناهز 81 عامًا.
وُلِدَت جمالات بهيجة حسن عبد العال الحو الشهيرة بـ هدى سلطان في يوم مثل هذا، 15 أغسطس 1925، في مدينة طنطا بمحافظة الغربية. وهي شقيقة الراحل محمد فوزي، وتزوجت من الفنان فريد شوقي، وتعد جدة الممثلة الشابة ناهد فريد شوقى.
عشقت هدى سلطان الغناء منذ كانت طفلة، وبسبب قدوم شقيقها إلى القاهرة لممارسة الغناء، قررت أيضًا أن تتجه نحو هذا المجال رغم معارضة والدها وشقيقها. بقي والدها يعارض ويقاطعها حتى تزوجت من الفنان فريد شوقي، حيث تم التصالح وقدم لها مجموعة من الأغاني.
الاذاعة كانت البداية
جاءت هدى سلطان إلى العمل الفني عندما سافر شقيقها المطرب محمد فوزي إلى القاهرة ليسلك طريق الفن والغناء. خلال زيارة والدة محمد فوزي للقاهرة لرؤية ابنها، اشتاقت هدى سلطان للغناء فقررت أن تخوض تجربة الغناء وقدمت امتحان الإذاعة لتغني من الأغاني المختارة ونجحت في ذلك وغنت في ذلك اليوم أغنية تقول “حبيبي مالقيتش مثاله.. سلطان على عرش جماله”.
في صدفة محظوظة، أعلنت الصحف عن احتياج شركة نحاس فيلم لمطربة وممثلة جديدة للمشاركة في فيلم “ست الحسن”. بالتالي، قدمت طلبي لإجراء الاختبار.
تم اكتشافها بواسطة المنتج جبرائيل تلحمى، وكان ذلك بداية العمل الفني للفنانة هدى سلطان في عام 1950 في فيلم “ست الحسن” الذي أخرجه نيازي مصطفى. قدمت في الفيلم دور وصيفة تعمل لدى ست الحسن “ليلى فوزي”. بعدها، اختارتها المحامية المشهورة مفيدة عبد الرحمن باسم هدى سلطان وبدأت رحلتها في مجال الفن.
في البداية الفنية لها ، صرحت هدى سلطان بأنها كانت محظوظة لأن المدرسة التي تعلمت فيها كانت تهتم بتعليم طالباتها الموسيقى. وكانت مدرسة الموسيقى تؤمن وتكرر دائمًا أن الموسيقى هي فن جميل بعد تذوقها وتعلمها من قبل كل فتاة. تعلمت العزف على البيانو والعود في المدرسة. وبسبب حبي للغناء منعتني أسرتي من الذهاب إلى المدرسة. وقررت الأسرة أن أكمل دراستي في المنزل من خلال مدرس خاص يعطيني الدروس. ولكن حب الموسيقى كان في داخلي ، لذا اجتمعت مع بنات الجيران وقمت بالغناء والعزف لهن بما تعلمته من الموسيقى. ولا يمكن أن أنكر أن تلك الأيام كانت بلا شك من أجمل أيام حياتي.
حكم القوى أول بطولة
تعتبر أول بطولة سينمائية لـ هدى سلطان في فيلم “حكم القوى” عام 1951، حيث قابلت فريد شوقي لأول مرة وبدأت قصة الحب والزواج بينهما. بعد ذلك، استمرت هدى سلطان في مشوارها الفني وقدمت مجموعة متميزة من الأفلام والأغاني والمسرحيات والمسلسلات التليفزيونية.
وصف فريد شوقي هدى سلطان قائلاً في أحد مقالاته عام 1960: “الحب الحقيقي بالنسبة لي هو حب العقل، وحب هدى سلطان هو حب العقل. تعاونتُ معها في فيلم “حكم القوي”، وكانت أول مرة ألقي نظرة عليها في الاستوديو، وأحببتها مباشرةً. كانت تغني أغنية “الكأس” في الفيلم، وكان اسمها كوثر. كنت أخطئ في التمثيل وأناديها “يا هدى”، ما جعل المخرج يضطر إلى إعادة اللقطة. بعد مضي 18 يومًا، عرضت عليها الزواج، وحضرنا عرض الفيلم الأول ونحن متزوجان. تشبه حلاوتها سي السيد البدوي.
