القردُ يقود القوم

بقلم / هاشم محمود
_________________

مجموعة من الحيوانات تتآمر على الأسد، في أمسية حالكة السواد، شديدة المطر، وبينما الأرضُ مبتلة بالماء، والأسد نائم فوق تلك التلة الصخرية، مستمعًا بأجوائه ، وبعيدًا عن الوحل، ويجلس بجواره الضبع صديقًا حميمًا ودودًا، يتذلل إلى الأسد؛ لينال مبتغاه.
فى الصباح عاد الضبع إلى الغابة، فوجد الثعلب والكلب والسلحفاة والوزغ والثعبان يرتجفون مِن شدة البرد، وأثر الأرق واضح على وجوههم، وقد نال الجوع منهم نصيبًا.
استقبلوا الضبع الذي كان يحمل لهم بقية من مائدة الأسد.
انهالوا عليها بينما الثعلب يقف متفرجًا علي المنظر العام، والسلحفاة تتفاوض مع الثعبان، والكلب والضبع منهمكان في الأكل، والقرد يوزع الابتسامات هنا وهناك، بإماءات تدل على أن هناك أمر ما يريد تنفيذه.
وهذا القرد هارب من غابة أخرى، بعد أن أفسد زرع أهل القرية، ونكل ببعض أطفالهم، وله تجربة اخرى في خدمة طرف ثالث، مجهول الهوية والقوة، بأن قدَّم له قرابين فنال رضاه ورضي قومه جميعًا بين فصيلته.
قد أقنع القرد الثعلب بضرورة السيطرة على الغابة، فنحن قوة، والأسد مقدور عليه، ورحَّب الكلب بالفكرة، والسلحفاة والثعبان والوزغ متفقون على التدمير.

استدرجهم الثعلب فأخذ منهم موثقًا وعهدًا، والأسد يعيش أجمل أيامه؛ فقد أمضي عشرة أعوامٍ يريد مخرجًا آمنًا،
ولبؤته تسمع أدق التفاصيل حول المؤامرة الكبرى، بهدف إخراجهم من هذه الغابة.

اجتمع الضعفاء وقرروا عرض طلبهم على الأسد، والكلب يرى أن النباح أقوى وسيلة لإزعاجه، والضبع والوزغ والسلحفاة والثعبان يعلمون توجس الأسد من فصيلتهم،
بينما الضبع يهدد برائحته لدفع الأسد إلى المغادرة، واللبؤة تعمل من داخل البيت على الإقناع.

في مساء اليوم التالي زحف الجميع نحو الأسد، الذي رحب بهم، وقامت اللبؤة بإكرامهم، بينما القرد يتقدمهم حاملًا وثائق تؤكد موقفهم خوفًا مِن المراوغة.
بدأ الكلب بنباحه، بينما الضبع ينفث رائحته حول الموقع، بعد أن وقف عكس اتجاه الريح مما ضاق ذرعًا بالأسد.
تململ الأسد، وطلب من القرد اختصار الحديث، فرد القرد:
– نريد أن نسكن بجوارك فوق هذه التلة.
نظر إليه بتعجب، فقال:
– لا مكان للقرد وأشباهه للسكن معي.
ثم التفت إلى اللبؤة، فوجدها عابسة، فتحرك إليها وهمس بأذنها، ثم عاد ولملم أغراضه، تاركًا التلة متوجهًا نحو الوادي.
سخروا من القرد الذي حاك المسرحية، وعاشوا فسادًا غير مسبوق، يتقاتلون فيما بينهم،
نسوا أن القرد له سوابق في تدمير المجتمعات.
وبعد مرور الوقت بدأوا يفتشون عن الأسد؛ كي يحل خلافاتهم، أو يتبناها بعد أن تاهوا سنين طويلة.
أصدقاء الأسد من النمر والفهد رفضا مجرد التفكير في الأمر، فهل ينجحوا في ذلك؟ وهل قيادة القرد للمجتمع ناجحة؟

٢٠٢٣/٢/١٧

Related posts

Leave a Comment