أحمد أسامة
منذ أن قرر رئيس حكومة الوحدة المنتهية الصلاحية، عبد الحميد الدبيبة، تعيين فرحات بن قدارة رئيسًا للمؤسسة الوطنية الليبية للنفط، منتصف العام الماضي، بقرار مشبوه ومفاجئ إلى حد كبير، كون هذا المنصب اعتُبر سياديًا إلى حد ما ولم يستطع أحد المساس به منذ 2014، والجدل يحوم حول مصير الثروات النفطية للبلاد وعائداتها.
فقد استطاع الدبيبة بعد تنصيبه لـ “بن قدارة” توقيع سلسلة من اتفاقيات التعاون النفطية مع كل من تركيا وإيطاليا، وحتى بشكل أبسط مع الإمارات العربية المتحدة، الأمر الذي استدعى المدعي العام لفتح تحقيق بهذا الشأن، وكشف ملابساته موقع “أفريكا إنتلجينس” الفرنسي.
حيث أفاد الموقع بأنّ النائب العام الصديق الصّور يُحقق في تحويل مشبوه بقيمة 4 ملايين دولار من المؤسسة الوطنية للنفط لحساب سويسري تابع لـ «شركة BGN» اﻹماراتية.
وبحسب الموقع الاستخباراتي الفرنسي، فإنّه تم إصدار أمر تحويل هذا المبلغ المالي قبل أسابيع عدة، لكن جرى حظره أواخر الشهرين الماضيين من قبل إدارة الامتثال للمصرف الليبي الخارجي التي تدير أموال المؤسسة الوطنية للنفط.
وأضاف أفريكا إنتلجنيس، أنّ النائب العام الصديق الصور يشتبه في ارتباط العديد من هذه المدفوعات بعملية غسيل أموال وفقا لشخص مطلع على القضية.
وأشارت الصحيفة أنّ هذه الألية قد تسمح بدفع عائدات المؤسسة الوطنية للنفط إلى صدام حفتر، ويجوز للمدفوعات أن تكون جزءًا من اتفاق تم التوصل إليه في أبو ظبي في يوليو الماضي مع إبراهيم الدبيبة.
ولفت الموقع الفرنسي إلى أنّه جرى توسيع العلاقات بين شركة «BGN International» الإماراتية وشرق ليبيا، مشيرًا إلى أنّه خلال نوفمبر الماضي وقع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة مذكرة تفاهم معها ولم يتم التوضيح على تفاصيلها بعد.
يأتي هذا بعد أن وقعت المؤسسة الوطنية للنفط بمشاركة وفد من حكومة الدبيبة، اتفاقًا نفطيًا مع شركة إيني الإيطالية، شهر يناير الماضي، وذلك بالتزامن مع زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى العاصمة الليبية طرابلس لحضور مراسم توقيع هذه الاتفاقية.
وما أثار ارتياب المراقبين والمحللين الاقتصاديين الليبيين، انتقاد وزير النفط والغاز بالحكومة محمد عون للاتفاقية، الذي رأى أنه “لا يجوز لمؤسسة النفط التفاوض مباشرة مع شركة (إيني) الإيطالية”. منتقدًا بدوره رئيس المؤسسة الوطنية للنفط قائلًا “فرحات بن قدارة رئيس المؤسسة قدم مقترحاً للتفاوض مع (إيني) إلى مجلس الطاقة الذي قدمه لمجلس الوزراء بصورة غامضة”.
كما انتقد وزير النفط الحصة التي حصلت عليها “إيني” بموجب هذا الاتفاق البالغة 38 في المئة من الأرباح. واعتبر أن “القائمين على مؤسسة النفط يطوعون القوانين بحسب مزاجهم ومصالحهم، لأن حصة (إيني) في كل المشروعات المشتركة مع ليبيا لا تتجاوز 30 في المئة، ولا يمكن منحها أعلى من هذا الرقم، ويتضمن أيضاً استرداد المصاريف والربح”. واتهم عون شركة “إيني” بأن “لديها قطع استكشاف منذ السبعينيات وماطلت في استغلالها للحصول على مزيد من الأرباح”.
وتجدر الإشارة إلى أن عبد الحميد الدبيبة، وبمساعدة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، فرحات بن قدارة، استطاع أيضًا توقيع سلسة من اتفاقيات التعاون الاقتصادية، مع الحكومة التركية العام الماضي، سلمّت خلالها جزءًا كبيرًا من الحقول النفطية والآبار الغازية للشركات التركية للتنقيب عنها، ما دفع بالقضاء الليبي لوقف العمل بها لكثرة الثغرات القانونية التي شملت بنود الاتفاقيات، ولكون نسب الأرباح وتقسيمها بين الطرفين في بنود هذه الاتفاقيات مشبوهة وغير معلنة بشكل مخالف للقوانين.
ويرى مراقبون بأن تكليف فرحات بن قدارة من قبل الدبيبة برئاسة مجلس الإدارة لمؤسسة النفط كان نتاجًا لصفقة سياسية برعاية دولية، لتقاسم الثروات الليبية فيما بينها، لأن بن قدارة لم يتم السنة في منصبه، والأموال الليبية والنفط والغاز يتم توزيعها بـ”المجان” للدول المتدخلة في ليبيا، لإرضاء هذه الدول وبالتالي استمرار الدبيبة في منصبه لفترة أطول على حساب الشعب الليبي ومصالحه.