الدكتور / / هاني عبد الظاهر يتحدث في اخلاقيات مهنة الطب والعقوبات الناجمه عن مخالفتها …

متابعي الاعزاء في كل مكان سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وكل عام وانتم بخير بمناسبة حلول الشهر الكريم ..

 

اليوم نتناول موضوع يمسنا جميعا بل ويمس قطاع كبير من الناس ، ألا وهو الأخلاقيات التي يجب ان يتحلي بها الطبيب بشكل عام 

 

اعزائي المتابعين  ان 

أخلاقيات المهنة : هي توجيهات مستمدة من القيم والمبادئ تعنى بكيفية التصرف اللائق أثناء ممارسة الأنشطة المهنية المختلفة . أما أنظمة المهنة : فهي مجموعة من القواعد والتشريعات التي تنظم عمل الممارسين للمهنة ويترتب على انتهاكها عقوبات فهي نوع من القوانين .

ومن هنا فأخلاقيات المهنة تشير إلى الكيفية التي ينبغي للطبيب أن يتصرف بها ، بينما أنظمة المهنة تشير إلى الكيفية التي يجب على الطبيب أن يتصرف بها . وتجدر الإشارة هنا إلى أن أنظمة المهنة تحتاج ابتداء إلى تقعيد وتأسيس من خلال أخلاقيات المهنة .

  • لقد جعل الإسلام حفظ النفس البشرية وصيانتها في المرتبة الثانية بعد حفظ الدين ، فقد حرم الإسلام قتل النفس إلا بالحق ، وأوجب القصاص ، وحرم الاعتداء على النفس ، قال تعالى ( … أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً … الآية ) ]المائدة: 32[ .

ولأن مهنة الطب تتعلق بالنفس البشرية ، وبصحة الإنسان وحياته ، وقاية لها مما يعطلها أو يزيل وجودها ، وبالعقل البشري وقاية له مما يعطله أو يفقده وجوده ، ولكون الطبيب مؤتمن على صحة الإنسان وهي من أثمن ما لديه ومؤتمن على أسرار المرضى وأعراض الناس كان لنا هذا اللقاء مع الأستاذ الدكتور محمد سعد عبد اللطيف المفكر والعالم ,استاذ الكيمياء الحيوية فقد أجمع العلماء والحكماء على شرف مهنة الطب وعظم أهمية الطبيب . قال الشافعي رحمه الله : (صنفان لا غنى للناس عنهم : العلماء لأديانهم ، والأطباء لأبدانهم) ا.هـ. وذكر الرازي في فضل الأطباء : (أنهم قد جمعوا خصالاً لم تجتمع لغيرهم ، منها اتفاق أهل الأديان والملك على تفضيل صناعتهم ، واعتراف الملوك والسوقة بشدة الحاجة إليهم، ومجاهدتهم الدائمة باكتشاف المجهول في المعرفة وتحسين صناعتهم ، واهتمامهم الدائم بإدخال السرور والراحة على غيرهم) فإن عرف الطبيب قدر مهنته وعظيم شرفها لم يسعه إلا أن يتصرف بما يليق بقدرها ومكانتها . فيسمو بنفسه عن ارتكاب كل ما لايليق به وبمهنته من أعمال وخصال تسيء لسمعته وسمعة مهنته ، من خداع في العمل وخلف للمواعيد ، وكذب وتزييف وتكبر ، وادعاء ما لا يعرف ، وغير ذلك من المذمات التي لابد أن تعرف إن عاجلاً أو آجلاً ، فينقص ذلك من قدره عند الناس ويكتب في كتاب سيئاته عند الله تعالى .

