أعداء الإسلام يسخرون من تحريم النسب بالرضاعة مقال للكاتبة ريم ماهر

 

اعداد -محمود أبو مسلم

سخر أعداء الإسلام من تحريم النسب بالرضاعة على إعتبار أن الرضيع تتحدد صفاته بالحمض النووي للنطفة الأمشاج وبالتالي لا يمكن للبن المُرضعة أن يغير صفات الرضيع وإلا لكانت البقرة أُماً للرضيع إذا رضع لبنها
واعتبر أعداء الإسلام أن هذا التشريع لا يستند لأساس علمي وأن أحكام الرضاعة في الإسلام تم أخذها من عادات العرب التي سبقت الإسلام فقال أحدهم
(تشريع الرضاعة مأخوذ من عادات العرب قبل الإسلام)
أن العرب قبل الاسلام كانوا يقولون نصاً:
“حُرمة الرضاعة كحُرمة النسب”
بينما كان نبينا الكريم يقول: (يحرم من الرضاعه ما يحرم من النسب).

فهل فعلاً الرضاعة لا تؤثر في صفات الرضيع الوراثية؟
وهل أخذ الإسلام تحريم النسب بالرضاعة من العرب قبل الإسلام؟
وهل رضاعة لبن الحيوانات له قيمة في النسب؟

بالرجوع الى النص المزعوم (حرمة الرضاعة كحرمة النسب) نجد أنه لا وجود له
فالعرب قبل الاسلام كانت لهم شعائر لتعظيم الرضاعة ولم ينفوها يوماً

من المعلوم أن قرابة الدم ليست روحية فقط فمحبة شخص لأخر ليست هي سبب القرابة أبداً ولكن هناك سبب مادي مُعتبر في الإسلام وهو الصفات الوراثية التي تنتقل من الآباء إلى الأبناء عبر الأمشاج الذكرية والأنثوية التي تتحد معاً في بطون الأمهات مُنتجةً
النطفة الأمشاج (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج) حيث تم مشج صفات النطفتين معاً فتم تقدير الصفات الجديدة للجنين (من نطفة خلقه فقدره) فكانت القرابة مادية بتأثير نطفة الأب التي قد تنزع شبه الولد للأعمام بتأثير نطفة الأم التي قد تنزع شبه الولد للاخوال

ولنا أن نسأل هل قرابة الرضاعة مادية مثل قرابة الدم حتى تستحق تحريم النسب؟
والجواب من وجهة نظري القاصرة هو نعم فالقرآن قسّم المُحرمات من النساء في آية واحدة إلى ثلاثة أقسام على حسب التأثير الوراثي المادي فقال الله:
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا).
فهذا الترتيب في ذكر المُحرمات من النساء يجعل تحريم النسب بالرضاعة وسط بين تحريم النسب بقرابة الدم وتحريمه بالمصاهرة ولا شك في أن هذا الترتيب مُعجز من حيث بيان شدة التحريم من الأعلى الى الأقل بحسب قوة الإرتباط الروحي والمادي الوراثي
وهي كالتالي:

١. بدأ الله المحرمات بقرابة الدم لأنها الأكثر تأثيراً على الصفات الوراثية (أمهاتكم، بناتكم، أخواتكم، عماتكم خالاتكم، بنات الأخ والأخت).

٢. ثم ذكر الله المحرمات بقرابة الرضاعة (أمهاتكم وأخواتكم من الرضاعة) ولعل في ذلك إشارة لأن لها تأثير مُشابه لقرابة الدم ماديا ومعنويا ولكن بدرجة أقل لكونها جاءت في الترتيب الثانى بعد قرابة الدم

٣. ثم ختم الله المحرمات بقرابة المُصاهرة لأن تأثيرها معنوي ويكاد يكون تأثيرها الوراثي مُنعدم وتشمل (امهات نسائكم، الربائب من المدخول بها، حلائل الأبناء من صلبكم الجمع بين الأختين)

وقد أكدت السُنة النبوية على أن قرابة الرضاعة لها سبب مادي مرتبط بعدد الرضعات فلا يحرُم النسب بالرضعة والرضعتان (لا تحرم المصة ولا المصتان) وإنما بخمس رضعات مُشبعات على الأقل بحسب الراجح من أقوال أهل العلم وفي ذلك دلالة على أن التأثير مُرتبط بالكم فكلما زادت الرضعات زاد الأثر المادي للبن المُرضعة على الرضيع وهناك أحاديث أكدت على أن قرابة الرضاعة لا تثبت إلا بأثرها المادي في الرضيع من حيث إنبات اللحم والعظم فعن بن مسعود أنه قال (لا رضاعَ إلَّا ما شدَّ العَظمَ وأنبتَ اللَّحمَ)
هل لبن الرضاعة له تأثير وراثي؟

الجواب قولاً واحداً هو نعم

بصفة عامة أثبت العلم أن ما نتناوله من غذاء له القدرة على التأثير على الصفات الوراثية بآليات عديدة فظهر حديثاً علم جديد اسمه علم الجينات الغذائي وهو علم يدرس تأثير أنواع الطعام المختلفة على النشاط الجيني للإنسان من حيث الصحة والمرض فالغذاء يمكنه أن يحمي الجينات ما يمكنه أن يصيبها بالتلف فتنشأ عن ذلك أمراض لا تُعد
وبصفة خاصة وجد العلماء أن لبن الرضاعة له تأثير وراثي على الرضيع وذلك من خلال عدة آليات أقواها هو التأثير اللاجيني لأنه يمكن أن يمتد للأجيال التالية وإن كانت الأبحاث تشير أيضا لتأثير بعض المكونات الوراثية التي تخرج مع اللبن مثل الخلايا الجذعيه الريبوزيه والتي قد تؤثر على الصفات الوراثية للرضيع

هل الرضاعة من ألبان الحيوانات تؤثر مادياً في صفات الرضيع الوراثية؟

الجواب هو نعم فألبان الحيوانات مثل أي طعام يمكنه التاثير على صفات البشر الوراثية وخصوصاً بطريقة لاجينية وقد أشرت لذلك في بداية البحث ولنأخذ ألبان البقر كمثال حيث تناولتها عدة دراسات علمية أثبتت ان رضاعة لبن البقر قد يؤدي إلى تغير لاجيني دائم ويسبب عده مراض منها السُكري وتنكيس الاعصاب والسرطان وحساسية الصدر

ولعل هذا الضرر من ألبان الحيوانات يبين لنا عظمة التشريع الإسلامي حين أباح الرضاعة من أم بديلة حفظاً لحياة الجنين وصيانةً لصحته وفي نفس الوقت حرص الإسلام على عدم إنتقال التأثير الوراثي للبن المُرضعة للاجيال التالية فحرم النسب بالرضاع فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة

ولكن لماذا لم يحرم الإسلام النسب مع الحيوانات عند الرضاع من ألبان الحيوانات؟
ببساطة لأن الزواج من الحيوانات مُحرم في الإسلام فالأمر هنا عادياً وليست له علاقه بالأنساب أبداً فالحيوانات ليست لديهم قوانين ضابطه للأنساب.

Related posts

Leave a Comment