كتب أحمد أسامة
دخلت الأزمة الليبية عامها الثاني عشر دون أن تُفضي أحداثها إلى نتائج دستورية تؤذن لها بتجاوز حقبة الثورة والعنف، وبدء مرحلة الدولة واستعادة المؤسسات لأدوارها المسلوبة. وتعزو عدد من التحليلات والرؤى ذلك الأمر إلى ضعف البنية الأساسية اللازمة لبناء الدول خلال حقبة الزعيم الليبي الراحل “معمر القذافي”، ولعدم وجود إرادة لدى ساسة الغرب الليبي بحل الميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون، واستغلالها لابتزاز المعارضين ولأغراض سياسية بمصالح شخصية.
حيث أعلن نهاية الشهر الماضي عدد من شباب مدينة الزاوية الواقعة غرب ليبيا قرب العاصمة الليبية طرابلس دخولهم في عصيان مدني شامل على خلفية مقاطع فيديو متداولة لـشباب يتعرضون للتعذيب على يد مرتزقة أفارقة داخل مقر إحدى الميليشيات. وتجمع الشباب أمام مقر مديرية الأمن في المدينة فجر الخميس، حسبما ظهر في مقطع فيديو متداول وقام أحدهم بإلقاء بيان تضمن مطالبهم. وطالب البيان، بإيقاف المجلس البلدي وأعضائه ومحاسبتهم، وإجراء انتخابات بلدية جديدة، وإيقاف مدير أمن الزاوية ومثوله أمام القضاء، وإنهاء ظاهرة السيارات المسلحة والمصفحة بشكل نهائي من المدينة، ونقل المقرات العسكرية خارجها. وطالب الشباب بإلغاء ما سموه بـالشرعية غير القانونية الصادرة من وزارتي الداخلية والدفاع، وإيقاف القوة الأمنية المشتركة الحالية وإعادة تشكيلها، وإلقاء القبض على المرتزقة الأفارقة التابعين للعصابات والأجهزة الأمنية ومداهمة أوكار الهجرة غير الشرعية. لتعود الأحداث الإجرامية وتدور مرة أخرى في نفس المدينة، بجريمة بشعة جديدة،
حيث تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديو مرئي لفتاة تعرضت للخطف والضرب والاغتصاب وتم تصويرها من قبل خاطفيها قيل إنه في مدينة الزاوية غرب البلاد. وتظهر الفتاة تستجدي شخصاً يقوم بضربها وشتمها بألا يقوم بتصويرها بكلمات “والنبي لا .. بالله عليكم لا .. الله يستركم لا ” ، ويستمر الشخص في تعنيفها ومن ثم ينقطع الفيديو، الذي تم استقطاعه من قبل ناشريه الذين يحاولون لفت النظر عن جرائم التشكيل المسلح العصابي ومروجي المخدرات الذين تم ذكرهم عبر بعض صفحات الميديا. وقال بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي إن الفتاة التي ظهرت في الفيديو تم استدراجها عن طريق فتيات، إلى وكر هذة العصابة القريب من مقر مديرية أمن الزاوية، بعد أن علقت على صورة نشرت عبر إحدى التطبيقات تعليق مسيئ لشخص يظهر رفقة فتاة، وهو أحد المتهمين في عملية خطفها واغتصابها. وحاول مراسلون صحفيون التواصل مع مديرية أمن الزاوية للتأكد من صحة المعلومات حول الفيديو المرئي والواقعة ولكن بدون جدوى، فيما لم تعلن أي جهة رسمية أو أمنية بياناً توضيحياً بالخصوص. ويعود السبب الرئيسي لاستمرار حالة عدم الاستقرار وبلطجة الميليشيات في ضوء اختلاف الأجندات السياسية، لمشكلة احتماء الحكومات المتعاقبة بهذه الميليشيات المسلحة، فمع ولوج كل حكومة ليبية كمسار للحل، تتبدل خريطة الميليشيَّات لا سيما أن الحكومة لا تحل نفسها بعد فشل التوافق وإجراء الانتخابات في المدة المحددة، بل تتحول إلى عقدة جديدة في المشهد السياسي مثل ما حدث مع حكومتي “فايز السراج”، و”عبدالحميد الدبيبة”، وبالتالي تستمر معاناة المواطن الليبي دون أي حل جذري لها، ويتسمر العبث بأرواح السكان سواءًا في مدينة الزاوية أو في غيرها من المدن، وتستمر سطوة الميلشيات المسلحة.