وتزداد مهنة الطب شرفاً إذا روعي فيها شرطان أساسان . أولهما: أن تمارس بكل إتقان وإخلاص : قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) . وثانيهما: أن يراعي الطبيب في سلوكه وتصرفاته الخلق الكريم 

على الطبيب أن يجيد عمله ويتقن صنعته ويتصف بكل صفة حسنة تليق بالشرف الرفيع الذي حباه الله عز وجل لمن يقضون حوائج الناس ويمسحون آلامهم ويفرجون كربهم مصادر أخلاق المهنة:

  • تتبع الأخلاق والآداب المهنية من تعاليم الإسلام الحنيف التي تدعو إلى مكارم الأخلاق ، وحسن الأداء ، ومراقبة الله عز وجل في كل عمل ، قال صلى الله عليه وسلم بعثت لأتمم حسن الأخلاق) .

 

كما تستفاد الأخلاق المعنية مما تعارف عليه الناس من مكارم الأخلاق والأعراف السائدة في الموروث المحلي والمكتسب من الحضارات الأخرى بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية . وقد تستقى الآداب المهنية من نتائج البحث العلمي أيضاً ، وأصول المهنة التي تبنى عليها الممارسة .

وللأخلاق في الإسلام خصائص تجعلها مختلفة عما في نظم وتشريعات الحضارات الأخرى منها:

  1. أنها ربانية المصدر :

فالأخلاق الإسلامية ليست جهداً بشرياً أو نظاماً وضعياً ، وإنما نابعة من شرع خالق البشر الذي يعلم ما يصلحهم وما يفسدهم . فمن الأخلاق ما أثبته الشرع ابتداء ، ومنها ما أقره مما تعارف عليه الناس ، وما لم يرد فيه نص خاص فهو مندرج تحت نصوص عامة ومصالح تحرص عليها الشريعة الإسلامية .

  1. أنها عبادية المقصد :

إن المسلم يدفعه إيمانه للتحلي بمكارم الأخلاق . قال صلى الله عليه وسلمأكمل المؤمنين إيماناً، أحسنهم خلقاً) ، فالطبيب لا يلتزم بمسؤولياته وواجباته حفاظاً على سمعته ، أو دعاية لنفسه لينجح مادياً أو اجتماعياً ، أو خوفاً من العقاب ، وإنما قبل ذلك وبعده تحقيقاً لعبودية الله تعالى بطاعته والتزام شرعه واتباع مرضاته .

  1. أنها ثابتة :فالطبيب المسلم يتحلى بمكارم الأخلاق :
  • تتبع الأخلاق والآداب المهنية من تعاليم الإسلام الحنيف التي تدعو إلى مكارم الأخلاق ، وحسن الأداء ، ومراقبة الله عز وجل في كل عمل ، قال صلى الله عليه وسلم بعثت لأتمم حسن الأخلاق) .

من بين تلك الأخلاق

  1. الإخلاص واستشعار العبودية لله :

من أهم ما يجب أن يتصف به الطبيب إخلاص النية لله تعالى ، واستشعار العبودية له سبحانه ، قال الله عز شأنه وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ]الذاريات:56[ . فإذا كان الله لم يخلق خلقه إلا لعبادته فإن تعبد الله بكل الأعمال بما فيه نشاطاته المهنية يصبح من أوجب الواجبات .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) فعلى الطبيب المسلم أن يخلص أعماله كلها لله تعالى . وعليه أن يستشعر مراقبة الله عز وجل له في كل أحواله ، وأنه محاسب على كل صغيرة وكبيرة .

  1. التحلي بمكارم الأخلاق :

‌أ- الصدق :الصدق صفة أساسية من صفات المؤمن قال تعالى(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) ]التوبة:119 [.وهو ليس صدق الكلمة فحسب ، بل هو صدق النية وصدق العمل والأداء أيضاً . ولذا فهو يشمل العلاقات الإنسانية كلها . ولا يليق بمن كان قدوة لغيره موصوفاً بالمعرفة والحكمة أن يتهم بالكذب ناهيك أن يعرف به . ولا شك أن الطبيب من قيادات المجتمع ، يأوي إليه المكروب بالعلل والآلام وهو واثق من صدق الطبيب في عمله وقوله ، فإن اهتزت تلك الثقة ضاع كل جهد الطبيب ولم يجد علمه وحذقه .

