كتب- محمود مسلم
تدور قصة اليوم حول أم المؤمنين السيدة حفصة ابنة الفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنهما- ولماذا طلقها رسول الله – صل الله عليه وسلم- ثم راجعها.
التقارب بين حفصة وعائشة رضي الله عنهما
كان هناك تقاربًا شديدًا بين السيدة حفصة والسيدة عائشة منذ أن تزوجها رسول الله -صل الله عليه وسلم- وكانت حفصة رضي الله عنها تراجع النبي، فلما بلغ عمر رضي الله عنه أنها تراجع رسول الله، دخل عليها وقال لها: «أتراجعين رسول الله قلت: نعم قال: وتهجره إحداكن اليوم إلى الليل قلت: نعم قال: قد خاب من فعل هذا منكن أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله فإذا هي قد هلكت؟ لا تراجعي رسول الله وتسأليه شيئا وسليني ما بدا لك ولا يغرنك إن كانت عائشة أوسم وأحب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك».
لماذا طلق النبي صلي الله عليه وسلم السيدة حفصة ؟
طلق رسول الله – صل الله عليه وسلم- السيدة حفصة لإفشائها سرًا له للسيدة عائشة، وعندما بلغ عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – خبر طلاق النبي لابنته حثا التراب على وجهه وقال: «وما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها»، خاصة وأنه اعتبر نفسه حقق مكسبًا كبيرًا جدًا بتزويج ابنته من رسول الله، فصار النبي صهره.
فنزل جبريل عليه السلام من الغدِ على النبي عليه الصلاة والسلام، فقال: إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمةً بعمر. (أي لمكانة عمر عند الله)، وفي رواية أخرى: « إن الله يأمرك أن تراجع حفصة فإنها صوامة قوامة وزوجتك في الجنة».
ماهو السر الذى افشتة السيدة حفصة للسيدة عائشة ؟
تعددت الروايات في هذا السر الذي أفشته أم المؤمنين «حفصة» وفي أسباب نزول سورة التحريم ومنها:
1/السيدة ماريا
أن السيدة حفصة – رضي الله عنها- علمت أن النبي صل الله عليه وسلم قد خلا بالسيدة مارية رضي الله عنها في بيت السيدة حفصة، فبكت ابنة عمربن الخطاب مقهورة فاسترضها الرسول الكريم بأن حرم السيدة مارية على نفسه موصيا السيدة حفصة بالكتمان، ولكنها لم تستطع أن تكتم السر عن عائشة فكأنما أشعلت فيها النار ولجت عائشة – رضي الله عنها- في غيرتها والنساء يظاهرنها على النبي صل الله عليه وسلم، خاصة أن السيدة مارية قد حملت دونهن من رسول الله فترفق النبي بهن ما استطاع مقدرا بواعث هذا التظاهر لكنهن تمادين في اللجاج الى حد الشطط لطول ما أملى لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وما كان رسول الله – صل الله عليه وسلم- فارغ البال لذلك الشطط النسوي المسرف فاعتزلهن جميعا في صرامة لم يألفنها وقال: ما انا بداخل عليهن شهرا ولكن الله لطف بهن فاكتفى بإنذارهن إن لم يتبن فعسى ربه أن يبدله أزواجا خيرا منهن.
2/قصة العسل
كان النبي يمكث عند زينب بنت جحش – رضي الله عنها- ويشرب عندها عسلا، فاتفقت «عائشة» و«حفصة» أن من يدخل عليها رسول الله منهما أن تقول له: «إني أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير؟»، فدخل على السيدة حفصة فقالت له ذلك فقال: لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له وأمرها ألا تخبر أحدًا بذلك ولكنها أفشت السر. (المغافير: هو طعام حلو المذاق كريه الرائحة).
3/قصة الخلافة
روي أن النبي -صل الله عليه وسلم- قد أسر إلى السيدة حفصة بأن من يتولى الخلافة من بعده أبي بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب، ولكنها أفشت السر إلى السيدة عائشة رضي الله عنها فطلقها رسول الله.
وقد وردت قصة إفشاء السر في سورة التحريم، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ۚ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ (4) عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارا5