كتب أحمد أسامة
اصبح التلاعب بالمشهد السياسي الليبي، سياسية تتبعها دول الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق مصالحهم ونهب ثروات الشعب الليبي مُستغلين بذلك معاناة أبناء الشعب وحلم الوصول لإنتخابات رئاسية حرة ونزيهة منذ سقوط نظام حكم الرئيس معمر القذافي عام 2011، والذي تم أيضاً على يد واشنطن وحلف الناتو. ومنذ عام 2011 بدأت واشنطن في تنصيب رجالها في مناصب ذات شأن مرموق في الحكومات المؤقتة التي مرت على ليبيا حتى يومنا هذا، ويُعتبر مُحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير واحد من أهم رجالات الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا. الصديق الكبير المُتربع على عرش أكبر مؤسسة مالية ليبية منذ عام 2014 وأثناء الأزمات يُقيم خارج البلاد خوفاً على نفسه، والذي لم يفلح مجلس النواب الليبي والذي يُعتبر السلطة التشريعية في إقالته، لأنه منصوب من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية، لكنه أصبح اليوم كبش فداء من أجل تحقيق أجندات واشنطن في ليبيا. وبحسب مصدر مُقرب من محافظ مصرف ليبيا المركزي، فإن الخلاف بين واشنطن والكبير نشب بينهما بعدما قرر الأخير وقف تحويل اموال عائدات النفط الليبي إلى الحسابات الأمريكية وطالب من واشنطن أن يترأس الحكومة المؤقتة التي سيتم تشكيلها وفق مبادرة المبعوث الأممي للدعم في ليبيا.
لتُقرر واشنطن ان تتخلص من الكبير الذي يُشكل تهديد واضح لمصالحها وتُجري إنتخابات رئاسية ليبية وفق مبادرة باثيلي ويتم توحيد مصرف ليبيا المركزي وتفرض هيمنتها الكاملة على الثروات الليبية. ولتحقيق ذلك تعمل الولايات المتحدة على الترويج بشدة لمبادرة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عبد الله باثيلي، بخصوص إنهاء الأزمة السياسية والإقتصادية في البلاد وتحقيق مطالب الشعب بإقالة الصديق الكبير من منصبه. حيث نشر معهد الشرق الأوسط للدراسات الأمريكي تقريراً أكد فيه على ضرورة إجراء الإنتخابات الرئاسية ليتم توحيد مصرف ليبيا المركزي المنقسم بين شرق وغرب البلاد. وأظهر التقرير أن العقبة الحقيقية والسبب وراء معاناة الشعب الليبي هو محافظ المصرف المركزي في طرابلس الرافض لفكرة التوحيد. التقرير الأمريكي في هذا التوقيت وبحسب المحللين والخبراء في الشأن السياسي هدفه الترويج لمبادرة باثيلي التي جاءت لمنع الأجسام السياسية في ليبيا من إتخاذ قراراتها بنفسها، حيث جاءت المبادرة بالتزامن مع توافق مجلس النواب الليبي والمجلس الاعلى للدولة على التعديل الدستوري الثالث عشر.
ومن الجدير بالذكر أنه في بداية الأمر قُوبلت المبادرة بهجوم ورفض على نطاق واسع في الداخل الليبي كونها لا تخدم مصالح الشعب الليبي، ولضمان تمريرها قررت واشنطن كشف ملف فساد الصديق الكبير وأن الطريقة الوحيدة لإقالته هي إجراء الإنتخابات حصراً وفق مبادرة باثيلي وبالتالي كسب دعم الشعب الليبي. عضو مجلس النواب الليبي، صالح افحيمة قال أن المبعوث الأممي عبد الله باثيلي لا يملك مبادرة لحل الأزمة وكل ما قدمه في إحاطته امام مجلس الأمن خطوط عريضة لم تستقر في ذهنه بعد ويريد من الليبيين أفكاراً لإستكمالها.
وفي حديثٍ آخر قال الكاتب والمحلل السياسي الليبي، أحمد الفيتوري، أن الولايات المتحدة الامريكية لطالما بحثت عن مصلحتها في المقام الأول، وبعد اعوام من التعاون على نهب أموال الشعب الليبي عن طريق الصديق الكبير ها هم يتخلون عنه في لمح البصر من اجل زيادة الفوضى والفساد في البلاد. الفيتوري طالب من الشعب الليبي ان لا ينخدع بتحركات الولايات المتحدة ودول الغرب في الداخل الليبي ويتمسك بحقه في الوصول للإنتخابات الرئاسية بخارطة حل سياسي ليبي-ليبي والإستمرار في رفض التدخل الأجنبي السافر في الشأن الليبي الذي هو ما أوصل البلاد الى ما هي عليه اليوم.