‌ب- الأمانة والنزاهة :الطبيب مؤتمن على الأرواح والأعراض ، فلابد أن يتصف بالأمانة ، وأن يؤدي هذه الأمانة على وجهها الصحيح . قال تعالى واصفاً المؤمنين والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون)]المؤمنون:8[ ومن الأمانة المحافظة على أسرار المرضى وما يطلع عليه الطبيب من مكنوناتهم .

‌ج- التواضع واحترام الآخرين :على الطبيب أن يكون متواضعاً فلا يتكبر على مرضاه أو يحتقرهم مهما كان شأنهم ، كما عليه أن يحترم كل من يتعامل معه من مرضى أو أوليائهم ، فهذا يجعله موضع احترام الآخرين . ومن تواضع لله رفعه . قال صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر) .

‌د- الصبر والحلم :الطب مهنة شاقة مضنية ، والتعامل مع نوعيات مختلفة من فئات المجتمع يتطلب قدراً كبيراً من الصبر وسعة الصدر . فلابد للطبيب أن يتحلى بقدر كبير من الصبر والحلم والأناة . فالطبيب الصبور يتحمل تصرفات المرضى ويعذر ضيق خلق بعضهم بسبب المرض والألم ، ولا يقابل الأذى بمثله كأن يمتنع عن معالجة مريض أغلظ القول مثلاً ، أو يقصر في إعطائه حقه الكامل من الرعاية .

‌ه- العطف والمحبة :ينبغي أن يكون الطبيب محباً لمرضاه ، عطوفاً عليهم ، رفيقاً بهم وعليه أن يكون لبقاً ، متلطفاً بمرضاه ، فلا يقول لهم مايوهنهم أو يوقعهم في براثن اليأس . والطبيب الناجح يراعي نفسية المريض ، ويلجأ إلى الأساليب التي تعين على التخلص من الأوهام ، ويوصل إليه حقيقة المرض بلطف ودقة تناسب فهم المريض واستعداداته الذهنية والنفسية .

‌و- الإنصاف والاعتدال :الاعتدال هو أحد القواعد الأساسية التي ينادي بها الإسلام ، فلا إفراط ولا تفريط . قال تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)]البقرة:143[ . فالطبيب يجب أن يكون منصفاً لمرضاه عادلاً في معاملتهم ، وذلك لأنهم في كثير من الأحيان يسلمون إليه أمورهم ، ثقة به ولحاجتهم إلى نصحه وخدمته فلا يجوز أن يستغل الطبيب هذه الثقة وهذه الحاجة فيغمط المريض حقه ، سواء كان ذلك الحق في نوع الرعاية الطبية المناسبة للمريض أو في التكلفة المادية التي تثقل المريض أو وليه أو جهة عمله .

  1. محاسبة النفس :

الطبيب في الغالب شخصية مرموقة تحصى خطواته ، ولذا فإن أخطاء الطبيب وزلاته كثيراً ما تكون شأناً عاماً يتناقله الناس . ومن ثم فإنه ينبغي للطبيب أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسبه غيره ، أو أن تتناقل أخطاءه الألسن . ومحاسبة النفس تكون في كل أمر حتى ما يحقره المرء من زلات وهفوات ، كأن يجامل بعض الناس على حساب بعضهم ولو بقدر يسير ، أو يقدم أو يؤخر دون وجه حق ، أو يتأخر عن مرضاه ، أو يتكلم دون حساب لكلماته .

