أحمد أسامة
قال المحلل السياسي الليبي أحمد الفيتوري أن ما تمر به ليبيا اليوم من إنقسام مؤسساتي وغياب رئيس مُنتخب للدولة وضياع ثروات ومقدرات الشعب الليبي هو نتاج قصف حلف الناتو لليبيا عام 2011 الذي أسفر عن سقوط حكم الرئيس معمر القذافي وفتح الباب أمام أطماع دول الغرب للتلاعب بليبيا وشعبها.
وبالنظر إلى أرض الواقع نجد الولايات المتحدة الأمريكية اللاعب الرئيسي في ليبيا وتسعى لتحقيق مصالحها عبر ضمان إستمرار الفوضى السياسية وتنفيذ أجنداتها الرامية لتقسيم البلاد ونهب مقدرات أبناء الشعب الليبي من غاز ونفط.
والدليل على ذلك هو تحركات واشنطن في ليبيا تحت غطاء ضرورة إجراء الإنتخابات وبسط الأمن والإستقرار، فكلما إقتربت القوى السياسية من إيجاد حل للأزمة، نجد الولايات المتحدة تضع العراقيل أمام القوى السياسية لتأجيل الإستحقاق الإنتخابي لأطول فترة ممكنة.
فبعدما نجح مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة في التوافق على إعتماد التعديل الدستوري الثالث عشر والذي ينص على أن تتكون السلطة التنفيذية من رئيس الدولة ورئيس الحكومة، وتتكون السلطة التشريعية من مجلس الأمة ومجلس النواب، وبالتالي المضي نحو إجراء الإنتخابات الرئاسية في القريب العاجل، قررت واشنطن أن تستخدم سلاحها المعروف في ليبيا منذ عام 2014 وهو بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
حيث خرج رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا، عبد الله باثيلي، قبل أيام قليلة من موافقة المجلس الأعلى للدولة على التعديل الدستوري الثالث عشر، بمبادرة هي الأغرب من نوعها لحل الأزمة السياسية والعبور بالبلاد نحو إجراء الإنتخابات الرئاسية دون التطرق لمشكلة الإنقسام المؤسساتي أو وجود حكومتين في البلاد.
ووجه باثيلي مبادرته نحو التأكيد على ضرورة إيجاد آلية شفافة ونزيهة لإدارة عائدات النفط الليبي بما يتماشى مع قوانين مجلس الأمن، وهو ما جعل العديد على يقين أن هذه المبادرة برعاية أمريكية نظراً إلى أن واشنطن هي التي تسعى منذ وقت طويل لبسط سيطرتها على الآبار والحقول وعائدات النفط الليبي.
وبالحديث عن واشنطن ونهب عائدات النفط الليبي، تداولت الأنباء ومواقع التواصل الإجتماعي قضية إعتقال وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية منتهية الشرعية، عماد الطرابلسي، الذي أُلقي القبض عليه في مطار شارل ديغول في باريس وبحوزته مبلغ مليون يورو مجهولة المصدر.
وبحسب الأنباء فقد تم إطلاق سراح الطرابلسي بعد تدخل الولايات المتحدة الأمريكية وتواصلها مع السلطات الفرنسية، الأمر الذي يدل بحسب المحللين على أن هذه الأموال هي جزء من عائدات النفط الغير مُسجلة والتي يتم صبها لصالح واشنطن في الخفاء. حيث أن التعاون بين واشنطن وحكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة والمؤسسة الوطنية للنفط لا يخفى على أحد في الداخل والخارج الليبي بعدما بدأت الخلافات في التزايد بين المؤسسة الوطنية ومصرف ليبيا المركزي.
ومع تحركات النائب العام الليبي، الصديق الصور، وكشفه للفساد المؤسساتي في البلاد، بدأت حكومة الوحدة في نقل الأموال عن طريق وزير الداخلية، عماد الطرابلسي، لصالح الولايات المتحدة وإيداعها في حسابات وهمية في الخارج، وبالنظر إلى تحركات الطرابلسي وزياراته العديدة إلى الخارج يمكن القول أن المليون يورو هي ليست المبلغ الأول الذي يتم نقله إلى خارج البلاد، وماخفي أعظم.