سارعت الحكومة السويدية الزمن طوال الأشهر الماضية من أجل الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو” لتلحق بجارتها فنلندا التي أصبحت العضو الـ 31 في الحلف في أبريل الماضي، رغم كل الترضيات التي قدمتها إلى تركيا من أجل الحصول على موافقتها، إلا أن حادث حرق المصحف الشريف يعيد الأمور إلى النقطة “صفر”.
وتعتبر الموافقة التركية هي الحلقة الأخيرة في انضمام السويد لحلف الناتو، إذ يشترط قانون الحلف، موافقة جميع الدول المنضوية فيه للموافقة على انضمام عضو جديد، وهو الأمر الذي يعقد ملف انضمام السويد التي تنتظر كلمة من أنقرة يبدو أنها زادت من تحفظها على قولها بعد حادثة حرق المصحف، إضافة إلى ملف آخر يتعلق بامتيازات وتسهيلات لتنظيمات كردية على الأراضي السويدية.
حادث حرق المصحف الشريف يعطل انضمام السويد الي الناتو
يبدو أن حادثة إحراق القرآن في السويد ستضع عقبة جديدة أمام انضمام البلد الأوروبي إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”، فيما كانت تركيا على وشك إبداء الموافقة، بحسب ما نقلته شبكة “بلومبرج”، مؤخرا.
وكانت أنقرة اشترطت على ستوكهولم تسليم أو طرد الانفصاليين الأكراد المشتبه فيهم على أراضيها لدعم انضمامها إلى الحلف.
وتطرَّق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام محلية، إلى حادثة حرق المصحف خلال مشاركته في برنامج لحزب العدالة والتنمية في إسطنبول.
وقال أردوغان “هذه محاولة من أعداء الإسلام والإنسانية لتعكير الجو بتحريضاتهم التي ينفذونها تحت حماية الشرطة. هذا هجوم شنيع على، القرآن الكريم”.
وأضاف: “من يقوم بهذه الجريمة الشنيعة لن يحقق أهدافه، وكذلك أولئك الذين يسمحون بارتكابها تحت غطاء حرية التعبير وأولئك الذين يتجاهلونها”.
وتابع: “تركيا لن تستسلم أمام سياسة التحريض أو سياسة التهديد، سنظهر رد فعلنا بأقوى شكل ممكن حتى يتم التصدي بقوة للتنظيمات الإرهابية وأعداء الإسلام، سنعلم الغرب أن الإساءة للمقدسات الإسلامية ليست حرية فكر”.
ومن المنتظر الأسبوع المقبل، عقد اجتماع على مستوى عالٍ في بروكسل حول عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، ومن المتوقع أن يشارك وزراء الخارجية التركية والسويدية والفنلندية في هذا الاجتماع.
إدانة حكومة السويد لحادث حرق المصحف
وأدانت الحكومة السويدية الأحد، واقعة حرق المصحف، واصفة العمل بأنه “معادٍ للإسلام” في رد فعل متأخر على موجة غضب اجتاحت العالم الإسلامي.
وكانت السلطات السويدية سمحت الأسبوع الماضي لمواطن من أصل عراقي بحرق المصحف أمام أكبر مساجد البلاد.
وأثار الفعل الذي وصف بالاستفزازي وسماح السلطات به غضبا عارما في العالم الإسلامي، واستدعت دولا عربية وإسلامية سفراء السويد لابلاغهم الاحتجاج.
وتبرر السويد السماح بـ حرق المصحف بأنها جزء من تقاليد البلاد في احترام حرية التعبير عن الرأي، لكن دولا عربية قالت إنها محاولة للتهرب من المسؤولية.
مخاوف السويد منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية
وسبق وأن تخلت السويد عن سياسة عدم الانحياز التي دامت عقودا وذلك عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير من العام الماضي حيث أدى الهجوم الروسي على أوكرانيا إلى قلب المشهد الأمني في أوروبا، مما دفع فنلندا، وجارتها السويد إلى طلب الانضمام للحلف.
فنلندا والسويد شعرتا بالخطر المحدق بهما، لقربهما من روسيا، فقررا الانضمام للناتو، وحماية أراضيهما، فالاعتداء على عضو في الحلف مستقبلا سيعني ضمان تدخل الناتو لنجدته، وهو الهدف وراء تقديم “طلب الانضمام”.
الدولتان الشماليتان قدما طلبا للانضمام إلى الناتو، في وقت واحد، لكن فنلندا هي التي حصلت على الموافقة “العاجلة” في إبريل الماضي، الأسرع في تاريخ الحلف، بينما ظلت السويد “معلقة”.
لماذا لم تحصل السويد على الموافقة؟
وتحدثت تقارير إخبارية عقب انضمام فنلندا للناتو في أبريل الماضي لتصبح العضو رقم 31 إلى أن حصول فنلندا على العضوية لا يزال يمثل لحظة “حلوة ومرة” للتحالف، حيث كان الأمل أن تنضم السويد إلى متنه في نفس الوقت.
لا تزال المجر وتركيا، عضوتا الناتو، هما الدولتان الرافضتان لانضمام السويد، حتى إن موافقتهما كانت متأخرة على عرض فنلندا.
بالنسبة للمجر، فالسويد أثارت غضب رئيس الوزراء الهنجاري فيكتور أوربان، أحد أقرب حلفاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوروبا، بسبب تعبيرها عن “القلق بشأن سيادة القانون في هنجاريا”.
