كتب أحمد أسامة
تبقى ليبيا محوراً هاماً من محاور الصراع على النفوذ في القارة الإفريقية، لذلك فهي غارقة في أزماتها السياسية المتواصلة، وتتغلغل عصابات ومجموعات خطيرة فيها، بحماية الدولة ومؤسساتها في أحيان كثيرة. ونظراً لموقعها الجغرافي الهام فهي تستقطب الكثير من المهاجرين الباحثين عن حياة مقبولة من قلب إفريقيا مروراً بها وعبر البحر الى أوروبا.
وقد سبق وأن تداولت وسائل الإعلام الليبي في الآونة الأخيرة خبر ترحيل أكثر من 200 مهاجر غير شرعي من جنسيات مختلفة إلى بلدانهم بالتعاون مع حكومة الوحدة الوطنية المنتهية الولاية في طرابلس والجهات المختصة وفق ما أعلنه جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي.
وبعد الإستماع إلى قصص هؤلاء المُرحلين، لدى الإعلام السوداني والناشطين على مواقع التواصل الإجتماعي إنكشف الجانب الآخر لهذه العملية وظهرت حقائق كانت مخفية لمدة ليست بقصيرة من الزمن.
فقد تناول مقال في إحدى الصحف السودانية عدة شهادات لمهاجرين سودانيين مروا بأصعب الظروف وتلقوا كافة أشكال الذل والإحتقار في البلد الشقيق ليبيا، عندما حاولوا العبور منها الى أوروبا، مما أثار ردود فعل وسخط من قبل مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي الليبيين على حكومة الدبيبة المسؤولة عن معاناة هؤلاء.
فهيمنة الميليشيات المسلحة المدعومة من قبل رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة، وإستغلالهم للمهاجرين وإبتزازهم لهم لأقصى درجة، برزت في رواية أحد المهاجرين الذي تحدث عن دور الدبيبة ووزيره الطرابلسي بتعذيب المهاجرين الذين إحتجزوهم لفترات طويلة وعرضوهم للإهانة والتنكيل.
حيث قال: “بعدما انتهى بنا المطاف في مركز احتجاز للمهاجرين بالقرب من طرابلس، بدؤوا يأخذوننا إلى مصنع التبغ لمدة يوم كامل. وكان كبار المسؤولين في الحكومة الليبية يأتون ليستمتعو بمشاهدتنا نتعرض للضرب والتعذيب، بل كان بعضهم يقوم بالتعذيب بنفسه. وبعدما فك أسري تفاجأت بأن أحد المسؤولين عن التعذيب هو الدبيبة رئيس الحكومة بعدما شاهدته على التلفزيون.”
وبحسب المصادر، فإن عماد الطرابلسي المكلف من الدبيبة بتسيير مهام وزارة الداخلية إبتداءاً من أوائل نوفمبر العام الجاري، قد أشرف بنفسه على ترحيل المهاجرين. مما يدل على محاولة منه ومن الدبيبة طمس الأدلة والحقائق التي يحملها المهاجرون المحتجزون بتجربتهم القاسية في ليبيا، والتي تجرّم الدبيبة وحاشيته، وتفتح عليهم ملفات وقضايا ضد الإنسانية.
يُشار الى أن عبد الحميد الدبيبة تم اختياره في الخامس من فبراير من قبل ملتقى الحوار الليبي رئيسا لحكومة الوحدة الوطنية، والتي كان يفترض بها بعد نيلها اعترافاً أممياً ودولياً، أن تمهد الطريق لانتخابات تشريعية ورئاسية، لكنها فشلت بذلك، مما أدى الى قرار مجلس النواب الليبي برئاسة عقيلة صالح سحب الثقة من الدبيبة في سبتمبر/أيلول من العام نفسه.
كما كان قد رصد تقرير ديوان المحاسبة الليبي، منذ شهرين، عدة تجاوزات ومخالفات مالية وعمليات تلاعب وهدر للمال العام ارتكبتها الكثير من مؤسسات الدولة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، من بينها ديوان رئاسة الوزراء، الذي اتهمه التقرير باستخدام حساب الطوارئ لغير الأغراض المخصصة له وقام بأداء مصروفات تخص بنود الباب الثاني بالمخالفة للقانون المالي للدولة