أحمد أسامة
منذ إشتعال الفوضى الأمنية والسياسية في ليبيا إثر قصف قوات حلف الناتو لها وإسقاط نظام حكم الرئيس القذافي عام 2011، تسعى دول الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية لبسط السيطرة الكاملة على الأراضي الليبية وبالأخص على حقول وآبار النفط الليبية الغنية بأكبر إحتياطيات الذهب الأسود في العالم.
وفي ظل الإنقسام الذي تشهده ليبيا بين معسكر الغرب في طرابلس وحكومة الوحدة الوطنية منتهية الشرعية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومعسكر الشرق الواقع تحت سيطرة القوات المسلحة العربية بقيادة المشير خليفة حفتر، نجحت واشنطن في السيطرة بصورة غير شرعية على عائدات النفط الليبي عبر المؤسسة الوطنية للنفط الخاضعة لمعسكر الغرب، لكنها حتى هذه اللحظة فشلت في بسط سيطرتها على الحقول والآبار المتواجدة في شرق وجنوب البلاد.
ويعود الفضل في عدم السيطرة الأمريكية على هذه الآبار هو تواجد قوات الشركة العسكرية الروسية الخاصة فاغنر إلى جانب قوات الجيش الوطني الليبي وحمايتهم للحقول الأمر الذي جعل فكرة نهب النفط منها أمر صعب المنال على المرتزقة والميليشيات التابعة لحكومة الوحدة والتي تعمل على بيع النفط في السوق السوداء لصالح واشنطن.
حيث أن قوات شركة فاغنر عملت إلى جانب قوات الجيش الوطني على دحر التظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة التي جاءت إلى البلاد إبان سقوط حكم القذافي، ونجحت في تنفيذ مهامها والقضاء على الجماعات المسلحة وتولت من بعدها مُهمة حماية المُنشآت النفطية في الجنوب والشرق الليبي.
والولايات المتحدة تسعى بشتى الطرق لبسط سيطرتها ونفوذها على المنطقة الشرقية وهو ما دفعهم لتقديم الدعم الكامل لمبادرة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عبد الله باثيلي، والتي جاءت تحت مُسمى دعم الإنتخابات الرئاسية لكنها في حقيقية الأمر لم تتضمن أي خطوات واضحة لحل الأزمة بل ركزت بشكل كلي على ضرورة إيجاد آلية عادلة لإدارة عائدات النفط برعاية واشنطن.
واليوم تعمل واشنطن على إيجاد السبل لإخراج قوات الشركة العسكرية الروسية الخاصة من الأراضي الليبية لإضعاف قوات المشير خليفة حفتر وبالتالي النجاح في السيطرة على حقول وآبار النفط الشرقية.
وفي هذا السياق أجرى وفد أمريكي رفيع المستوى، الإثنين، على رأسه مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربارا ليف، مباحثات مع القائد الأعلى للقوات المسلحة العربية الليبية المشير خليفة حفتر، تحت شعار دعم وصول البلاد إلى انتخابات تحل أزمتها وفق مبادرة المبعوث الأممي عبد الله باثيلي.
ونقلاً عن وسائل الإعلام طالبت باربارا في لقاءها مع حفتر إلى ضرورة وقف التعاون العسكري مع قوات الشركة العسكرية الروسية الخاصة فاغنر، كون أن شركة فاغنر تم تصنيفها مؤخراً كمنظمة إجرامية عابرة للحدود وتعمل على زعزعة الامن والإستقرار في ليبيا، حسب قولها.
وتعليقاً على تحركات واشنطن الاخيرة في ليبيا، قال الكاتب الليبي والمحلل السياسي، أحمد الفيتوري، أن الولايات المتحدة تسعى لتمرير مقترح المبعوث الأممي عبدالله باثيلي لما تحويه المبادرة من مكاسب للصالح الأمريكي وهو ما يجب على الأطراف السياسية التنبه له وعدم القبول به والمضي قدماً نحو إجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد وفق التعديل الدستوري الثالث عشر المتفق عليه بين مجلسي النواب والدولة.
أما فيما يخص قوات فاغنر العسكرية الخاصة قال الفيتوري أن واشنطن ترى في فاغنر الشوكة والسد المنيع الذي يحول بينهم وبين النفط الليبي، ولقاء باربارا بالمشير خليفة حفتر ومحاولة إقناعه بالتخلي عن خدمات فاغنر ما هو إلا خدعة جديدة هدفها إضعاف الجيش الوطني الليبي وحفتر ومن ثم توحيد المؤسسة العسكرية وتسليم السلطة بالكامل لوزير الدفاع ورئيس حكومة الوحدة منتهية الشرعية عبد الحميد الدبيبة وإقصاء حفتر نهائياً من المشهد السياسي والعسكري.