كتب-محمود ابومسلم
المجتمع الدولى يقوم بالتحرك قانونيا ضد إسرائيل، فقد تقدمت دولة جنوب إفريقيا بطلب لمحكمة العدل الدولية للدفاع عن غزة ضد الانتهاكات الاسرائيلية، فى وثيقة مكونة من ٨٤ صفحة مليئة بالأدلة والدعم بجوانب قانونية قوية من متخصصين فى تحليل مواجهة جريمة الابادة الجماعية علاوة على الوثائق والحقائق التى تحدث فى الأرض المحتلة من القوات الإسرائيلية، أو من استخدام الصواريخ العسكرية لتدمير المدن وتدمير المبانى المدنية فى قطاع غزة. وبدأت المحاكمة يوم الخميس الماضى 11 يناير.
وجاء طلب جنوب افريقيا بصفة أساسية فيما يلي: أولا: وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية على غزة وعلى سكانها المدنيين، وثانيا: اتهام إسرائيل بقيامها بجرائم حرب، خاصة جريمة الابادة الجماعية ضد المدنيين والأبرياء من النساء والأطفال الفلسطينيين والمقيمين تحت الاحتلال فى غزة.
ونجد أن هناك بعض الدول التى انضمت إلى جنوب إفريقيا فى هذا الطلب ومنها ماليزيا وتركيا، وهناك احتمال قوى بصدور قرار مؤقت من محكمة العدل الدولية فى لاهاى بموجب تطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية عام ١٩٤٨. ونظرا لأهمية الموضوع قررت المحكمة عقد جلسة استماع عاجلة بدأت الخميس الماضى وتطالب جنوب إفريقيا المحكمة بالأمر باتخاذ تدابير مؤقتة لوقف إطلاق النار وأى عمليات عسكرية أخرى لحين الفصل فى أصل الموضوع.
لابد أن نشير أيضا إلى أن محكمة العدل الدولية لم تقم بالحكم أو بدراسة الجوانب الموضوعية لهذه المشكلة فى هذا الطلب المقدم من جنوب إفريقيا، لأنها قد تأخذ مدة طويلة للوصول إلى الحقيقة والاستماع إلى الأطراف المعنية فى هذا ولكن لها وفقا للمادة ٤١ من النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية أن تقوم باتخاذ إجراءات مؤقتة لحماية الأطراف إذا كان هناك خطر عليهم فى هذا الشأن وأن تخطر فى هذا الأمم المتحدة لاتخاذ اللازم وتطبيق القواعد القانونية المتفق عليها من المجتمع الدولي.
إن أساس الطلب الجنوبى الإفريقى يتضح من خلال أفعال وسلوك الجنود الإسرائيليين الذى يثبت القتل العشوائى الجماعى، وأنها إبادة جماعية تخالف كافة القواعد الإنسانية وحقوق الإنسان سواء كانت فى وقت السلم أو كانت فى وقت النزاعات المسلحة، لأنها تتعامل مع المدنيين الموجودين تحت الاحتلال فى منطقة غزة بما يخالف قواعد القانون الدولى والمستقرة منذ فترة طويلة.
إذا نظرنا إلى الوثيقة نجد أنها تحتوى على أدلة من أعمال الإبادة الجماعية ومن أهمها: أولا: حجم القتل الذى قامت به القوات الإسرائيلية ضد المدنيين فى قطاع غزة من الفلسطينيين وهم أكثر من 23 ألف شهيد منهم ٧٠٪ نساء وأطفال.
ثانيا: أشار الطلب إلى ما يحدث فى معاملة المدنيين هم وعائلاتهم من صعوبة الحصول على احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والماء والكهرباء والغاز وغيرها من ضرورات الحياة.
ثالثا: اتضح أنه قد تم إصابة معظم المستشفيات فى غزة إما بتدمير كامل أو تدمير جزئى وفى نفس الوقت الحرمان من الاحتياجات الأساسية للعلاج من أدوية وغيرها لإنقاذ من وصل إلى المستشفى سليما.
رابعا: هناك كثير من الدلائل الأخرى التى تثبت نية الإسرائيليين فى الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطينى والتصميم على ذلك بكل الطرق المعروفة وغير المعروفة (صوت وصورة).
ويثور التساؤل اليوم عن آثار القرار العاجل الذى يمكن أن يصدر من محكمة العدل الدولية بشأن طلب جنوب إفريقيا وذلك حفاظا أو مواجهة للجريمة الإنسانية وهى جريمة الابادة الجماعية بدون تمييز بين أى نوع من الآدميين.
ستقوم محكمة العدل الدولية بفحص الموضوع ومعرفة مدى خطورة الأفعال التى تقوم بها إسرائيل التى تؤدى الى الإبادة الجماعية المخالفة لقواعد القانون الدولى، وفى هذه الحالة فإن محكمة العدل الدولية ستصدر توصيتها وفقا لما جاء فى المادة ٤١ (١) من النظام الأساسى للمحكمة وهى: يكون للمحكمة سلطة أن تبين، إذا رأت أن الظروف تتطلب ذلك، أى تدابير مؤقتة ينبغى اتخاذها للحفاظ على الحقوق الخاصة بأى من الطرفين, علاوة على أنها وحتى يتم اتخاذ القرار النهائى الموضوعى يجب على الفور إبلاغ الطرفين ومجلس الأمن بالتدابير المقترحة.
وفى حالة حضور ممثلى اسرائيل إلى المحكمة ومواجهتهم بالحقائق بالنسبة للضحايا، وكذلك تصريحات كبار رجال الدولة الصهاينة بنية إبادة غزة والفلسطينيين كلهم، وتوافر كل عناصر الإبادة الجماعية، وهذا ما تخشاه إسرائيل لأنها ستمثل ضغطا دوليا عليها يؤدى لوقف العمليات العسكرية، ويدعم هذا أن البند الثانى من المادة ٤١(٢) من النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية ينص على أنه: ريثما يتم اتخاذ قرار المحكمة النهائى فيجب على الفور إبلاغ الأطراف ومجلس الأمن بالتدابير المقترحة. وقد تقرر المحكمة إذا لزم الأمر تشكيل دائرة جنائية لنظر الدعوى الموضوعية إذا لزم الأمر. واخيرا وبعد وضوح أعمال إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية ومع عرض الموقف على الأمم المتحدة خاصة مجلس الأمن فسيكون من الصعب استخدام حق الاعتراض (الفيتو