غيرة وتعدد زيجات
تزوجت هدى سلطان خمس مرات، وكان الزوج الأول لها رجلًا عاديًا يُدعى محمد نجيب وأنجبت منه ابنتها “نبيلة”. الزوج الثاني لها كان المنتج “فؤاد الجزايرلي”. الزوجة الثالثة كانت من “فؤاد الأطرش”، الذي هو أخ فنان فريد الأطرش. والزوج الرابع لها كان النجم فريد شوقي، وأنجبت منه ابنتيهما “مها” و”ناهد”. الزوجة الخامسة والأخيرة كانت بعد انفصالها عن فريد شوقي، وهو المخرج “حسن عبد السلام”، وغالباً ما كانت الطلاقات في هذه الزيجات بسبب الغيرة.
دخلت عالم الفن عن طريق الإذاعة بعد 17 عامًا من وفاة هدى سلطان، وأنا أتردد بين إعادة التكرار والتقليد. ففيلم العائلة الكريمة الذي قدمته هدى سلطان وفريد شوقي كان له فكرة مشابهة، وانتسبت قصته لفيلم Sweet Home Alabama.
واحدة من الأغاني الأكثر شهرة لهدى سلطان هي التي تتجاوز 100 أغنية، ومعظمها تم استخدامها في أفلامها. بعض هذه الأغاني تشمل “إن كنت ناسيًا فأنا أفكر، أبين زين وأرى الوداع، مال القمر، أحبك يا حسن”. كانت أفلامها من أشهر أفلامها وعددها يصل إلى 80 فيلمًا، بما في ذلك 20 فيلمًا قدمتها مع الفنان فريد شوقي في ثنائيات مشهورة مثل “جعلوني مجرمًا”، “رصيف نمرة 5″، “لمن هواك”، “المحتال”، “الاسطى حسن”، “النمرود”، “سوق السلاح” وغيرها.
من الأغاني التي قام الفنان محمد فوزي بتلحينها لشقيقته هدى سلطان: “لاموني وارتضيت باللوم”، وبعدها جاءت مجموعة من الأغاني الشهيرة، مثل: “يا ضاربين الوداع، عمري مادقت الحب، متع شبابك بالأمل، يامجربين الحب، ياحلاوة الورد، محسودة، إن كان على القلب وهبتولك، ومافيناش من قولة آه”، وأنتج لها أيضًا فيلمًا واحدًا مع فريد شوقي وهو “فتوات الحسينية”.
تُقدِم وداد الغازية عروضًا غنائية وتمثيلية على خشبة المسرح.
وقدمت هدى سلطان 8 مسرحيات في مسيرتها الفنية، بما في ذلك وداد الغازية، الحرافيش، بمبة كشر، سيد درويش، الملاك الأزرق، ثم اتجهت إلى التلفزيون وقدمت أكثر من 15 مسلسلا شهيرا، بما في ذلك (الوتد، ليالي الحلمية، الليل وآخره، أرابيسك) ، ولعبت دور الست أمينة في ثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة.
انغام آخر أعمالها
في السبعينات، قررت هدى سلطان أن تتوقف عن أداء أدوار الدلال والغناء، وشاركت مع حسن الإمام في فيلم “حياتي هي الثمن” دون أن تقدم أغاني. كما قدمت أفلامًا أخرى مثل “بدور” و “دلال المصرية” و “السيرك” و “شلة الأنس”. في الثمانينات، احتفظت هدى سلطان بإرتداء الحجاب وقدمت أدوارًا كأم أو فنانة متزنة وعاقلة في الريف. وكان آخر أدوارها في فيلم “وداعا بونابرت” مع يوسف شاهين، وفيلم “أنغام” مع هنري بركات.
