أحمد أسامة
قطاع النفط الليبي، وعصب اقتصادها، أصبح رهينة لحكومة عبد الحميد الدبيبة (المنتهية الصلاحية)، بعد أن قام بتعيين فرحات بن قدارة رئيسًا للمؤسسة الوطنية الليبية للنفط، منتصف العام الماضي، بقرار مشبوه ومفاجئ إلى حد كبير، كون هذا المنصب اعتُبر سياديًا إلى حد ما ولم يستطع أحد المساس به منذ 2014، ليصبح مصير الثروات النفطية للبلاد وعائداتها مجهولاً ومستقبلها عسير.
فقد استطاع الدبيبة بعد تنصيبه لـ “بن قدارة” توقيع سلسلة من اتفاقيات التعاون النفطية مع كل من تركيا وإيطاليا، وحتى بشكل أبسط مع الإمارات العربية المتحدة، الأمر الذي استدعى المدعي العام لفتح تحقيق بهذا الشأن أواخر الشهر الماضي، كما دفع بالقضاء الليبي لإيقاف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع تركيا، ودفع بوزير النفط محمد عون للتنديد بالاتفاقية النفطية مع إيطاليا، وبالطبع لم يخلو الأمر من تبادل الاتهامات بالفساد.
والآن أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية على موعد للمشاركة في حفلة تقاسم الثروات الليبية، حيث خرج رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة ببيان شدد فيه على ضرورة عودة الشركات الأميركية للعمل مجددًا في قطاع النفط والغاز في ليبيا. وجاء ذلك خلال لقاء بن قدارة مع نائب وزير الطاقة الأميركي ديفيد تورك، على هامش فعاليات مؤتمر “Ceraweek”.
وبحسب بيان مؤسسة النفط، أشاد نائب وزير الطاقة الأمريكي بارتفاع إنتاج النفط واستقراره تحت الإدارة الجديدة للمؤسسة الوطنية للنفط.
وعبرت مديرة إدارة شمال أفريقيا بوزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا تيلور، عن دعمها لمجلس إدارة المؤسسة في جهوده التي أسهمت بحسب وصفها في رفع معدلات الإنتاج من النفط والغاز وتطوير الصناعات النفطية وتحسين البيئة، وذلك خلال لقاء مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط. وأكدت دعم بلادها للمؤسسة الوطنية للنفط لتنفيذ خططها الاستراتيجية في زيادة الإنتاج وبناء القدرات.
ورأى مراقبون بأن حكومة الدبيبة ستحاول تمرير صفقة كبيرة مع شركات النفط الأمريكية كتأكيد منها على ولائها المطلق لواشنطن.
فبذلك يستطيع رئيس الحكومة تأمين ترشحه في عملية التهميد للانتخابات التي أطلقها المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبدالله باتيلي، والتي يتهمها العديد في ليبيا بأنها مبادرة أمريكية للهيمنة على العملية الانتخابية وإيصال شخصيات معينة إلى سدة الحكم، من الشخصيات الموالية لواشنطن.
والجدير بالذكر أن النفط الليبي لطالما كان سلاح النخب السياسية في ليبيا لتحقيق أجندات الدول الداعمة لها، لأنه وعلى مدار السنوات السابقة، كشف ديوان المحاسبة في ليبيا فضائح فساد من العيار الثقيل عندما كان رئيس المؤسسة الوطنية للنفط آنذاك مصطفى صنع الله، كما أن وزارة النفط كان قد وجهت اتهامات له أيضًا لكن كلها كانت مجرد فضائخ فساد واتهامات لا جدوى منها، كون المنصب يعتبر سياديًا والدول الغربية المهتمة بالملف الليبي تقتطع حصصًا من النفط الليبي ومن عائداته من خلال التعاون مع رئيس المؤسسة.
ولكن المشكلة الرئيسية الآن تكمن في أن حكومة الوحدة وبالتعاون مع مؤسسة النفط برئاسة بن قدارة، استطاعت خلال شهور معدودة توقيع اتفاقيات نفطية مريبة مع أكثر من ثلاث دول، بدءًا من التنقيب عن النفط واستخراجه مرورًا بعمليات بيعه وصولاً إلى الحصص والنسب من عائداته والتي يتم تقاسمها مع هذه الدول وشركاتها، والتي تتجاوز في بعض الأحيان النصف.