الإســــراء  والمعــراج

البـروفيسـور الدكتـور الشـريف علـي مهـران هشـام
الإسراء هو الرحلة الأرضية التي هيأها الله لرسوله (صلى الله عليه وسلم) من مكة إلى القدس.. من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى..  وهو رحلة أرضية ليلية. المعراج  هو رحلة من الأرض إلى السماء العلا ،
الإسراء والمعراج هي حادثة جرت ليلاً سنة 621م ما بين السنة الحادية عشرة إلى السنة الثانية عشرة من البعثة النبوية، يعدها المسلمون من معجزات النبي محمد صلي الله عليه وسلم ،  وهي من الأحداث البارزة في تاريخ الدعوة الإسلامية. يؤمن المسلمون أن الله أرسل نبيه محمد عليه أفضل الصلاة أذكي السلام  على البراق مع جبريل ليلاً من المسجد  بمكة، إلى بيت المقدس.
رحلة الإسراء والمعراج  كانت محطة مهمة في حياة الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم  وذلك في مسيرة دعوته عليه السلام  في مكة، بعد أن قاسى ما قاسى وعانى ما عانى من قريش سواء كان  النكران أوالتنمر أوالعدوان اوالعداء  والظلم ، ثم قال صلي الله عليه وسلم  لعلي أو ربما  أجد أرضًا أخصب من هذه الأرض عند ثقيف، عند أهل الطائف، فوجد منهم ما لا تُحمد عقباه، ردوه أسوأ رد،  سلطوا عليه عبيدهم  وسفهاءهم  وصبيانهم يرمونه بالحجارة حتى أدموا قدميه ( صلى الله عليه وسلم )، ومولاه زيد بن حارثة يدافع عنه ويحاول أن يتلقى عنه هذه الحجارة حتى شج عدة شجاج في رأسه, رضي الله عنه.
خرج عليه الصلاة والسلام من الطائف  دامي القدمين ولكن الذي آلمه ليس الحجارة التي جرحت رجليه  ولكن الكلام الذي جرح قلبه؛  ولهذا ناجى ربه هذه المناجاة، وبعث الله إليه ملك الجبال يقول: إن شئت أطبق عليهم الجبلين، ولكنه  صلى الله عليه وسلم أبى ذلك، وقال: إني لأرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً، اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون.
عوض الله الرحمن الرحيم حبيبه ورسوله   عما أصابه من أذي مادي ونفسي في الطائف  , ليعلمه   الله عز وجل أنه إذا كان قد أعرض عنك أهل الأرض فقد أقبل عليك أهل السماء، إذا كان هؤلاء الناس قد صدّوك فإن الله يرحب بك وإن الأنبياء يقتدون بك، ويتخذونك إماماً لهم، كان هذا تعويضاً وتكريماً للرسول ( صلى الله عليه وسلم )  منه عز وجل، وتهيئة له للمرحلة القادمة، فإنه بعد سنوات قيل إنها ثلاث سنوات وقيل   ثمانية عشر شهراً ( لا يعلم بالضبط الوقت الذي أسري فيه برسول الله صلى الله عليه وسلم )  إنما كان قبل الهجرة يقيناً، كانت الهجرة وكان الإسراء والمعراج إعداداً لما بعد الهجرة، ما بعد الهجرة حياة جهاد  ونضال  مسلح، سيواجه (صلى الله عليه وسلم) العرب جميعاً، سيرميه العرب عن قوس واحدة، ستقف الجبهات المتعددة ضد دعوته العالمية،  الجبهة الوثنية في جزيرة العرب، والجبهة الوثنية المجوسية من عباد النار والجبهة اليهودية المحرفة  لما أنزل الله والغادرة التي لا ترقب في مؤمن ذمة، والجبهة النصرانية التي حرفت الإنجيل والتي خلطت د التوحيد  بالوثنية، والتي تتمثل في دولة الروم البيزنطية. رحلة الإسراء والمعراج سجلها القران الكريم في اياته الشريفة  ,
 قال الله تعالى في سورة الإسراء: { سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا }  حتى يرى آيات الله في هذا الكون في الأرض  وفي السماء أيضاً كما قال الله تعالى في سورة النجم التي أشار فيها إلى المعراج:     ( لقد رأى من آيات ربه الكبرى ما زاغ البصر وما طغى ).
