كتبت/مرثا عزيز
موقع إلكتروني مبتكر يجمع بين المهاجرين وأرباب العمل سوية. إنه منصة توظيف عبر الإنترنت شبيهة بـ (LinkedIn)، موجهة بشكل خاص للاجئين. فهل من الممكن أن تكون الحل لمشكلة نقص العمال في بعض مجالات العمل الرئيسية في ألمانيا؟
يتكون فريق عمل موقع “migranthire.com” من مجموعة شبان مختصين في التكنولوجيا والمعلوماتية، ومن ضمنهم حسين شاكر، وهو لاجئ سوري من حلب.
هدفهم الأساسي الوصول إلى توظيف 10 آلاف مهاجر بوظائف منتظمة. هذا الموقع هو الأول من نوعه في ألمانيا، الذي يتوجه بشكل واضح وصريح للأشخاص، الذين هربوا من بلدانهم بسبب الاضطهاد السياسي أو الأزمات الاقتصادية.
الفكرة بسيطة جدًا: يتلقى اللاجئون المساعدة بتحضير السير الذاتية وتقديم طلبات التوظيف مع إضافة خبراتهم ومهاراتهم إلى الموقع، بينما يقوم أرباب العمل بالبحث في البيانات عن الناس، الذين يحتاجون إليهم والإعلان عن أماكن العمل الشاغرة لديهم.
وفي حيث مع DW أوضح شتيفان بيرليباخ، مدير الكفاءات في موقع migranthire.com “يوجد الكثير من الشركات التي ترغب بتوظيف اللاجئين وإعطائهم الفرص المناسبة، ولكن هناك صعوبات حتى في عمل عقود معهم”. وتابع:”نحن نمنح الشركات فرصة إيجاد الشخص المناسب، والعكس بالعكس. إذ نقدم للاجئين، الذين تنقصهم الخبرة وشبكة العلاقات في ألمانيا، التوجيه الصحيح للتقديم إلى الوظائف”.
تأسس المشروع منذ أقل من عام وذلك عندما سنحت الفرصة بلقاء جمع ريمي الياس ميكي، وهو رجل أعمال فنلندي ورئيس تنفيذي سابق بإحدى الشركات، مع حسين شاكر، حيث اختبرا حينها فكرة القيام بدور وسيط عمل للاجئين.
لا شك في أن الطريق ما زال طويلًا أمام هذا الموقع لتحقيق مبتغاه، فالموقع تمكن من مساعدة نحو 160 لاجئًا للحصول على وظائف ثابتة أو على الأقل برامج تدريب مهنية. وقال بيرليباخ: “كنا طموحين جدًا عندما وضعنا أهدافنا، ولكن من الجيد أن نجعل طموحاتنا كبيرة”. وأشار إلى أن احتياجات سوق العمل في ألمانيا ستشجع على توظيف أعدادٍ كبيرة من اللاجئين، والاحصائيات تشهد على هذه الفكرة.
فجوة في سوق العمل
أظهرت دراسة أجراها معهد الأبحاث الاقتصادية في كولونيا ونُشرت في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني، أن نسبة الأجانب، الذين انتقلوا إلى ألمانيا ويعملون في ظائف عليا في مجالات يشتد الطلب عليها: الرياضيات، والمعلوماتية، والعلوم والتكنولوجيا تبلغ 16.6 في المائة من نسبة الموظفين في هذه المجالات في ألمانيا. ويطلق على تلك المجالات اختصارا لفظة “مينت” (MINT). كما أظهرت الدراسة أيضا أن 13 في المائة ممن يعملون في وظائف تحتاج إلى كفاءات أقل في مجالات “MINT” جاؤوا من الخارج.
ألمانيا لن تكون قادرة في عام 2016 على ملئ 210 آلاف وظيفة شاغرة في مجالات “مينت”. وهذا يمثل زيادة عن العام الماضي بنسبة 9 في المائة. ولا يوجد عدد كاف من الشباب في هذه المجالات ليشغل أماكن الموظفين، الذين وصلوا لسن التقاعد. وقال توماس ساتلبيرغر، مدير سابق في شركة تيليكوم، والرئيس الحالي لمبادرة خاصة لتعزيز دراسات الـ”MINT” في المدارس، إن المشكلة في ألمانيا ستكون أسوأ إذا لم يأت إلى ألمانيا مهاجرون أجانب لتولي الوظائف في تلك المجالات.
ويتوقع الباحثون أن نحو 40 ألف مهاجر سيوظفون في هذه المجالات بحلول عام 2020. وفي المقابل يحذرون من الخسائر التي من الممكن أن تواجهها المناطق الشرقية من ألمانيا، إذ إنها لا تجذب المهاجرين كغيرها من المناطق.
ووجدت دراسة أخرى أجريت حديثا في براندنبورغ بشرق ألمانيا أن للاجئين فرصًا كبيرة في الاندماج في حال وجودهم في مناطق تحتاج إلى أيادي عاملة، وهذا هو بالضبط ما يقدمه موقع “migranthire.com”.
وأوضح بيرليباخ بأن المكان غير مهم إن كان في شرق البلاد أو في غربها، فالأمر هو بمثابة استثمار للمستقبل، إذ يعود تدريب اللاجئين وتحضيرهم لسوق العمل بالفائدة على الطرفين ويخفف من عبء الدولة الاقتصادي لاحقًا.
التغلب على البيروقراطية
عند السؤال عن حالة معينة حققها الموقع بمساعدة فعلية، أخبرنا بيرليباخ قصة الشاب بهجت المصطفى 33 عام، الذي هرب من سوريا إلى تركيا في عام 2013، ثم خاطر بالذهاب إلى اليونان على متن قارب بحمولة تزيد كثيرا عن طاقته، ثم وصل إلى برلين في نوفمبر 2015.
وبعد عدة أشهر من الانتظار في مركز اللجوء، تلقى المصطفى أخيرًا عروض عمل من شركتي معلوماتية، ولكنه لم يتمكن من العمل لأسباب قانونية تمنعه من العمل في ألمانيا، بعد ذلك عملنا ما في استطاعتنا لمساعدته وتحدثنا إلى مكتب الأجانب في برلين، وتمكنا أخيرًا من الحصول على تصريح عمل كامل له. وهكذا كان المصطفى الشخص المحظوظ الأول، الذي حصل على وظيفة ثابتة من بين 10 آلاف آخرين يهدف الموقع إلى مساعدتهم.