بقلم / د . ميادة عبدالعال
أن الكثير منّا لديه حب الاستطلاع، لذا ترى البعض يسعى دائماً لملء رغباته بالاستماع لأي شيء عن الآخرين، و في كل يوم تغرقنا وسائل الإعلام المختلفة و المتنوعة بسيل عارم من الأخبار و الدعايات، ترى ماذا لو طبقنا قرارنا التركيز ومعرفة صحة الاخبار فكم ستبقى لدينا من خبر صحيح و جيد و مفيد؟
كيف يستطيع الإنسان البسيط التمييز بين الخبر و الدعاية و الإشاعة و التفريق بين الخبر الجيد و السيئ و الخبر التافه المغلف بشيء من الأهمية ، فليس كل ما تراه عينك فهو الحقيقة، و ليس كل ما تسمعه أو تسمع به هو الصدق، بل إن أكثر مشاهداتنا تكون مشوبة غير واضحة، أو ليس البصر يزيغ والآذان تشتبه؟ كما يقول الإمام علي عليه السلام. أو ليس الظن هو سيد المواقف في حياتنا؟
ولعل أسوأ أنواع الحروب الإعلامية على القضايا والأولويات المهمة التي تتطلع إليها الشعوب والمجتمعات هي الحرب الذهنية
بالنظر إلى الفترة الماضية ، يبدو لي أن أخطر تهديد سنتعرض له في العقود القادمة ليس التهديد الإرهابي بصوره التقليدية، ولا التهديد الأمني بصيغه القتالية ، إنما هو ذلك التهديد الذي يصعب رصده ومعرفة مواقعه وعناصره .
يعتقد شيللر أن صناعة التلاعب بالعقول تتم عن طريق خمس أساطير جرى ترويجها بعناية وذكاء، حتى باتت تلك الاساطير تشكل الإطار التضليلي الذي يوهم عقولنا بادعاء الحقيقة، وتتمثل هذه الأساطير التي تسيطر على الساحة الإعلامية بوصفها حقائق .
هل يمكن مواجهة هذه الحرب، كيف يتم ذلك؟ ومن يتصدى لهذه المهمة الكبيرة؟، إن الاجابة لا يمكن اختصارها بكلمات في مقال، او مقترحات او خطوات، وانما ينبغي أن يكون هناك منهج متكامل للمواجهة، مدروس ومتخصص وموضوع من لجان وخبراء وجهات متمرسة، على تشترك عقول وارادات ومنظمات معنية بالامر في دراسة سبل مكافحة الاعلام المزيف، فالمهمة ليست سهلة كما قد يتصور البعض.
بشكل عام، تضرب المشهد الإعلامي الفوضى فلا منظمات إعلامية لمراقبة المعايير المهنية، ولا متابعة لما يظهر على الشاشات من اتهامات وتخوين وقراءات مغلوطة للأحداث. وفي كل هذا، فإن عقل المواطن البسيط الذي لا يملك رفاهية تقصي الحقائق هو الهدف والضحية
إذا كان التدقيق في أخبار وسائل الإعلام التقليدية والمشهورة ضرورة في هذه المرحلة، فإن التدقيق في أخبار شبكات التواصل الاجتماعي، التي تنتشر بشكل سريع بيننا، هو أولى وأوجب، وبخاصة أن الكذب فيها كثير. أخطر ما يحصل هو استخدام أخبارٍ وصورٍ مفبركة؛ لتهييج الناس في اتجاهات سلبية، وإذا كان المرء لا يستطيع التدقيق في كل خبر، فعليه ألا يصدّق كل خبر؛ كي لا يقع ضحية التضليل، ويُمَرِّرَه عبر أجهزته للآخرين.