بقلم د/رضا عبدالسلام ..محافظ الشرقية السابق
اغلب المصريين وأنا منهم- لم يعرفوا اساسا بالفيلم المسيء لجيشنا العظيم، الذي شرفت انا شخصيا بالخدمة فيه كضابط احتياط، وفخر لكل مصري ان يلتحق بهذه المؤسسة الوطنية، إلا من خلال الاكشاك الفضائية المنتشرة في مصر.
للاسف قام المتفزلكين والمتحزلقين من تجار الاكشاك الفضائية -وكعادتهم – بجعلها سبوبة ليسهروا عليها، وأهو أكل عيش، بمنطق مثلنا المصري ” خلي اللي ما يعرفشي يعرف” فأكثر من ٩٩٪ من المصريين لم يعودوا يشاهدوا تلك القناة المأجورة، ولكن أرزقية اعلامنا بذكائهم المعهود أعادوا الناس اليها.
ليس هذا فقط، بل بدأت وصلات الردح البلدي بالاكشاك الفضائية للنيل والسب بحق أشخاص ولا ندري لمصلحة من؟ وهو مشهد لم نراه في تاريخ اعلامنا الراقي.
آالاف المصريين يعملون بقطر منذ عشرات السنين، لنا ان نتخيل شكل المعاملة التي سعامل بها ألاف المصريين هناك، أيضا ما أسهل ان يصدر قرار بطرد تلك الالاف واعادتهم لمصر، فعلى الأقل مليون مواطن يرتبطون بذويهم العاملين في قطر. بالمناسبة ليس لي قريب هناك، ولكن هؤلاء هاجروا بحثا عن الرزق كما ان الوطن بحاجة الى تحويلاتهم التي تقدر بمليارات الدولارات سنويا.
اذا لمصلحة من تدخل أصحاب السبوبة ، هل لمصلحة مصر أو جيش مصر أو عمال مصر؟ للأسف الشديد هو حريق يضاف للحرائق التي يتم اشعالها يوميا، ليبقى هذا البلد بلدا مضطربا. لا يمكنني ان اعمم الحكم، فهناك اعلام هادف وبناء مشغول ومهموم بهموم الناس مثل مبادرات دعم مرضى الغسيل الكلوي وغيرها، ولكن أين باقي الفضائيات من مصلحة الوطن؟
أنا شخصيا لا تعنيني قطر ، وهي ليست بالحجم او الوزن الذي يمكن ان يهز شعره في جسد مصر. ولهذا ما كان ينبغي أن يتبارى الارزقية من عمل سبوبة على حس هذا الموضوع غير عابئين بتبعات سلوكهم.
الدولة المصرية، بما فيها من أجهزة ومؤسسات راسخة وعظيمة، تمتلك القدرة على الرد الوافي والرادع على كل من تسول له نفسه الاقتراب من أي مؤسسة مصرية، ولكن ان يتبارى أصحاب الاكشاك الفضائية في وصلات الردح والسب والشتائم التى لا تنم عن أي قيم حضارية فهذا لا يمكن ان يبني وطنا، كما انه يعكس غياب الرؤية او الادراك للتوابع.
ليتهم ينشغلوا بحل مشاكل الناس او دعوة مستثمرين لعرض فرص عمل لشبابنا العاطل او مواجهة فساد ولكن يبدو أن هذه الامور لا تلم زبائن ولا تجتذب اعلانات لتغطي ملايينهم الشهرية.
حمى الله مصر وجيشها وشعبها وشرفائها من كل مكروه وسوء، وحماها من أعداء الداخل قبل أعداء الخارج. اللهم أمين.