“الاوتو كاد ” في الكليات الاهلية

 

د.مهندس  /  محمد المعموري 

(كاتب وباحث  عراقي )

في زماننا كنا نَدرس مادة الرسم الهندسي لرسم المقاطع كمبتدئين خطوة بخطوة تبدأ من رسم المستقيم ومن ثم المقطع حتى شكله الثلاثي وابعاده الثلاث ، وهنا كنا نتابع من قبل استاذ المادة واثنان “على الاقل “من مساعديه ، بعد ان يتم شرح المادة من قبل الاستاذ ، وهنا تبدا رحلة الطالب في دقائقه الستين بوضع مخططه على لوحته مع ملاحظات مساعدي استاذ المادة حتى يصبح الطالب قادر على استنتاج المقاطع وبعد فترة من العمل بين الرسم في المرسم الى الواجبات البيتية يبدأ باستنباط المقاطع ورسم ماهو مطلوب منه بمساعدة او دون مساعدة مساعدي استاذ المادة ، والنتيجة ان طالب الهندسة يصبح ملم بمفاتيح الرسم وتعين المساقط ورسم اتجاهاتها الثلاث وما ان تمر السنة الاولى حتى يجتاح كل العقبات التي تواجهه في تخيل الاشياء ورسمها بطريقة تجعله يجتاز الامتحان النهائي بسلام .

لم يكن “الاوتو كاد ” في زماننا مادة تدرس في الرسم الهندسي ولكننا ادركنا اهميتها ففي العقدين الماضيين لاحظنا ان  “الاوتوكاد ” هو المادة البديلة للرسم اليدوي في مرسم الرسم الهندسي حتى تم الاستعاضة عن الرسم اليدوي بمادة الاوتوكاد كنتيجة نهائية بعد ان تطور العلم واحتلت التكنلوجيا محلها بدل يد الانسان في كثير من الامور ، ونحن “عجائز ” الهندسة ادركنا اهمية هذا البرنامج فسعينا الى تعلمه ، ولكننا عندما درسنا مادة الاوتوكاد اول شيء تعلمناه من اساتذتنا   (نوع البرنامج واصداره )  وكذلك تعلمنا بشكل مفصل الاوامر التي يستخدمها البرنامج وكانت تطبق امامنا خطوة بخطوة حتى اننا تمكنا من رسم الخطوط وبعدها الاشكال الهندسية الى ان توصلنا الى نتائجه المبهرة في الرسم الهندسي خطوة بخطوة …  هذا ما تعلمناه .

ولان هوس الهندسة لازال يلاحقني وطموح التعلم يشدني وان عفى علي الدهر الا انني اواكب ما يتم تجديده على هذا البرنامج .

كنت في طريقي الى احد مكاتب الاوتو كاد ، استوقفني حديث شاب مع مدرس مادة الاوتوكاد ، كان الشاب طالب في احدى الكليات الاهلية وكان يسال عن امور كثيرة عن الاوتوكاد ويجد الاجابات المتناثرة من مدرس المادة وهو يرشده الى حلول مايبغيه . وبعد ان فرغ  الاثنان من تحاورهما  وجدت في نفسي فضول لكي اسأل   المدرس عن ما يعانيه الطالب فأجابني انه طالب في احد الكليات الاهلية وان درس الاوتوكاد هو مادة رئيسية بدل الرسم الهندسي والمصيبة ان مدرسي هذه المادة قد حضر معهم محاضرات قليلة ودون ان تدرس المادة كمادة اساسية تأخذ كل جوانبها من ناحية المعرفة بقوانينها واوامرها ، وبعد  كم محاضرة كلف الطلاب بواجب متعدد المطالب فغرق في يم تلك المعلومات هؤلاء الطلاب لعدم درايتهم في اي اتجاه هم يسلكوه ، وبعد هذا الواجب وسعي اكثرهم لحله جاء الامتحان ليبين استاذ المادة عضلاته في اسئلة هو لم يتقرب عليها ولم ينوه بها فكان الطلاب يذهبون شمالا ويمينا بين ما تعلموه وما هو  مطلوب منهم الى ان خرج جميعهم من قاعة الامتحان وهم لا يعلمون اي طريقة مطلوبة  منهم ليسلكوها .

وهنا علي ان اسأل  كمهندس وقد عملت في مشاريع كثيرة وتعلمت ولازلت اتعلم ،  من عباقرة الهندسة وطرق تدريسها ، اسأل هو الغاية من الامتحان ان نجعل الطالب عاجز عن الاجابة وهل مهمة الاستاذ ان يبين معرفته وجهالة طلابه وهل معنى ان ندرس مادة ان ندرس جوانبها دون ان نخوض في اعماقها ؟

اسئلة تلاحق اسئلة ولكني قد تعلمت شيء من الاوتوكاد ممن درسني هذه المادة فلم اجد صعوبة في فهمها لان من درس تلك المادة كان حريص على ان يجعل مادته تتناسب مع فهمي لها وطريقة تدريسه سهلت علي فهم قوانينها فكانت النتيجه انني اخذت من علم معلمي لأخدم  به تعطش افكاري لهذه المادة .

واهمس في اذن من يدرس مادة علمية كهذه ، عليه ان يعلم ان بعض الطلاب حتى يجهل استخدام قوانين الأوتوكاد فعليه ان يتدرج معهم خطوة بخطوه وليس مهم  اسئلة الامتحان  (الشبحية)  بقدر ما هو اهم وهو مدى استفادة الطلاب من فهم وتطبيق هذا البرنامج المهم في حياة المهندس  .

ولكم مني المحبة . 

Related posts

Leave a Comment