  1. البعد عن محقرات الأمور وصغائرها :

لا يليق بالطبيب أن يخوض في أمور مستقبحة شرعاً أو مستهجنة اجتماعياً ، كالنميمة والهمز واللمز والهذر وكثرة الكلام والجدل وكثرة الضحك والتلفظ بالألفاظ غير المقبولة في المجتمع وخاصة أثناء أدائه لواجبه . كما يحسن بالطبيب أن يتجنب ما يسمى بخوارم المروءة وإن كانت مأخلاق الطبيب وخصائصه:

على الطبيب أن يعلم جيداً أنه في موضع قيادة المجموعة التي يكمل بعضها بعضاً في الحقل الطبي، وأنه في موضع القدوة منهم . وبالتالي فعليه أن يتحلى بعدد من الأخلاق ويعمل على تنميتها في نفسه وفيمن حوله ممن يعملون معه .

 حسن معاملة المريض :

من واجب الطبيب نحو مريضه حسن معاملته في كل الأحوال ، ويشمل ذلك الأمور التالية :

  1. حسن الاستماع لشكوى المريض وفهم معاناته .
  2. تجنب التعالي على المريض والنظرة الدونية ، أو الاستهزاء والسخرية به مهما كان مستواه العلمي أو الاجتماعي .
  3. احترام وجهة نظر المريض ، خاصة في الأمور التي تتعلق به شخصياً ولا يمنع ذلك من توجيه المريض التوجيه المناسب .
  4. المساواة في المعاملة بين جميع المرضى وعدم التفريق بينهم في الرعاية الطبية بسبب تباين مراكزهم الأدبية أو الاجتماعية أو شعوره الشخصي نحوهم .
  5. الرفق بالمريض عند الفحص .
  6. عدم ارتكاب مخالفات شرعية مثل الخلوة بالأجنبيات أو الكشف عن العورات أو غيرها بحجة علاقته المهنية بالمريض أو المريضة .
  7. إجراء الفحوص الطبية اللازمة للمريض دون إضافة فحوص لا تتطلبها حالته المرضية .
  8. الاقتصار في وصف الدواء أو إجراء العمليات الجراحية على ما تتطلبه حالة المريض .
  9. الامتناع عن أي ممارسات قد تضر بالمريض مثل استخدام طرق تشخيصية أو علاجية غير متعارف عليها أو معترف بها علمياً .
  10. تحري الصدق في إخبار المريض أو من ينوب عنه بالحالة المرضية وأسبابها ومضاعفاتها ، وفائدة الإجراءات التشخيصية والعلاجية ، وتعريفهم بالبدائل المناسبة للتشخيص أو للعلاج بأسلوب واضح .
  11. إحالة المريض إلى طبيب مختص بنوع مرضه أو إلى طبيب لديه وسائل أكثر فعالية إذا استدعت حالة المريض ذلك . ولا يجوز للطبيب أن يتباطأ في الإحالة متى ما كان ذلك في مصلحة المريض .
  12. تقديم المعلومات التي يعتقد الطبيب أنها لازمة لعلاج المريض ، عند إحالته إلى طبيب آخر .
  13. عند رغبة المريض في استشارة طبيب آخر (فيما يخص مرضه) ، فعلى الطبيب ألا يمتنع عن تحقيق رغبة المريض ، وأن يسهل على المريض الحصول على التقارير والمعلومات اللازمة لذلك .
  14. إدراك أن للمريض الحق في أن يغير طبيبه ، وأن له الحق في الحصول على المعلومات المدونة بسجله الطبي أو الحصول على التقرير الطبي اللازم الذي يشرح حالته المرضية .
  15. الاستمرار في تقديم الرعاية الطبية المناسبة للمرضى المصابين بأمراض غير قابلة للعلاج أو مستعصية أو مميتة حتى في اللحظات الأخيرة من حياتهم .
  16. التأكد من أن المريض يتلقى العناية الطبية اللازمة أثناء غياب الطبيب .
  17. الاستمرار في تقديم العلاج اللازم للمريض في الحالات الإسعافية حتى تزول الحاجة إليه أو حتى تنتقل رعايته إلى طبيب كفء .
  18. تخفيف آلام المريض بكل ما يستطيعه وما يتاح له من وسائل علاجية نفسية ومادية، وإشعار المريض بحرصه على العناية به ورعايته .
  19. تثقيف المريض عن مرضه خصوصاً وصحته عموماً ، وكيفية حفظه لصحته ووقايته من الأمراض بالطرق المناسبة والفعالة ، ومن أهمها التثقيف المباشر وجهاً لوجه أو استخدام الوسائل الفعالة الأخرى متى توفرت له .

