بقلـــم الأديــب المصـــرى
د. طـــارق رضـــوان جمعــة عقــل
قال الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين:
لقاء الناس ليس يفيد شيئاً ***** سوى الهذيان من قيل وقال
فأقلل من لقاء الناس إلا ***** لأخذ العلم أو إصلاح حال
أنت في الناس تقاس*****بالذي اخترت خليلاً
فاصحب الأخيار تعلوا*****وتنل ذكرا جميلاً
” من نذر نفسه ليعيش لدينه سيعيش متعبا ولكنه سيحيا عظيما ويموت عظيماً”. يقول الدكتور طارق السويدان :”تعلمت في احد المعاهد الامريكية اسس الادارة , فما تكلم أحد عن الاخلاص , حتى دخل علينا دكتور و قال :”اهم شئ هو الاخلاص , أذا اعتقد الناس انك مخلص فستربح”
(فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا. ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى).
برغم محاولات المشرع ضبط المعايير التى تساعد في نزاهة العملية الانتخابية، إلا أنه من جهة ستظل معدلات الفقر والبطالة والأمية محفزات لاستمرار شراء الأصوات، ومن جهة أخرى لابد من التوعية بضرورة التزام كل وسائل الإعلام الحكومية والخاصة بمعايير الحيادية وميثاق شرف إعلامي.
ويعد المال السياسى من أبرز العوامل المؤثرة في العمليات الانتخابية السابقة: لأنه المؤثر الأكبر في تحديد مسار التحالفات الانتخابية المقبلة والدافع لقرارا بعض الأحزاب بتشكيلها لخوض الانتخابات، وقرار البعض الأخر خوضها منفردة استنادا لقدرتها المالية. كماأن هناك تداخل ثلاثى واضح بين المال السياسى والأحزاب ووسائل الإعلام في مصر.
ويظهر المال السياسى وتأثيره فى أشكال منها:
1- رجال الأعمال والعائلات والعصبيات
2- -أحزاب رجال الأعمال…ذات الملاءة المالية: إما حماية المصالح السياسية والاقتصادية أو انطلاقا من قناعة البعض بالمساهمة في بناء دولة مدنية خاصة.
3- التيار الإسلامى وتسلل عناصر الأخوان المسلمين.
تعد أحزاب التيار الإسلامي أحد القوى التى لديها موارد مالية كثيرة، فالمؤشرات تشير إلى دعم جماعة الإخوان المسلمين ماليا من التنظيم الدولى للإخوان المسلمين بالإضافة إلى تلقى الدعم من قوى إقليمية بالمنطقة.
وبدراسة ثالوث المال السياسى والأحزاب والإعلام تجد من الواضح أن كثير من وسائل الإعلام المصرية الخاصة المقروءة والفضائية مملوكة لذوى المصالح من رجال أعمال ورؤساء أحزاب ومرشحين محتملين للبرلمان وحتى بعض الإعلاميين اصبحوا مرشحين محتملين. فهل سيفرد الإعلام مساحات متساويات لكل المرشحين؟ أم أنه إعلام خاص سيُستخدم للإساءة للمنافسين؟ يَا قَوْمِ أُذْنِي لِبَعْضِ الحَيِّ عَاشِقَةٌ وَالأُذْنُ تَعْشَقُ قَبْلَ العَيْنِ أَحْيَانَا
تجد أن الدولةحددت في الفصل الرابع من قانون مباشرة الحقوق السياسية ضوابط استخدام وسائل الإعلام الحكومية فقط. ويمكن الاستدلال من تقرير الاتحاد الأوروبى الذى أشاد بحيادية أداء وسائل الإعلام الحكومية تجاه مرشحى الانتخابات الرئاسية، في حين أنتقد موقف الإعلام الخاص.
