من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه..

بقلم/الحسيني احمد المقاول/و/هويدا خلف

ياأصحاب الهمم والشموخ .. من منا لم يتعرض للقيل والقال ؟ ومن منا لا يخشى ردود فعل الناس وكلامهم ؟ وهل فعلا كلام الناس مضر حتى نأخذ احتياطاتنا منهم ؟ ولماذا الفضوليون يعطون الحق لأنفسهم للتدخل فى خصوصيات الغير؟ ولماذا نرضى بهذه الأقوال ، ولانسأل أنفسنا لما الخوف من مواجهتهم ؟ وما هو الهدف عندما يقوم الشخص بذلك؟ وهل يتوقع أنه بهذه الطريقة يصل إلى مكانة مميزة أو يكسب محبة الناس ؟ أسئلة كثيرة ومتعددة لقد أصبح هذا السلوك الغريب عادة يمارسها عدة أشخاص وهى فى اعتقادهم عادية وطبيعية ، رغم أنها تمس حياة الآخرين ، وأصبح يعانيها كثير من الناس من ذوى الهمم ، لأنه تدخل فى خصوصياتهم ، كما أن هؤلاء الأشخاص يعطون لأنفسهم الحق فى رصد وتتبع أخبار الآخرين ، سواء بحكم الصداقة او الزمالة فى العمل ، أو بحكم القرابة أو الحوار، لكن مع الأسف هذه الظاهرة أصبحت تتخذ أبعادا أخرى ، وتنتشر يوما بعد يوم ، فى مختلف الأوساط ، خاصة مجتمع ذوى الهمم وأصبحت هذه النميمه موجهة بالفطرة للبحث عن مساوئ الجيران والأقارب والزملاء ، ونشر غسيلهم ، سواء فى اللقاءات بين الأصدقاء أو فى مقرات العمل ، أو فى مواقع التواصل الإجتماعى ، ومن ثمة يصبح هذا الفضول نشرة إخبارية و مزادا علنيا يتزايدون فيه سواء من أجل تلحين الكلام ، او الزيادة فيه ، حتى يصبح وكأنه الحقيقة عينها ، و ياليت الأمر ينتهى عند الدردشة بل تتجاوزها إلى غيبه ونميمه وتقيم وإطلاق الأحكام ،

والغريب أننا أكثر أمة تملك آيات وأحاديث تحث على عدم التدخل فى شئون الآخرين .. كما لا يعرف معظمنا أن ديننا يمنعنا من الحكم على الناس أو التدخل فى نواياهم ومعتقداتهم لأن الحكم على البشر ليس من شأن البشر أصلا ، ولأن البشر لا يمكنهم معرفة سرائر القلوب وماتخفى الصدور ، ولأن التجسس جريمة ، ولأن الأفكار والمعتقدات خيار شخصى لايمكن فرضها أو إكراه الناس عليها ، ولأن عيوبنا أولى بالمراقبة والتصحيح ( وطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ) وويل لمن نسى عيبه وتفرغ لعيوب الناس ، ولأن لكل إنسان ظروفه واعذاره التى قد لا تعلم أنت عنها شيئ ، و أعقل الناس أعذرهم للناس ، ولأن هناك احتمال توبه وصلاح من اتهمته أو حكمت عليه ، أو احتمال أن يصبح أفضل منك قبل وفاته ، فالتعامل مع هذا النوع من الحشريين الذين يحاصرون الأفراد ويثيرون الإزعاج ، بداية الأمر الا أنهم يثيرون الشفقة على طريقة التفكير التى يمارسونها وتجعلهم غير مرغوبين من المجتمع المتواجدين فى محيطه ، التدخل فى شئون الآخرين هو سلوك لاأخلاقى منتشر فى مجتمع ذوى الهمم بقصد تصيد أخطاء الآخرين أو ازعاجهم واستفزازهم والشخص المتطفل لايحترم خصوصيات الآخرين ولا مشاعرهم ولاأحاسيسهم و لا ظروفهم الخاصة ، فاالمتدخلين فى شئون الغير يعانون من اضطرابات نفسية واجتماعية غير سوية ، وأسباب تدخل الشخص الحشرى فى شئون الآخرين هو بغرض قضاء أوقات فراغه والتسلية ، حيث أن أغلبهم من الفاشلين والعاطلين عن العمل الأمر الذى يجعلهم يثرثرون كثيرا ويخوضون فيما لايعنيهم ، وأن كثيرا من المتدخلين الحشريين يشكلون خطورة أحيانا إذا كانت نواياهم سيئه من تدخلهم ومعرفة المعلومات والأسرار الحساسة بالآخرين بهدف استغلالهم وابتزازهم ، (فضولية كل من حولى وتدخلهم فى شئون حياتى الخاصة والعامة يزعجني )، وأن كثيرا من الناس وخاصة مجتمع ذوى الهمم يضيع من وقته وجهده فى تتبع خصوصيات الغير ، لمجرد إضاعة الوقت ويصبح مرضا عنده ولو شغل نفسه بما ينفعه فى دنياه وأخرته لكان أنفع له من التدخل فى شئون الآخرين ومراقبة تحركاتهم والتفوه بملاحظات ساذجة أو معاتبة لاذعة لهم ، وكما لايرغب المرء فى أن يتدخل الأخرون فى شئونه عليه هو ألا يتدخل فى شئون الآخرين ، لأن حياة الإنسان الخاصة ملك له ، وأسراره وقضاياه الشخصية حصن داخلى لا يرغب فى تجاوز الآخرين عليه ، وكما لا يرغب المرء بأن يقتحم الآخرون عليه بيته دون استئذان أو موافقة منه ، كذلك الحال مع أى تدخل فى شئون الآخرين الخاصة ، فهو تصرف غير مقبول أيضا ، فهو عدوان على الآخرين ، لما فى ذلك من أذى شخصى ، أن العلاقة القريبة بالآخرين لاتجبر للمرء التدخل فى شئونهم الخاصة ، ولايجوز أن يبرر ذلك التدخل بإسداء النصيحة أو ممارسة الأمر بالمعروف ، ذلك أن إعطاء النصيحة له ضوابطه، وتقديمها يكون فى حال الطلب ، كما أن النصيحة لها أدابها ، ومن ذلك عدم ملاءمتها فى حال انعدام رغبة الآخرين فى الإستماع لها ، فى مجتمع ذوى الهمم على الخصوص الأغلب عندهم سيطرة الفضول ، بل لا يكاد يوجد فيها حدود للحياة الخاصة للأفراد ، لدرجة يكاد يبدو فيها الفرد صفحة مفتوحة للآخرين بما فى ذلك أخباره وخصوصياته فلا يوجد هناك احترام للحياة الخاصة ، ومهما حاولنا ان تتجاهل الفضوليين وكلامهم ، فأننا لانستطيع تفادى تأثيراتهم النفسية علينا ، وخاصة المرأة التى هى أكثر عرضة للكلام ، وتجد نفسها ملاحقة بالأقاويل مهما فعلت ، كثيرا ماتصلنى الأقاويل التى يتحدث بها الآخرون عنى لكننى لاأعطيها أهمية كبرى ، لأننى أعتبر هؤلاء الأشخاص غير واعين ، بل مرضى نفسيين ، يجدون راحتهم فى التدخل فى خصوصيات غيرهم ، لهذا نستنتج أن احترام خصوصية الآخرين هو من أكثر الأمور التى تعبر عن مدى تحضر الإنسان ، وقيمته فى الحياة، ومستوى البيئه التى يعيش فيها ، لذلك نقول لكل حشرى عدم التدخل فى شئون الآخرين واجب عليك وليس كرم منك ، وعدم التدخل فى خصوصياتى فرض عليك ، لذلك فأننى أحمل نفسى الشعور الغير مريح تجاه بعض هؤلاء الأشخاص الحشريين من ذوى الهمم . . حاول أن تتحمل ظلم الناس لكن عندما يأتى دورك لا ترحم أحدا .

Related posts

Leave a Comment