التسامح التسامح أحد الأخلاق الإسلامية والإنسانية الرفيعة، وفيه معنى العفو والصفح والحلم، إلى جانب السهولة ولين الجانب، ونبذ الحقد والكراهية، فهو يتعلق بأحد أسس العلاقات الإيجابية بين الناس، وأحد مقومات السلم المجتمعي، وهو لا يتعلق بجانب دون جانب، ولا بالفرد وحده، بل يتعدى ذلك ليشمل الكثير من جوانب الحياة، ويشمل الفرد والجماعة على حدٍّ سواء، فللتسامح مجالاته المتعددة، ويترتب عليه آثاره الطيبة أيضاً.
جاءت رسالة الإسلام السَمحة منهاجًا مبينًا للعالم أجمع، وحَملت في طيّاتها الخير الكثير الذي عمّت فضائله أرجاء الكون كله، ودعا في مواطنَ كثيرةٍ إلى التحلّي بالأخلاق الحميدة التي هي من صُلب هذا الدّين بل هي الغاية التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنّما بُعثت لأتمّم مكارم الأخلاق).
الأخلاق هيئة تُرسّخ في نفس الإنسان وتصدر من خلالها الأفعال، منها ما هو حسن ومنها ما هو سيئ، وقد تكون موجودةً لدى الإنسان بالفطرة أو أنه يستطيع أن يتحصّل عليها بالاكتساب وتقويم ما لديه منها؛ فيحافظ على صلاحها ظاهرًا وباطنًا لتغدو بواعثه سليمة من الداخل وتنعكس على الخارج بكل ما هو طيّب، وهناك من الأخلاق الحسنة ما شهد لها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ومنها : العفو والتسامح.
آثار التسامح متى التزم أفراد المجتمع بخلق التسامح في كل مجالاته، فإن جواً من السعادة سيغمر حياتهم، فتقوى روابط المحبة بينهم، ويعمّ الاستقرار، وتختفي العداوات، وينتشر العدل، وتعم الطمأنينة قلوب النّاس والأسر، فلا نكاد نسمع عن سجون تمتلئ بالمجرمين، ولا يجد أهل الإصلاح ما يقومون به في هذا المجال، حيث احتل التسامح دورهم، وقام بما يقومون به وزيادة، على لسان أفراد المجتمع في مختلف أماكن تواجدهم وعملهم، وعلى مختلف أنواع علاقاتهم، ونقيض التسامح العداوة والبغضاء والحق، وآثار ذلك وخيمة جداً على الفرد وعلى المجتمع بأسره، بل هي بذور الانهيار الحقيقية التي تفتك بالأمن والسلم المجتمعي.
وعليه فإنّ الأخلاق الإسلامية والإنسانية الرفيعة، والتي من ضمنها خلق التسامح هي الضمانة الوحيدة لاستقرار الأمم والشعوب، ونهضة ورقي المجتمعات، فهي لبنات أساسية في بنيان الأمم والشعوب، وعنوان أصيل في هويتها وسبب في نهضتها وعزتها واستقرارها،
ويقول أحمد شوقي: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.