إعداد: محمود ابومسلم
رغم الرفاهية المجبولة التي قُدمت لنا بواسطة الواقع الإفتراضي بوجة عام ووسائل السوشيال ميديا بوجة خاص إلا أنهم أبادونا وطرحواْ بعزائمنا أرضاً فالغرب كما عهدناهم لم يمنحونا العسل الدسيم إلا بعد دسهم بة السُم الآليم….
فبقدر الرفاهية التي تحمل بين طياتها(ظاهرها) إندثاراً للمجهود البدني إلا أنها طالبة روادها بنشاط مضاعف للذهن.
فلقد تضخمت الأوامر التي يتلاقها البشر فأُصيبواْ بالتكدّس والتراكم اللانهائي للأحداث والتطلعات معاً…..
مما ساهم في صنع مزيج معلوماتي وفكري معقد يصعب تمييزه ويستحيل إستيعابة….
فأبناء هذا الجيل ترعرعواْ(ولدواْ) ليستخدموا محتويات أياديهم(أصابعهم) في جميع نشاطات حياتهم علي مدار اليوم خلال لحظاتة وثوانية.
لكن الأمر الذي كان يفترض حدوثه نتاجاً لذلك أن:
تؤدي هذه السرعة وذلك التقدم إلى توفير الوقت أو إدخارة.
ولكن هذا لم يحدث في ظل تكاثر وسائل الإتصال السريعة والخدمات الإلكترونية فرغم سرعة المهام هذة إلا أنها مكثفة الجهد والطليع…..
فلقد استطعنا نحن ک جيل تمكنت منة التكنولوجيا أن نتسكع ونتراسل عبر الإنترنت فضُيعت أوقاتنا وأُهدرت ساعتنا فأصبخت السوشيال ميديا تجر أوقاتنا لمتاهات ضائعة.
قال الحسن البصري:
”أيها الإنسان، إنما أنت أيام، كلما ذهب يومك، ذهب بعضــك”
والسؤال هنا….
هل يترك لنا عصر السرعة وقتاً لاستكمال أحلامنا؟
ليس من الصعب التقاط المفارقة القاسية في هذا الجانب فعصر السرعة العتيد بقدر ما اختزل من وقت في بعض من جوانب حياتنا فقد سرق الكثير منه في جوانب أخرى.
-فمن رجاحة عقل المرء إدراكه لفقه وقته فما كان للعمل لا يناسبه اللعب
وما كان للهو المباح لا يناسبه الجد.
وكم يؤلمني اختلاف حال بعض الناس في الواقع الإفتراضي عن حالهم في الواقع الإجتماعي الحقيقي…..
فوسائل التواصل الإجتماعي أضحت معنا في جميع حركاتنا وسكناتنا
فتجد أناساً وازعهم الأهم غي الصباح والمساء إرسال ما يصل إليهم من أدعية وأذكار وآيات وأحاديث لأصدقائهم ومحبيهم ولكن ما إنْ تلقى هذا الرجل في الواقع الحقيقي لوجدت أخلاقه مختلفة تماماً عما يرسله صباح مساء وتبقى المشكلة في تجسيد تلك الأخلاق في واقع المسلم اليومي. لنتأمل في واقع أخلاقنا وسلوكنا مع أنفسنا وأهلينا وأولادنا ومجتمعنا، فواقعنا يبعث على الأسى، إننا نعيش أزمة أخلاق في العالم الافتراضي والحقيقي.
الناس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي تستفيد من الأنشطة والبرامج المتاحة لها، وتتفاعل مع غيرها من الناس من خلال هذه الأنشطة المتاحة، وبذلك يتبادل الناس أنواع السلوك الإنساني مع غيرها فتفيد وتستفيد، وتتعلم أنواعًا من السلوك
فمن المعلوم أنَّ التواصل عاملٌ هام من العوامل التي تقوم عليها حياة الناس قديمًا وحديثًا، وكل فرد منا يمارس التواصل بطريقة أو بأخرى، ويدخل مع من حوله من أفراد وجماعات في عمليات اتصالية يستحيل عليه بدونها تسيير حياته وقضاء حاجاته، وهو ضرورة لا يستغني عنها مجتمع من المجتمعات البشرية على اعتبار أن دوام استمرار تقدم المجتمع، وازدياد رخائه، ورفاهية أفراده، وسعادتهم؛ إنما يعتمد بالدرجة الأولى على الاتصال الإيجابي الجيد. فبقدر نجاح الفرد في التواصل مع الآخرين بقدر نجاحه في الحياة، حيث ينعكس ذلك على صحته النفسية والاجتماعية، وبقدر نجاح الأمم في تواصلها مع ماضيها بتراثه، وثقافته، وفي الاتصال مع الأمم الأخرى؛ بقدر نجاحها في البقاء والاستمرارية والتطور.