استئذان المريض :

بدن الإنسان ونفسه من خصوصياته التي لا يجوز لأحد أن يتصرف فيها بغير رضاه ، وحتى يكون إذن المريض مشروعاً فلابد أن تتحقق فيه الشروط التالية :

  1. أن يكون المريض على معرفة تامة بما يراد القيام به من إجراء طبي. ولذا على الطبيب أن يقدم للمريض معلومات وافية عما سيقوم به، وما هو مطلوب من المريض فعله، وما سيترتب عليه من مضاعفات ومخاطر .
  2. أن يكون المريض قادراً على استيعاب وفهم المعلومات التي قدمت له حتى يعطي الإذن عن وعي وإدراك واقتناع تام دون استغفال له أو إكراه .
  3. أن يكون الإذن مكتوباً عند عزم الطبيب القيام بإجراء تدخلي ، كإجراء العمليات الجراحية أو الإجراءات التدخلية (Interventional) كأخذ الخزعة من الكبد مثلاً.
  4. أن يراعي عند أخذ الإذن من المريض الأمور التالية :-

تؤخذ موافقة المريض البالغ العاقل (ذكراً كان أو أنثى) أو من يمثله – إذا كان لا يعتد بإرادته – قبل القيام بالعمل الطبي أو الجراحي وفقاً لما ينص عليه نظام مزاولة مهنة الطب وطب الأسنان .

إذن المرأة :للمرأة البالغة العاقلة الإذن بالعمل الطبي المتعلق بها بما في ذلك العمليات الجراحية ، إلا ما يتعلق بالإنجاب مثل استخدام موانع الحمل أو استئصال الرحم أو غيرها من الإجراءات خاصة المؤدية إلى لعقم ، فلابد من موافقة الزوج أيضاً ، إلا في الحالات الطارئة والضرورية فيكتفى بإذن المرأة .

إذن قاصر الأهلية :

المريض الذي لا يستطيع أن يأذن بالعمل الطبي كفاقد الوعي أو الذي لا يعتد بإذنه كالطفل أو غير العاقل ينوب عنه وليه الشرعي في الإذن بإجراء العمليات الجراحية وما في حكمها من الإجراءات التدخلية ، وإذا تعذر الحصول على الموافقة وخيف من الضرر البالغ أو الموت فيمكن للطبيب أن يقوم بالإجراء الطبي دون انتظار الإذن . أما مادون ذلك من الإجراءات فيكتفى بالإذن العام للعلاج من أحد والديه أو المرافق معه مِن مَن يعتد بإذنه .

 الإذن في الحالات الإسعافية :في حالة تعرض المريض للهلاك أو الخطر الحاصل أو المتوقع حدوثه بدرجة كبيرة ، يجوز للطبيب أن يقوم بالعمل الطبي دون انتظار الإذن إذا ترجح لديه أن ذلك سينقذ حياة المريض أو يجنبه الضرر البليغ

طمأنة المريض :

على الطبيب أن يستخدم مهاراته في طمأنة المريض وتخفيف مصابه وذلك عملاً بقول الرسـول صلى الله عليه وسلم يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا) . ومن ذلك القيـام بما يلي:-

تلمس احتياجات المريض النفسية واستكشافها .