غضب تركي من السويد
أما بالنسبة لتركيا، فالسويد أغضبت أنقرة برفضها تسليم عشرات المشتبه بهم الذين يرتبطون بمحاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، وآخرون تأويهم ستوكهولم من المسلحين الأكراد، مشتبه بهم ومطلوبين للمحاكمة في تركيا.
انضمام السويد لحلف الناتو
يأمل دبلوماسيون في الناتو أن يصبح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكثر قابلية للتكيف إذا حقق انتصارا في انتخابات مايو، آملين أن السويد ستنضم للحلف قبل قمة الناتو المقبلة في يوليو.
سباق مع الزمن من أجل انضمام السويد لحلف الناتو
ومن ناحية أخرى ذكر تحليل نشرته شبكة “سي إن إن” الأمريكية أن مسئولي حلف شمال الأطلسي (الناتو) يخوضون سباقًا مع الزمن لتجنب الإحراج من رؤية الحلف يتخطى هدفه المعلن المتمثل في قبول انضمام السويد إليه بحلول 11 من الشهر المقبل.
وأضاف التحليل أن كلا من السويد وجارتها فنلندا أعلنتا اعتزامهما الانضمام إلى الناتو من خلال سياسة الباب المفتوح التي انتهجها في مايو من العام الماضي، وذلك بعد أسابيع فقط من شن روسيا حربها على أوكرانيا.
وقبلت فنلندا أخيرا في أبريل من هذا العام، الأمر الذي يضاعف حدود التحالف مع روسيا، لكن انضمام السويد معرقل حاليا.
ومن المقبول بشكل عام أن القوات المسلحة السويدية متوافقة مع الناتو، وبحسب التحليل، لدى السويد وفد دائم في الحلف، وتعتبر شريكا وثيقا للتحالف، مما يعني أن انضمامها يجب أن يكون أمرا سهلا نسبيا.
وقال التحليل إن المشكلة تتمثل في تركيا -العضو المهم استراتيجيا في الناتو بسبب موقعها الجغرافي في كل من الشرق الأوسط وأوروبا، وثاني أكبر قوة عسكرية في التحالف- والتي تمنع انضمام السويد لعدد من الأسباب.
والأهم من ذلك، تقول تركيا إن السويد تسمح لأعضاء جماعات إرهابية كردية بالعمل في السويد، لا سيما حزب العمال الكردستاني.
تغيير قوانين الإرهاب في السويد
وغيرت السويد قوانين الإرهاب الخاصة بها في وقت سابق من هذا العام، حيث جعلت الجريمة جزءا من هذه الجماعات، بالرغم من أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا كافيا لأنقرة، بحسب التحليل.
وتقول تركيا أيضًا إن الحكومة السويدية كانت متواطئة في احتجاجات لليمين المتطرف، حيث حرق الناس نسخا من القرآن أمام السفارة التركية في ستوكهولم.
وأخيرا، هناك مخاوف بشأن مدى استعداد أردوغان على وصف نفسه بصديق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقبل فترة قصيرة على إعادة انتخابه، قال لـ”سي إن إن” إنه وبوتين يتشاركان “علاقة خاصة”.
الموعد النهائي لانضمام السويد للناتو
وبحسب التحليل في “سي إن إن”، يشعر مسؤولو الناتو والحكومة السويدية بالقلق من أن تفويت الموعد النهائي في 11 يوليو -وهو موعد قمته التالية في العاصمة الليتوانية فيلنيوس- سيبعث برسالة خطيرة لخصوم التحالف.
وأشار التحليل إلى أن من بينهم روسيا، وكوريا الشمالية، والصين، رغم عدم قربهم من شمال الأطلسي.
وقال دبلوماسي في الناتو لـ”سي إن إن”: “إذا تخطينا (الموعد النهائي)، يقول هذا لأشخاص مثل بوتين إن هناك حلقة ضعيفة في التحالف الغربي. يعطيهم الوقت والمساحة للتسبب في متاعب. وقد يكون هذا أي شيء من الهجمات السيبرانية إلى تمويل وتشجيع مزيد من حرق القرآن للتسبب في انقسام في السويد”.
وقال دبلوماسي من أوروبا الشرقية لـ”سي إن إن” إنه بالإضافة إلى “تشجيع أعداء” الناتو”، يخاطر أي تأخير “بإعطاء شعور بسلطة أردوغان على الحلف”.
ويشعر مسؤولون من معظم دول الناتو بالتفاؤل بإمكانية إبرام اتفاق قبل يوليو، لكنهم يدركون أنه قد يكون له ثمن.
وأشار التحليل إلى أن تركيا، بادئ ذي بدء، تريد موافقة الكونجرس على شرائها لمقاتلات “إف-16” الأمريكية. وفي حين يتردد المسؤولون الأمريكيون في ربط قضية السويد والمقاتلات صراحة، يقول المسؤولون إن خلف الكواليس هناك صفقة واضحة يتعين القيام بها.
تاريخ تأسيس الناتو
وتم وضع أسس الحلف، رسميًا، في 4 أبريل 1949 بتوقيع معاهدة شمال الأطلسي، المعروفة بشكل أكبر باسم معاهدة واشنطن.
وفي مثل هذا اليوم قبل 74 عاما، وقع ١٢ عضوا مؤسسا على معاهدة واشنطن التي تستمد سلطتها القانونية من المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وتعيد التأكيد على الحق الطبيعي للدول المستقلة في الدفاع الفردي أو الجماعي عن النفس.
وبانضمام فنلندا في أبريل الماضي، توسع الـ12 مؤسسًا على مدار 74 عاما، ليصل العدد إلى 31 عضوا، في تحول استراتيجي كبير مدفوعا بالحرب في أوكرانيا.
المصدر ..فيتو