أهمية الذاكرة في بناء شخصية الطفل

بقلم أحمد عبد الحميد.

تلعب الذاكرة دوراً هاما ومحوريا في بناء وتكوين شخصية الطفل، فكل ما سيتعلمه الطفل من معلومات وكل ما سيمر به من مواقف وأحداث وتجارب، سوف يحتفظ به بهذه الذاكرة ويستعيده منها عند الحاجة، وبالتالي فإن قناعاته وأفكاره وميوله وصفاته التي تشكل شخصيته، ستكون مبنية على هذه الذاكرة، ويمكن تلخيص تأُثير الذاكرة في بناء شخصية الطفل بعدة نقاط منها:

– حفظ المواقف والأحداث: فبعض المواقف التي يمر بها الطفل تعد ذات أهمية كبيرة بالنسبة له، مثل تعرضه لخطر معين أو مروره بموقف مرعب، والطفل سوف يكَون خبرة معينة من مروره بهذا الموقف ويحفظها في ذاكرته، وسوف يستعيد هذه الخبرة أو الذكرى كلما مر بموقف مشابه ويستجيب نحوه بطريقة معينة.

– الذاكرة والعملية التربوية
كيف يمكن استخدام ذاكرة الطفل في العملية التعليمية والتربوية؟
تتميز ذاكرة الأطفال بأنها عميقة، ويمكن للطفل أن يحتفظ بالخبرات والذكريات بطرقة أسرع واثبت في ذهنه وذلك بحكم أن الذاكرة في مرحلة الطفولة لم تكن قد ازدحمت بعد بالكثير من المعلومات والمعارف والأفكار، وهذا ما دفع العديد من علماء التربية إلى الاعتقاد بأن التعليم في مرحلة مبكرة من عمر الطفل يعتبر أفضل وأكثر تأثيراً وجدوى وخاصة بالاستفادة من الذاكرة قصيرة المدى، وبالتالي تبدو أهمية البحث عن الطرق التي يمكن من خلالها استغلال ذاكرة الطفل بالعملية التعليمية التربوية، ومن هذه الطرق:

– تعليم بعض المهارات بسن مبكرة: ولكن مع الأخذ بالاعتبار قدراته الجسدية التي لم تنمو بما فيه الكفاية بعد، ولكن يجب العمل على تطويرها حال ظهورها وبالسن المناسبة لها، مثل تعليم استخدام الأدوات والكلام، وفي مرحلة لاحقة تعليم القراءة والكتابة أو لغة أخرى من خلال استخدامها معه باستمرار وتحفيزه على ممارستها.

– تمكين مواهب الأطفال منذ بداية ظهورها: فالطفل في سنه المبكرة يتمتع بمرونة عقلية ونفسية وجسدية كبيرة تتقلص كلما تقدم بالعمر، ولذلك وعند ظهور بدايات مهارة أو موهبة لديه فيجب العمل فوراً على تنميتها وتشجيعه على الاستمرار بها، فما سوف يكونه من خبرات عن هذه الموهبة ويحتفظ بها بهذا العمر، غالباً ما سوف يبقى معه بقية حياته ولا ينساه.

– غرس القيم والمبادئ الاجتماعية والأخلاقية: مثل الاعتماد قدر المستطاع على النفس واحترام الكبار وعدم التلفظ بكلام بذيء وآداب الطعام، فإن تعلم الطفل هذه الأشياء في عمره الصغير سوف تصبح جزء من شخصيته وأسلوبه في الحياة، بل سوف تصبح من صفاته الخاصة التي سيدافع عنها وينصح الآخرين بها.

– تعليم الطفل بعض العادات والسلوكيات الجيدة: من خلال مبدأ المكافأة أو العقاب البسيطة وتمثيل النماذج يمكن تحفيز الطفل على القيام بالاستجابات الجيدة المرغوبة، كرمي المخلفات في المكان المخصص والحفاظ على النظافة والترتيب، والعناية بالأشياء والأغراض، والاهتمام بالقراءة والتعلم.

– تنشيط وتمكين ذاكرة الأطفال باستمرار: عن طريق تعويد الطفل على ممارسة بعض النشاطات مثل القراءة والرسم بالإضافة إلى بعض الألعاب التي يحاول فيها الطفل فك الرموز والألغاز أو القيام بعمليات حسابية بسيطة، حيث تعد مثل هذه النشاطات الذهنية ضرورية لتنشيط عقل الطفل وذاكرته.

– ربط المعلومات المراد من الطفل حفظها بأشياء محببة بالنسبة له: مثل الربط بين ضرورة نجاحه في الامتحان وحفظ بعض المعلومات بالوصول لغاية معينة لديه كالتشبه بقدوة أو شخصية تلفزيونية معينة، هذا بالإضافة لعرض المعلومات عليه بطريقة فكاهية لا تخلو من الإثارة واللعب.

إذاً ذاكرة أطفالنا ليست مجرد مستودع أو خزان جامد للمعلومات والأفكار، وإنما هي تقنية بشرية للتعلم والتطور والارتقاء، والذكريات التي يجمعها طفلك ويدركها سوف تصبح جزءً من شخصيته وطريقته في فهم الحياة ومعانيها،

Related posts

Leave a Comment