تزويد المريض بما يكفي من المعلومات عن حالته الصحية بوضوح ، وعدم حجب معلومات مهمة قد تساهم في طمأنته وإزالة مخاوفه .التفاعل الإيجابي مع مشاعر المريض وأحاسيسه ، وإعطائه فرصة كافية للتعبير عن مشاعره وأحاسيسه تجاه المرض والعلاج وتصحيح أفكاره .إعطاء المريض الوقت الكافي لاستيعاب مايقال له دون استعجال .

تذكير المريض بأن المرض ابتلاء من الله ، وأن فيه تكفير ورحمة ، دون مبالغة في ذلك .

تأكيد الطبيب استعداده لمساعدة المريض والوقوف بجانبه والقيام بذلك فعلاً في جميع مراحل المرض ، حتى في حالات الأمراض المستعصية .

الدعاء للمريض :

يحسن بالطبيب أن يتمثل بالخلق النبوي الكريم فيدعو لمريضه بالشفاء بصدق ومعلوم أن هذا يقوي المريض على تحمل المرض ويطيب نفسه . فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا أتى مريضاً يمسح بيده اليمنى ويقول اللهم رب الناس ، أذهب البأس ، واشفِ أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاءً لا يغادر سقماً)

الإخبار عن الأمراض الخطيرة :-

لاتعارض بين طمأنة المريض وإخباره بمرضه وإن كان خطيراً ومميتاً ، فمن حق المريض أن يعرف عن حالته الصحية ومرضه وأعراضه ومآلاته على وجه العموم ، وإذا طلب المريض تفصيلاً أكثر فينبغي أن يجاب إلى طلبه . وللطبيب هنا أن يستخدم تقديراته الإنسانيـة في جدوى إخبار المريـض وما هي المعلومات التي يضعها بين يديه مراعياً ما يلي:

  1. عدم مفاجأة المريض بالخبر السيئ ومراعاة التدرج وإعداد المريض نفسياً لتقبل الخبر .
  2. الاقتصار على المعلومات التي تفي بمعرفة المريض وفهمه لحالته الصحية دون الدخول في تفصيلات قد تزيد من قلقه ويفضل إعطاء المريض معلومات يمكنه استيعابها في حالته تلك .
  3. اختيار الوقت المناسب لإخبار المريض ، ويفضل الوقت الذي يكون فيه المريض مستقراً نفسياً وجسدياً ومتهيئاً لتقبل الخبر ، ويفضل وجود أحد أقاربه الذي يحترمهم ويثق بهم ، فقد يسهل هذا مهمة الطبيب ويفضل اختيار مكان مناسب للإخبار .
  4. إعطاء وقت كافِ للإخبار ، فينقل الطبيب هذا الخبر وهو هادئ النفس ، وألا يشعر المريض أنه في عجلة من أمره أو أنه مشغول .
  5. التركيز على الجوانب الإيجابية ، إذ يؤدي هذا إلى بعث الأمل في نفس المريض عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا) .
  6. تخفيف آلام المريض النفسية والجسدية قدر الإمكان ، وعدم عزله أو البعد عنه أو البعد عنه بما يشعره بان الطبيب قد يأس من حالته والمناسب أن يخبر المريض بهذا الخبر طبيب ذو خبرة ودراية بهذا النوع من المرضى ، والأصل أن الطبيب المعالج هو الذي يخبر المريض ولا يترك ذلك لمن هو دونه من الأطباء أو من ليس له خبرة بذلك .
  7. للطبيب أن يستخدم تقديراته في جدوى إخبار المريض بجزء من الحقيقة ، أو الاقتصار في بيان ذلك على ذوي المريض إذا رأى ذلك أصلح .