الرحلة تطمئن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم أي يا نحمد أعلم أنك تركن إلى ركن ركين، وتعتصم بحصن حصين، وتتمسك بحبل متين؛ فلا تخاف عدواً ولا تجشي جبارا عصيا  هكذا فعل الله مع رسولع  موسى عليه السلام ، هذه الآيات الكبرى تطمئن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم   ليستعد للمرحلة القادمة من الدعوة .
الإسراء والمعراج كان  تهيئة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) و تكريماً لحبيبه  (صلى الله عليه وسلم)، وكان تسلية لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) عما أصابه من قومه في مكة وفي الطائف، وكان كذلك لشيء مهم جديد في حياة المسلمين وله أثره في حياتهم المستقبلية، هو فرض الصلاة، فرض الله في هذه الليلة الصلاة، أهم ركن من أركان الإسلام . أراد الله سبحانه وتعالى أن يستدعي سفيره إلى الخلق، محمد (صلى الله عليه وسلم) ليسري به من المسجد الحرام، ثم يعرج به إلى السموات العلا إلى سدرة المنتهى، ليفرض عليه الصلاة، إيذاناً بأهمية هذه الفريضة في حياة الإنسان المسلم والمجتمع المسلم، هذه الفريضة التي تجعل المرء على موعد مع ربه خمس مرات في اليوم ، هذه الفريضة فرضت أول ما فرضت خمسين صلاة،                                                                                                                          ثم مازال  النبي (صلى الله عليه وسلم ) يسأل ربه التخفيف بإشارة أخيه موسى عليه السلام  حتى خفف الله عنهم هذه الصلوات إلى خمس، وقال هي في العمل خمس وفي الأجر خمسون، فهي من نتائج  تلك الليلة المباركة.
في الحديث القدسي عن رب العباد : ” قسمت الصلاة بيني وبين عبدي قسمين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال عبدي: الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى حمدني عبدي، فإذا قال الرحمن الرحيم، قال تعالى أثنى علي عبدي، فإذا قال مالك يوم الدين قال الله تعالى مجّدني عبدي، فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين، قال الله تعالى هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال اهدنا الصراط المستقيم  إلى آخر سورة  الفاتحة، قال الله تعالى هذا لعبدي ولعبدي ما سأل “.
وخلاصة القول, رحلة الإسراء والمعراج  قد تكون أكبر من التفكير والعقل البشري  ( من حيث  الزمن والمكان  ) , ولكن  طبقا لنظرية أينشتاين  فإن  الزمن ينكمش مع ازدياد السرعة، وتزداد السرعة مع ازدياد القدرة على ذلك
هكذا أصبح من المقنع للماديين أن السرعة والزمن والقدرة أشياء مترابطة، ولكن إذا كان هناك مخلوق أقوى من الإنسان (ينتمي إلى غير الجنس البشري، كأن يكون من الجن أو من الملائكة) فإنه يتحرك بقوانين أخرى غـــير قوانين الإنسان، فيقطع المسـافات ويعبر الحواجز، وأشياء أخرى كثيرة لا يتخيلها الإنسان الذي يسكن كوكبه الأرضي. وطبقا للنظرية النسبية لاينشتاين أيضا، فإنه إذا وجد كائن يسير بسرعة أكبر من سرعة الضوء، فإن المسافات تنطوي أمامه وينمحي الزمن في قطعه هذه المسافات, وهذا ماحدث بالفعل في رحلة الإسراء والمعراج.  والله المستعـان,,,,

Related posts

Leave a Comment