أما الواقع الافتراضي فتعد مواقع التواصل الاجتماعي عبر الانترنت، من أحدث منتجات تكنولوجيا الاتصالات وأكثرها شعبية بين الناس، وقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي اليوم من المؤسسات المهمّة التي تقوم بدور مهم في تربية الشباب وإكسابهم عادات وسلوكيات مختلفة، وأداة مهمة من أدوات التغيير الاجتماعي. فالناس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي تستفيد من الأنشطة والبرامج المتاحة لها، وتتفاعل مع غيرها من الناس من خلال هذه الأنشطة المتاحة، وبذلك يتبادل الناس أنواع السلوك الإنساني مع غيرها فتفيد وتستفيد، وتتعلم أنواعًا من السلوك، وتكتسب خبرات إيجابية من خلال ذلك التفاعل والأنشطة، وتحاول أن تُنمي لنفسها الإحساس بالمسؤولية والاعتماد على الذات من خلال هذه العمليات والأنشطة وهي تقوم بذلك من خلال المشاركة مع الآخرين من الجماعات الأخرى على صفحات الفيس بوك.
وأما الواقع الحقيقي في المجتمع فنجد عددًا من الناس أخلاقهم على مواقع التواصل في واد وفي الواقع الحقيقي في واد آخر تمامًا، وصنف آخر نجدهم في المساجد في الصفوف الأولى وفي مواقع التواصل صفحاتهم مليئة بالآيات والأحاديث والمواعظ، وما إنْ تخالف مصلحتهم مصلحة الشرع في قضية أو حكم شرعي حتى يقدموا مصلحتهم وهوى أنفسهم على حكم الشرع. وبعيدًا عن التطبيق للأخلاق في الواقع نجد مسألة أخرى وقع فيها الناس بمواقع التواصل وهي الحوار في مسائل خلافية عقدية أو فقهية أو في مسائل الواقع المعاصر من ثورات الربيع العربي، وذلك عبر التعليقات فهذه المواقع بعضها لا تدعم التسجيلات الصوتية كما هو معلوم ويكتفون بالكتابة، فينتقل الحوار من الحوار الهادئ إلى الحوار الغاضب، حتى يصل الأمر بالمتحاورين إلى الشتم والسب أو الحظر من الصفحة أو التكفير العلني مما يزيد البغضاء والشحناء فيما بين الناس.
وختاماً جميعنا يحفظ العبارة الشهيرة…..
(اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية)
ولكن عند التطبيق نجد كثيرًا من الناس يتناسون هذه العبارة، ورحم الله الصفدي حيث قال:
ما رأيت أعقل من الشافعي ناظرته يومًا في مسألة ثم افترقنا ولقيني، فأخذ بيدي ثم قال: يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة. قال الذهبي: هذا يدل على كمال عقل هذا الإمام وفقه نفسه فما زال النظراء يختلفون. الأخلاق في الإسلام تتبوأ أعظم المواقع، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق) والحديث رواه أحمد في المسند، وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: (ما من شيء أثقل في ميزان العبد من خلق حسن، وإن الله يُبغض الفاحش البذيء) والحديث رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
فهل من عودة يا أمة الإسلام لأخلاق القرآن والسنة والسلف الصالح؟ هل من يقظة يا شباب الإسلام! ترشد إلى المثُل العليا، وتُبعد عن سفاسف الأخلاق ومساوئ الأعمال؟
لتكن مواقع التواصل الإجتماعي مثالًا لأخلاق رفيعة فيما بيننا نحفظ فيها الود وإنْ اختلفنا ولا نُشهِر بالآخرين في مسائل خلافية لا ينتهي جدلها في كل موسم تأتي به.
ولتكن أخلاقنا دوماً مثالًا للمحبة والتسامح والتطبيق العملي للإسلام والخلق الحسن معاً وإذا حدث فسنرتقي وسيُحمد أثرنا.