كتب / رضا محمد حنه
كاتب و محرر صحفي
في أي نظام سيا سي، عادة ما تجد الاحزاب السياسية نفسها في بيئة 4معقدة و غير مستقرة. فالتغيير هو من الثوابت التي لا مفر منها،
سواء داخل الاحزاب والتنظيمات الحزبية جميعاً أو في محيطها
الخارجي. فالمناصب في صفوف القيادات والكوادر والمكاتب الادارية تتولاها وجوه جديدة، فيما تختفي وجوه أخرى.
كما تتغير الميزانيات، للافضل في بعض الاحيان و للأسوأ في أحيان أخرى .
ويمكن أيضاً أن تتغيير الترتيبات الدستورية والتشريعات والقواعد الاخرى المتعلقة بالحياة السياسية والاحزاب.
وقد تتغير تطلعات المواطنين، سواء في كل أو في دوائر انتخابية محددة، وقد يتغير المواطنون أنفسهم نتيجة لتطورات ديموغرافية. وقد تضع الاضطرابات الاقتصادية وتحديات السياسات المحلية والخارجية الاحزاب السياسية أمام قضايا جديدة، سواء فجأة أو بالتدريج.
وقد يسطع نجم بعض الاحزاب السياسية أو يأفل .
وقد تنقسم الاحزاب السياسية أو تندمج أو تتعاون مع مجموعات أو أو ائتلافات أو أفراد آخرين .
ويمكن لمثل هذه التغيرات والتحديات أن تقوي الحزب السياسي أو تضعفه، ويمكن أن تسهم في تحقيق الحزب لأهدافه، أو أن
يكون أثرها في ذلك محدوداً، بل يمكن أن تهدد وجود الحزب ذاته
فإذا أرادت الأحزاب السياسية أن تنجح في بيئة كتلك، فإن عليها
أن تتحلى بالتركيز والإصرار والقدرة المؤسسية على التكيف.
فمن الضروري لأي حزب سياسي، بما في ذلك الهياكل التنظيمية، أن
يحمل فكرة مشتركة وتصوراً عاماً عن طبيعة الحزب وما يسعى إليه،
والطرق التي ينوي أن يسلكها لتحقيق ذلك. وقد وضعت هذه
الأداة لتقدم آليات لبناء هذه الرؤى المشتركة.
ويتيح التخطيط الإستراتيجي للأحزاب السياسية فرصة الابتعاد
قليلا عن الأنشطة والمخاوف اليومية، لصالح المزيد من التأمل فى القضايا الجوهرية الطويلة الأجل. كما يقدِّم نهجاً لوضع أهداف واقعية على الأمد الطويل، بهدف إصلاح القدرات المؤسسية
أو الحفاظ عليها أو تعزيزها .
وبالنظر إلى التخطيط الإستراتيجي باعتباره عملية مستمرة، فإنه يساعد على زيادة المناقشات الداخلية وتكوين الأفكار، ويجمع أعضاء الحزب حول أهداف مشتركة ونتيجة لذلك، يمكن الوقوف على أولويات التعزيز المؤسسي، وصياغة
إستراتيجيات للتحرك في المستقبل، ووضع معايير لقياس التقدم
المحرز. وباختصار، فإن التخطيط الإستراتيجي يساعد الأحزاب السياسية على تحديد ما تريد الوصول إليه، ورسم ملامح خطة العمل اللازمة لتعزيز قدراتها المؤسسية في المستقبل .
وللتخطيط الإستراتيجي وتعزيز القدرة المؤسسية فوائد جلية للأحزاب السياسية
١ – يتيح التخطيط الإستراتيجي للأحزاب وهياكلها التنظيمية تعزيز
أدائها والاستجابة بمزيد من السرعة والنجاح للظروف المتغيرة .
