لطالما كان لمؤشر السوق المالية السعودية “تاسي” علاقة وثيقة بأسعار النفط العالمية، نظرًا للدور المركزي الذي يلعبه النفط في دعم الاقتصاد السعودي وتمويل الإنفاق الحكومي. فعندما تشهد أسعار النفط ارتفاعًا، ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المؤشر نتيجة تحسن توقعات المستثمرين بشأن الأرباح المستقبلية للشركات، لا سيما تلك العاملة في قطاعات البتروكيماويات والطاقة والخدمات المرتبطة بها. وعلى النقيض، تؤدي الانخفاضات الحادة في أسعار النفط غالبًا إلى تراجع في “تاسي”، نتيجة التخوف من انخفاض الإيرادات الحكومية وتأثيرها على وتيرة الإنفاق والتنمية الاقتصادية.
إليك تحليلًا مفصلًا حول العلاقة المعقدة بينهما، وأبرز توصيات المستثمرين الجدد:
الارتباط الوثيق بين النفط وتاسي
تعتمد عوائد الشركات الكبرى المدرجة على مؤشر تاسي، مثل أرامكو والقطاع المصنيعي والبنوك، بشكل مباشر على أسعار النفط، التي تمثل حوالي 55% من إيرادات الدولة . تشهد فترات ارتفاع النفط نشاطًا اقتصاديًا أكبر واستثمارات متزايدة في مشاريع عملاقة مثل نيوم، مما يدعم السوق المالي. بينما يؤدي انخفاض النفط إلى ضغوط مالية عبر تراجع إيرادات الدولة، سواء على العوائد الحكومية أو المشاريع المستقبلية، مما ينعكس سلبًا على السوق ويدفع المؤشر نحو الانخفاض .
كيف يؤثر تقلب النفط على تاسي؟
في مايو 2025، سجل تاسي خسارة تجاوزت 6.4% بسبب هبوط نفط برنت إلى نحو 65 دولارًا للبرميل، مما أدى إلى قلق المستثمرين بشأن التأثير على الإنفاق الحكومي والمشاريع الكبرى . وفي الفترة ذاتها، انخفض المؤشر إلى دون مستوى 11,000 نقطة نتيجة ضعف السيولة وانخفاض أسهم الطاقة والبنوك الرئيسية . ورغم ذلك، يظهر السوق علامات صمود حين ترتفع أسعار النفط، كما حدث بداية يونيو (+1.6% لمؤشر تاسي بدعم من النفط) .
تحليلات قطاعية: من يستفيد ومن يتضرر؟
بحث أكاديمي وجد أن تأثيرات النفط على القطاعات غير متجانسة، حيث تبدي القطاعات الصناعية والبتروكيماوية والإنشائية مرونة قوية تجاه التغيّرات الإيجابية في أسعار النفط، بينما تتأثر البنوك سلبًا . هذا يعني أن المستثمرين يمكنهم تنويع محفظتهم عبر تخصيص أوزان أكبر للقطاعات المرتبطة مباشرة بالنفط عند توقع ارتفاع الأسعار.
توصيات للمستثمرين الجدد
- للمهتمين بالمضمون طويل الأجل: عند توقع ارتفاع أسعار النفط فوق 70–80 دولارًا، يُنصح بالاستثمار التدريجي ببعض أسهم القطاع الصناعي والبتروكيماويات مع ملاحظة دعم السوق بتدابير “رؤية 2030” .
- للمضاربين: يجب متابعة مستويات المقاومة والدعم عند 11,500 و10,500 نقطة، مع ضبط وقف الخسارة خلال فترات تقلب النفط.
- للمتنوعين: يجدر البدء بمراقبة الأثر العروض الحرج عبر متابعة أداء أرامكو والراجحي، لأن انخفاض النفط سينعكس مباشرة على سهم أرامكو الذي يمثل الوزن الأكبر في المؤشر.
النفط كقائد لحركة السوق المالية السعودية
تُعد أسعار النفط المحرك الرئيسي لمؤشر السوق المالية السعودية “تاسي”، إذ تمثل العوائد النفطية أكثر من 60% من دخل المملكة. وعليه، فإن أي صعود في أسعار النفط يدفع السوق نحو النمو، بينما تؤدي التقلبات الحادة أو الانخفاضات إلى تراجع السيولة، وتخوف المستثمرين من تأثير ذلك على ميزانية الدولة ومشاريعها التنموية. تشير تحليلات “الشرق للأعمال” إلى أن أسواق الأسهم السعودية تميل للانخفاض عند كسر خام برنت لحاجز 70 دولارًا للبرميل، وهو ما حدث في منتصف عام 2024.
تأثير مباشر على الشركات الكبرى المدرجة
القطاعات المرتبطة بالطاقة مثل البتروكيماويات والنقل تستجيب فورًا لتغيرات أسعار النفط، خصوصًا شركات مثل “سابك” و”أرامكو”. فحين ترتفع الأسعار، تحقق هذه الشركات أرباحًا أعلى، مما يدفع بأسهمها للصعود ويؤثر إيجابًا على “تاسي”. أما في حال الهبوط، فتقل هوامش الربح، ما يضغط على نتائج الشركات الفصلية ويضعف ثقة المستثمرين. يُظهر مؤشر تاسي حساسية كبيرة تجاه نتائج شركات الطاقة، خصوصًا في الربعين الأول والثالث من كل عام.
الخلاصة
إن سوق الأسهم السعودية (تاسي) يتفاعل بشكل كبير مع تقلبات سوق النفط، حيث يمثل هذا الأخير المحرك الأساس لاختلافات السوق. يُمكن للمستثمرين الجدد الاستفادة من هذه العلاقة، عبر التركيز على القطاعات المرتبطة بصعود النفط وتنويع محفظتهم بما يوازن المخاطر. من الضروري متابعة أسعار النفط العالمية والتقارير الاقتصادية بانتظام لضبط استراتيجية الشراء أو البيع وفق التذبذبات المحتملة.