معركة وزير التعليم الخاسرة مع مراكز الدروس الخصوصية

كتب …احمد عبد الحميد

بقلم … الدكتور حسن عبد العال

أسكن فى منطقة تجاوز احدى مراكز الدروس الخصوصية ” السناتر ” واشاهد طوال اليوم أبناءنا الطلاب والطالبات ، يتوافدون ويتوافدن زرافات وجماعات عليه ، فلا يكاد يفرغ من جماعة حتى يمتلأ باخرى فى حركة لا تهدا ، وابناؤنا الطلاب يفترشون الارض يستذكرون أو قل يحفظون محتوى كتبهم حفظا أعمى ، فى الوقت الذى تعزف فيه هذه الجموع من الطلاب والطالبات عن الذهاب الى المدارس التى أصبحت خاوية من أبنائها ، ومدرسيها الذين يعملون منذ مطلع الفجر فى هذه ” السناتر ” ولعل هذا المشهد الذى يحدث على مراى من الجميع ، بما فيهم مسؤلى التعليم يجسد معالم أزمة النظام التعليمى او قل انهياره . ومن معاد القول أن نظام التعليم مأزوم ، يعانى من مشكلات مزمنة أقعدته مريضا يصعب شفاؤه ، بعض هذه المشكلات تجسده كثافة الفصول ، وسوء مستوى الأبنية التعليمية ، وترهل الإدارة التعليمية ، وتخلف المناهج ، ونقص المعلمين ، ، وتدنى مرتبات المعلمين ، و الازدواجية بل قل الثلاثية ، فى النظام التعليمى ما بين مدارس دولية وخاصة وحكومية . ولعل الأزمة التى تمسك بتلابيب منظومة التعليم ، تجيب عن التساؤلات التى لا تنفك تتردد على ألسنة العامة والخاصة : لماذا يهرب التلاميذ وأولياء الأمور من المدارس الحكومية إلى الدروس الخصوصية ، ولماذا يقتطع الآباء من اقواتهم لمراكز الدروس الخاصة ، التى تحصل على مليارات الجنيهات قدرها البعض ب 110 مليار جنيه ، على حين ان ميزانية وزارة التربية والتعليم لا تتعدى 90 مليار جنيه ؟ وما الذى جعل وزير التعليم يعتقد هذا الاعتقاد الراسخ بأن هذه المراكز هى وحدها سبب الازمة وعلة مشكلات التعليم الاساسية ، ومن ثم قرر أن يشن حربا ضروسا عليها ، وظن أن اغلاق هذه المراكز هو روشة العلاج الناجع والتى يكمن فيها الشفاء من الأمراض التى أقعدت التعليم كسيحا . ومن هنا أعلن الوزير كما يذكر الكاتب الصحفى المتابع لما يحدث فى مجال التعليم ” محمد عصمت ” ، أعلن الوزير فى أكتوبر 2017 تنفيذ حملة لغلق هذه المراكز ، أخذت صفة الضبطية القضائية ، وتوعد خلالها المدرسين المشاركين فيها بالفصل من العمل ، وإحالة منظميها للقضاء . ومع ذلك لم يتمكن الوزير على مدى عام كامل او قل عامين منذ حملته تلك من التصدى لجبروت هذه المراكز ، ولم تسفر حملة الوزير عن شىء ، فقد استمرت مراكز الدروس الخصوصية فى عملها ، بل وتوسعت فيها ، خاصة وأن الوزير نفسه – كما يقول محمد عصمت ، كان قد حاول تقنين أوضاع هذه المراكز ، وطالب بضرورة فرض ضرائب على أرباح هذه المراكز ، على ان يتم تخصيصها لوزارته ، ثم فاجأ الوزير الناس بعد طلبه بفرض الضرائب بتقديم مشروع قانون للبرلمان بتجريم هذه المراكز . حيث يعاقب كل من شارك فى هذه الجريمة بغرامة تبدأ من 5 آلاف جنيه حتى 50 الف جنيه مع تشديد العقوبة إلى السجن من سنة إلى 3 سنوات ، إذا كرر المتهمون جريمتهم ، وهى خطوة يراها الدكتور الوزير حتمية لتنفيذ سياسته بتطوير التعليم . وخرج الوزير ليعلن تصريحات فهم البعض منها أنه يطالب بإلغاء مجانية التعليم ، على اعتبار أن هذه المجانية لا توجد فعلا على أرض الواقع ، بدليل ال 110 مليار التى يصرفها المصريون على الدروس الخصوصية ، صحيح أنه عاد فى اليوم التالى لتصريحه لينفى نيته لإلغاء المجانية باعتبارها استحقاقا دستوريا لا يمكن لأى وزير القفز عليه . ويتساءل عصمت – فى عرضه للمشكلات المزمنة فى نظامنا التعليمى – هل الوزير لا يدرك أن انهيار الخدمات التعليمية فى المدارس الحكومية هو السبب ؟ وهل الحكومة تؤمن فعلا بحق الملايين من الفقراء فى الحصول على التعليم المجانى ؟ وهل التصريحات الوردية عن التابلت وتغيير فلسفة التعليم من الحفظ والتلقين إلى التفكير والإبداع، سوف تجد طريقها فعلا للتطبيق ؟ وهل يدرك المسؤولون أن إغلاق هذه المراكز وحده لا يضمن إصلاح أوضاع التعليم ا لمنهارة . وللحق فإن مشكلات التعليم وازماته أكبر من قدرات أى شخص منفرد ، وأكثر تعقيدا من تصورات أى مسؤل لحلها . أننا يا وزير التعليم كما يقول الكاتب نحتاج إلى مشروع قومى للنهوض بالتعليم يضعه ، يشرف عليه خبراؤنا فى مختلف التخصصات ، يتقدمهم بالضرورة أهل الخبرة من التربويين ، على ان توفر الدولة لهذا المشروع كل الامكانيات المادية ، ذلك لأن التعليم بكل الصدق هو خط الدفاع الاول عن الأمن القومى ، وهو الطريق الوحيد لتحقيق التنمية المنشودة .

 

 

 

 

 

Related posts

Leave a Comment