فالوصول لفهم أوضح لنقاط قوة الحزب ونقاط ضعفه وأولوياته، تفتح الباب أمامه لتحقيق نتائج أفضل باستخدام موارد أقل
وليس المقصود بالنتائج الأفضل في هذا السياق نتائج الانتخابات، وإنما نتائج أفضل من حيث تحقيق الأهداف التنظيمية من قبيل استقرار مستويات التمويل أو زيادتها، وتعزيز القدرة على تنظيم المؤتمرات الحزبية
واستحداث طرق أكثر فعالية وتأثيراً لاختيار المرشحين، وكذلك تحسين برامج التدريب المقدمة أ لعضاء الحزب
٢ – ويمكن للتوجه الإستراتيجي أيضا أن يعزز الفهم والقدرة على التعلم المؤسسي. ويفضي ذلك إلى اتباع أساليب أكثر وعياً
وانضباطاً ودراية في التقييم الذا تي واتخاذ القرارات
وأخيراً،
يمكن للتخطيط أن يحسن من الاتصال الخارجي والدعم
المجتمعي والسيا سي ، نظراً لأنه يساعد الحزب على إيصال أفكاره وأهدافه الأساسية على نحو أكثر فعالية، بما يزيد من معرفة الناس به، ويرسم له صورة عامة متسقة وواثقة
وللتخطيط ا لإستراتيجي الأهمية ذاتها من وجهة نظر الجهات المعاونة للأحزاب السياسية
١ – يتمتع تعزيز القدرات المؤسسية للأحزاب، وهو المهمة التي
عادة ما تضطلع بها الجهات المعاونة، بفرصة أكبر في النجاح
و في التنفيذ بقدر أكبر من المنهجية، إذا كان الحزب قد وضع نصب عينيه مهمة مؤسسية يصبو لتحقيقها
فالإدارة الإستراتيجية، كواحدة من ااأدوات التي تستخدمها الأحزاب
السياسية، تقوم على صياغة مهمة مؤسسية ومتابعة الجهود المبذولة لتحقيق تلك المهمة وفيما يتعلق بالأحزاب التي تعمل معها الجهات المعاونة، يمكن للتخطيط الإستراتيجي أن يساعدها على تحسين وضعها مقارنة ببيئتها الخارجية وأدائها في بيئتها الداخلية
٢ – من شأن وضع إطار زمني أطول للتخطيط أن ييسر على الجهات المعاونة إعداد جهودها الرامية لدعم الأحزاب
السياسية وتنظيمها، وأن يتيح لها أن تعمل سوياً مع جهات معاونة أخرى
فالخطط الإستراتيجية الطويلة الأمد تزيد من الإطار الزمني الذي تتحرك فيه أهداف الأحزاب الشريكة وتخطيطها، ومن ثم تكون أكثر واقعية وفعالية من المشروعات و التمويلات التي لا تنفذ إلا مرة واحدة فحسب
والخطط الإستراتيجية السليمة تقود إلى الوقوف على مشروعات للأمدين المتوسط والقصير، ويمكن لمثل هذه الخطط أن تكون بمثابة إطار لمقترحات المشروعات ال ت ي . يمكن أن توفر لها الجهات
المعاونة التمويل أو غير ذلك من سبل المساعدة المتوافرة
٣ – يمكن أن يحظى دعم التخطيط الإستراتيجي بالقدر ذاته من النجاح إذا نفذ لصالح حزب واحد أو لصالح أحزاب متعددة في الوقت نفسه غير أن عمليات التخطيط الإستراتيجي الشاملة، التي يشترك فيها العديد من الأحزاب السياسية كل على حدة، تساعد على الوقوف على ما يحتمل وجوده من تحديات مشتركة، سواء تلك التي تواجه بناء القدرة المؤسسية، أو التي تواجه النظام الديمقراطي المعني برمته ومن ثم فالتخطيط الإستراتيجي يساعد الجهات المعاونة على تحديد الأولويات ومجالات التركيز المستقبلية على النطاق الأوسع
و دمتم بالف خير