“أردوغان يقتبس تجربة السيسى”.. تركيا تتفق مع روسيا على ترك الدولار واعتماد العملات المحلية بعد تهاوى الليرة

كتبت/مرثا عزيز
التخلى عن الدولار توجه عالمى تنبأ به روبرت فيسك عام 2009 الاتجاه لتأسيس نظام عالمى جديد قبل يومين من الآن، وفى محاولة لإنقاذ الليرة التركية المتهاوية، حث الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، روسيا على استخدام العملات الوطنية فى الحسابات التجارية بين البلدين، وهى الخطوة التى اتفقت عليها مصر مع الصين مؤخّرًا، فى إطار مواجهة تراجع احتياطى مصر من الدولار، وانخفاض سعر الجنيه فى مقابل العملة الأمريكية،

وقد وقعت مصر هذا الأسبوع، اتفاقية تبادل العملات مع الصين بقيمة 18 مليار يوان صينى، مقابل ما يعادله بالجنيه المصرى، وذلك لمدة 3 سنوات، مع إمكانية تمديده بموافقة الطرفين، وهو مؤشر على مدى الدعم الدولى القوى الذى تحظى به مصر فيما يتعلق ببرنامجها للإصلاح الاقتصادى.

وقد اتخذ الرئيس التركى أردوغان، عددًا من الإجراءات التى سبق لمصر اتخاذها فى مواجهة الأزمة الاقتصادية المتعلقة بتراجع الاحتياطى من النقد الأجنبى وتراجع مستويات الأداء الاقتصادى، داعيًا المواطنين الأتراك لتحويل مدخراتهم من العملات الأجنبية إلى الليرة التركية، فى خطوة تهدف لتعزيز مكانة العملة الوطنية التركية.

وبحسب إذاعة “أمريكا اليوم”، فإن رد التجار والحرفيين الأتراك جاء سريعًا، إذ ذهبوا للبنوك واتخذوا خطوات مشابهة، وأعلنوا دعمهم لدعوة الرئيس، من خلال تقديمهم جوائز عينية كوجبات الطعام، والسجاد، وحلاقة الشعر المجانية، لمن يرغبون فى تحويل الدولار أو اليورو إلى الليرة، بينما دعا “أردوغان” أيضًا، كلا من الصين وإيران، لاستخدام العملات المحلية فى عمليات التبادل التجارى بينهم، قائلا: “إذا كنا نشترى شيئًا منهم، فسنستخدم عملاتهم، وإذا اشتروا شيئا منّا، فسيدفعون بعملتنا”، مشيرًا إلى أن البنوك المركزية تدرس بالفعل مسألة الانتقال إلى العملات الوطنية فى التعاملات التجارية.

ويثير اتجاه مصر وتركيا والسعودية قبلاً، وغيرهم من الدول، إلى التعامل بالعملات الوطنية فى التبادل التجارى مع الدول الأخرى، تساؤلا حول الحاجة العالمية لإيجاد بديل للعملة الأمريكية، فمنذ عام 2009 بدأ الكلام عن ضرورة تغيير النظام المالى العالمى، وهو ما قد يسفر عن التخلى عن الدور القيادى للدولار فى نظام الحسابات المالية الدولية.

روبرت فيسك: الأزمة الحالية قد تؤدى لتغير علاقات القوى الاقتصادية الكبرى كان الصحفى البريطانى المخضرم، روبرت فيسك، قد كشف فى العام نفسه، عن اتخاذ دول عربية خطوات سرية، بالتعاون مع الصين وروسيا وفرنسا، تستهدف وقف استخدام العملة الأمريكية فى المعاملات النفطية، ووصف ذلك بأنه دليل واضح يعبر عن شكل النظام العالمى الجديد، مشيرًا إلى أن انحطاط القوة الاقتصادية الأمريكية، المرتبط بالركود العالمى الذى وقع نهاية 2008، اعترف به ضمنيًّا رئيس البنك الدولى آنذاك، روبرت زوليك، عندما قال فى إسطنبول عشية اجتماعات البنك وصندوق النقد الدوليين: “إن الأزمة المالية الحالية ربما أدت إلى تغير فى علاقات القوى الاقتصادية الكبرى”.

وأضاف “فيسك”، فى مقاله المنشور فى 5 أكتوبر 2009، أن البرازيل أبدت هى الأخرى اهتمامًا بالتعاون فى الجهود الرامية للتخلى عن استخدام الدولار فى الصفقات النفطية وفعلت الهند الأمر نفسه، غير أن الصين تظل أكثر القوى الاقتصادية الكبيرة تحمّسًا لمثل هذا الأمر، وذلك لأسباب ليس أقلها حجم تجارتها الهائل مع الشرق الأوسط.

وتوقع روبرت فيسك فى مقالها وقتها، أن تحل محل الدولار “سلة عملات” تضم الين اليابانى واليوان الصينى واليورو والذهب، وهو ما تحقق نسبيًّا بالنظر إلى دخول اليوان الصينى ضمن سلة العملات الدولية لصندوق النقد الدولى، وحسب رواية “فيسك” سيكون التخلى عن الدولار تدريجيًّا، وسيمتد الانتقال إلى نظام الحسابات الجديد حتى العام 2018. 23 دولة تشكل 60% من الاقتصاد العالمى تخلت عن الدولار ويؤكد عديد من الخبراء الدوليين بالفعل، الآن ووسط الأجواء الحالية، اعتماد العديد من الدول على العملات المحلية فى التبادلات التجارية فيما بينهم، فيوجد حاليًا 23 دولة حول العالم، يشكل اقتصادها 60% من حجم الاقتصاد العالمى، قد تخلت عن الدولار فى تعاملاتها التجارية، ومن بين هذه الدول روسيا والصين والهند، وحتى ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

وفى هذا الإطار، قال أندريه تشوبريجين، الخبير فى اقتصادات الدول الآسيوية، فى تصريحات لموقع “روسيا اليوم” الإخبارى: “إن اعتماد العملات المحلية فى التبادلات التجارية بين الدول، أصبح توجّهًا عالميًّا، إذ لوحظ فى السنوات الأخيرة أن الكثير من مناطق العالم، وخصوصا الصين، وكوريا الجنوبية، وأمريكا الجنوبية، بدأت التوجه لاعتماد عملاتها المحلية فى تبادلاتها التجارية”.

الأزمة تصل بعجز الميزان التجارى التركى لـ3.2 مليار دولار يمثل الميزان التجارى شرطا رئيسيًّا فى سبيل التخلى عن الدولار فى التبادلات التجارية بين الدول، فعجز الميزان التجارى يجعل من الصعب سهولة توفير العملات الوطنية التى يحتاجها البلدان فى التبادل بينهما، وبالنسبة لتركيا يبلغ حجم التبادل التجارى مع موسكو نحو 30 مليار دولار سنويًّا، إلا أنه تراجع عن هذا المستوى بعد اندلاع الأزمة بين البلدين، على خلفية إسقاط سلاح الجو التركى قاذفة روسية فى سوريا، لكن الطرفين يخططان بعد تطبيع العلاقات للارتقاء بالتجارة بينهما إلى 100 مليار دولار.

ورغم أن الأزمة بين البلدين أسفرت عن عجز فى الميزان التجارى بالنسبة لتركيا قدره 3.2 مليار دولار، إلا أن محمد بيوكيكسى، رئيس جمعية المصدرين التركية، أشار إلى أن التداول بالعملات المحلية يوفر فرصة لتحسين هذا العجز.

Related posts

Leave a Comment