كيف تناولت الآداب والفنون قضية الإنتخابات في مصر سواء كانت برلمانية أو رئاسية؟ إن السينما والأدب تجاهلا الإنتخابات الرئاسية تماما ولم يتم تناولها في السينما على الإطلاق سوى في حالة وحيدة بفيلم “ظاظا رئيس جمهورية”. ومن الناحية الأدبية فإن توفيق الحكيم هو الأسبق زمنيا من خلال روايته الأقرب إلى التجربة الذاتية «يوميات نائب في الأرياف» المنشورة عام 1934 والتي تحولت إلى فيلم أخرجه توفيق صالح عام 1969، أما من ناحية السينما فالتجربة المتكاملة الأولي كانت عند يوسف شاهين في فيلم «حب إلى الأبد» عام 1959، وفيه نرى محاميا مشهورا يستعد لخوض الانتخابات البرلمانية وأثناء الحملة فإنه يعرف أن أخاه الوحيد قد تورط في جريمة قتل وأنه قام بالتخلص من زوج إحدى زميلاته ويحدث أن يذهب الشاب القاتل إلى أخيه المحامي ويعترف له بما فعل، ويشعر المحامي أن ما حدث يمكن أن يورطه أيضا في فضيحة تجعله يخسر المعركة الانتخابية فيتحايل على القانون وينصح أخاه أن يختبئ ثم يتصل بزوجة القتيل ويحاول إقناعها أن تعترف بأنها هي التي قتلت زوجها وذلك كي تؤكد لشقيقه مدي حبها له.
والإنتخابات في السينما إرتبطت إرتباطًا عضويًا بالجانب السلبي منها مثل التزوير والرشوة والبلطجة، وكان الدخول إلى دائرة الإنتخابات بجميع أشكالها يعني أن شخصا ما يود الحصول على مكاسب إضافية تتعدد أشكالها في المنصب الأفضل والمال والمكانة الاجتماعية والسياسية ولذلك ظهر مصطلح “المعركة الإنتخابية”.
وظهرت الإنتخابات فى فيلم “إمبراطورية ميم” إخراج حسين كمال عام 1972 حيث المصادمات والإختلافات السياسية داخل الأسرة الواحدة. فهناك الكثير من التجارب الانتخابية التي تصعد بالعمال إلى مجلس الإدارة مثلما حدث في فيلم «أبوكرتونة» إخراج محمد حسيب عام 1991، وفيلم «خيوط العنكبوت» لعبد اللطيف زكي عام 1985، وهو مأخوذ عن رواية «البطانة» لنبيل راغب الفكرة هنا أقرب إلى الموضوع الرئيسي في مسرحية «تاريخ حياة طاغية» لجان بول سارتر، حيث إن البطانة وسطوة الكرسي تفرضان قوانين خاصة للانتخابات وما يحوطها من مكاسب وأن الفائز بالمقعد عن طريق الاقتراع سوف يسير على حسب قواعد كرسي السلطة أكثر مما سيفعل من خلال قناعاته الخاصة.
كما كتب مصطفى محرم فيلمين آخرين الأول هو «حتي لا يطير الدخان» إخراج أحمد يحيي عام 1984 ثم «الفرقة رقم 12» لعبد اللطيف زكي أيضا عام 9191، وفي كلا الفيلمين فإن هناك رجلا فاسدا يعمل في تهريب المخدرات يتمكن عن طريق الانتخابات النزيهة شكلا أن يصير عضوا في البرلمان.
وظهرت أفلام توضح الطرق القذرة وما يحدث فى الإنتخابات ، كتبها كل من وحيد حامد ويوسف معاطي، ولينين الرملي، وبلغت جميع تفاصيلها في فيلم «بخيت وعديلة2» «الجردل والكنكة» الذي أخرجه نادر جلال عام 1997. وكشف فيلم “طيور الظلام” عما يدور في كواليس الحملات الانتخابية.
لابد من تحديد الآليات التى ستقوم من خلالها اللجنة بمراقبة الأموال المخصصة للإنتخابات، وأن يمتد عملها لرصد التجاوزات التى قد تحدث من قبيل توزيع هدايا ومساعدات عينية في المناطق الفقيرة والريفية. كذلك التحويلات التى قد تأتى من الخارج ويمكن أن تكون دعم موجه لفئة ما.
وأخيرا أنصح نفسى ومن ينوى الترشح فمن لم يشكر النعم , فقد تعرض لزوالها و من شكرها فقد قيدها بعقالها. فإذا كنت في نعمة فارعها
فأن المعاصي تزيل النعمْ.