حفظ سر المريض وكتمانه :

لقد أكد الإسلام على حفظ السر والستر على المسلم ، خاصة إذا كان هذا الستر لا يجر إلى مفسدة راجحة في المجتمع وإطلاع الطبيب على أسرار المريض لا يبيح له كشف هذه الأسرار والتحدث عنها بما يؤدي إلى إفشائها إلا في الحالات الاستثنائية التالية :

  1. إذا كان الإفشاء لذوي المريض أو لغيرهم مفيداً لعلاجه ، أو فيه حماية للمخالطين له من الإصابة بالمرض (مثل الأمراض المعدية أو إدمان المخدرات)، وفي هذه الحالة يقتصر الإخبار على من يمكن أن يضار .
  2. إذا ترتب على الإفشاء مصلحة راجحة للمجتمع أو دفع مفسدة عنه ، ويكون التبليغ للجهات الرسمية المختصة . وأمثلة ذلك ما يلي : الإبلاغ عن وفاة ناجمة عن حادث جنائي ، أو للحيلولة دون ارتكاب جريمة .التبليغ عن الأمراض السارية أو المعدية .إذا طلب منه ذلك من جهة قضائية .

دفع تهمة موجهة إلى الطبيب من المريض أو ذويه تتعلق بكفاءته أو كيفية ممارسته لمهنته على أن يكون الإفشاء أمام الجهات الرسمية .

  1. الإفشاء لغرض التعليم :

يمكن للطبيب إفشاء بعض أسرار المريض إذا دعت الحاجة إلى ذلك من أجل تعليم الأطباء أو أعضاء الفريق الصحي الآخرين ، على أن يقتصر ذلك لغرض التعليم فقط ، وأن يحافظ على عدم إبراز ما يدل على هوية المريض وشخصيته ما لم يكن ذلك ضرورياً .

يمكن للطبيب تصوير بعض أجزاء جسم المريض لغرض طبي أو تعليمي بعد استئذانه في ذلك ، شريطة أن لا يكون في هذا التصوير ما يدل على شخصية المريض وكشف هويته وإذا دعت الحاجة إلى تصوير الوجه لأغراض التعليم فيجب أخذ موافقة خطية ، وأن تغطى العينان إلا للضرورة العلمية .

مراعاة أحكام كشف العروة :

يحتاج الطبيب من أجل القيام بتشخيص الأمراض أو علاجها إلى فحص المريض ، وقد يحتاج إلى كشف المريض عن عورته ، كما يحتاج إلى ذلك غيره ممن يستعين بهم الطبيب في بعض الإجراءات المتعلقة بالفحص الطبي كفنيي الأشعة أو غيرهم .

والأصل أن الشرع يحرم كشف الإنسان عن عورته إلى عند الضرورة أو الحاجة ، فلا حرج عندئذ على المسلم في كشفه عما دعت الحاجة إلى كشفه من أجل فحص مرضه وتشخيصه سواء كان رجلاً أو امرأة ، وكذلك لا حرج على الطبيب والأشخاص الذين يستعين بهم في مهمة فحصه للمريض أن يكشفوا عن عورة المريض والنظر إلى الموضع المحتاج إلى فحصه .

وهذا الحكم مبني على وجود الضرورة والحاجة فلابد من تحقق وجودها ، فلا يحل للطبيب ولا لغيره أن يطالب المريض بالكشف عن عورته إلا إذا تعذر وجود الوسائل التي يمكن بواسطتها تحقيق مهمة الفحص بدون كشف للعورة ، وكذلك لا يجوز للرجال أن يقوموا بفحص النساء ولا العكس إلا إذا تعذر وجود المثيل الذي يمكنه أن يقوم بالمهمة المطلوبة .

وأما قيد الجواز فهو الاقتصار على القدر الذي تسد به الحاجة دون زيادة عليه وكذلك الاقتصار على الوقت المحتاج إليه دون زيادة وذلك للقاعدة الشرعية التي تقول ماأبيح للضرورة يقدر بقدرها) فعلى الطبيب أن يقدر الحاجة إلى كشف المريض عن عورته تقديراً دقيقاً . ….

 

والله الموفق والمستعان  ….

 

المستشار الدوائي للجمهوريه  …..

 

الدكتور // هاني عبد الظاهر ….

Related posts

Leave a Comment