أحمد أسامة
لا تزال ليبيا تعيش مرحلة عصيبة من تاريخها في ظل خلافات سياسية وعرقلة لإنتخابات كان من المقرر إجراؤها وأجندات غربية أمريكية تخلط المشهد بما يهدد بإشتعال فتيل النزاع المسلح من جديد.
فقد أفادت مصادر محلية، أمس، بأن القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية، دفعت بتعزيزات كبيرة نحو منطقة الشويرف في الجنوب الغربي الليبي، تضمنت أرتال عسكرية ضخمة تم تصويرها من قبل شهود عيان.
ويأتي ذلك بالتزامن مع استعدادات قوات “أسامة الجويلي” (الغرب الليبي) في مدينة الزنتان للتوجه إلى منطقة القريات جنوب مدينة بني وليد.
في حين أعلن آمر قوة الإسناد بعملية بركان الغضب، ناصر عمار عن توجيهه تعليمات للطيران المسير بالتحرك للاستطلاع وقصف أي تحركات مشبوهة لقوات الجيش الوطني.
يُشار الى أن القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، أكد في آخر تصريح له بأنه لن يتخلى عن العاصمة طرابلس أبداً مهما كانت الظروف، فيما عده البعض تلويحاً جديداً بالحرب.
ووفق المراقبين للوضع الليبي، فإن حفتر يخشى تمدد نفوذ الميليشيات والجيش الليبي المدعومين غربياً نحو مناطقه، خصوصاً وأن الطرح الجديد الذي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية فرضه عبر دعمها لمبادرة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، عبدالله باثيلي المشبوهة، تقصي حفتر من المشهد وتؤدي الى إنحلال جيشه.
حيث أطلق باثيلي، الإثنين الماضي، خلال إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي، مبادرة لإجراء الانتخابات خلال العام الجاري، بعد أن تحدث عن إخفاق مجلسي النواب والدولة في التوافق على قاعدة دستورية للانتخابات.
إلا أن المبادرة توضح مدى إنحياز الأمم المتحدة في الأزمة الليبية، بإكتفائها بتشكيل لجنة حوار سياسي جديدة تجمع جميع الأطراف، مع عدم وضوح المعايير والرؤية التى سيتم الاستناد عليها في اختيار المشاركين في هذه اللجنة.
وخلال لقائه برئيس مجلس الدولة الإخواني خالد المشري اليوم، جدد المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا السفير، ريتشارد نورلاند، دعوته لتكثيف الجهود في دعم خارطة طريق الانتخابات التي أعلن عنها باثيلي.
كما أفادت بعض المصادر المقربة من المشري، بأن الأخير تراجع عن ضماناته لحفتر بتمرير شرط ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية في الإنتخابات، الشرط الذي بقي محل خلاف بين مجلسي الدولة والنواب الى الآن.
وبنظر المراقبين، فإن واشنطن تريد اليوم كما أرادت في السابق تحييد الجيش الوطني الليبي وقائده المشير خليفة حفتر عن المشهد، لأنه يقوم بعرقلة خططها في البلاد، عبر إضعاف قوة جيشه، وإختراق قادته العسكريين، من خلال مبادرات أممية على المقاس الأمريكي لا الليبي.
فالولايات المتحدة عبر سياستها المفرقة في البلاد تدفع الأطراف الى المواجهة العسكرية بدلاً من إيجاد حلول حقيقية تضمن مسار إنتقال ديموقراطي حر، على أساس الحوار، وتركيزها ينصب أولاً وأخيراً على فرض أجندتها لتحقيق مصالحها في السيطرة على ثروات البلاد الغنية.