كتب أحمد أسامة
يبدو أن العام الجديد سيكون مثله مثل الأعوام السابقة على الساحة السياسية في ليبيا، وسيظل الفشل السياسي والتدهور الأمني والإقتصادي على ما هو عليه، بسبب وجود أطراف سياسية تحقق أجندات الأطراف الخارجية، التي تسعى بشتى الطرق لعرقلة أي مسار سياسي في البلاد يقود نحو إنتخابات رئاسية حرة ونزيهة كما يتطلع لها الشعب الليبي.
فإن رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية الولاية عبد الحميد الدبيبة والذي جاء وفق مخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف بهدف توحيد مؤسسات الدولة وإجراء الإنتخابات الرئاسية، قرر أن ينفرد بالسلطة في البلاد ويُعرقل المسار السياسي ويُفشل الإنتخابات عن طريق الميليشيات والمرتزقة المُسيطرين على العاصمة طرابلس، وجعل من الإنتخابات حلماً بعيد المنال.
وفي إطار تسول الدبيبة الشرعية والدعم لحكومته، إستقبل الأخير مدير جهاز المخابرات الأمريكية، وليام بيرنز، الأسبوع الفائت في العاصمة طرابلس. ووفق مصادر خاصة، طلب الدبيبة من بيرنز أن تعمل الولايات المتحدة على “توحيد الموقف الدولي الرافض للتدخلات السلبية الإقليمية في ليبيا”. وطلب أيضا أن تكون ليبيا شريكاً إستراتيجياً حقيقياً للولايات المتحدة في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية.
جاء لقاء الدبيبة ببيرنز بعد أن قامت ميليشياته، منذ أسابيع باختطاف المواطن الليبي أبو عجيلة مسعود المريمي، المتهم بقضية لوكربي، من منزله وسلمته للولايات المتحدة الأمريكية. وهذه القضية كان نظام القذافي قد أغلقها قانونياً بدفعه التعويضات المالية اللازمة، إلا أن الدبيبة وجد فيها ضالته للإفراج عن حفنة من المال الليبي المجمد في البنوك الأمريكية، والتزلف للإدارة الأمريكية.
من جهة أخرى، وفي إطار إستفادة الدبيبة من منصبه، أعلن ديوان المحاسبة في ليبيا، برئاسة خالد شكشك، وجود جملة من التجاوزات المالية في وزارة الحكم المحلي، التابعة لحكومة الدبيبة، تتعلق بالتوسع في إنفاق ميزانيتها عام 2021، بما خالف القانون، وأضر بالمال العام. حيث رصد التقرير الصادر عن الديوان، مساء (السبت)، مخالفات عدة، بدايةً من إسناد مهام لبعض الشركات بالمخالفة للقانون، والإنفاق على جهات ذات ذمة مالية مستقلة، بالإضافة إلى تجاوزات أخرى.
وقد اعتبر أحمد السنوسي الصحفي والإعلامي المُتخصص في الشؤون الاقتصادية، أن عبدالحميد الدبيبة هو أكثر المستفيدين من الحالة الاقتصادي السيء في ليبيا، وقال: “تزامن تعديل وتوحيد سعر الصرف مع جلوس الدبيبة على كرسي الحكومة، ما جعل هنالك وفرة في الميزانية على عكس أعوام للسراج ومن قبله، حيث كانت دائماً الميزانية بالعجز”.
وأضاف: “لأول مرة منذ 2011 خرج بند المحروقات من الميزانية واصبحنا نستبدل النفط بالمحروقات، وكل هذا تزامن مع الحرب الروسية الاوكرانية، وبالطبع شأن ليبيا شأن أي دولة نفطية استفاد الاقتصاد الليبي من هذه الحرب بزيادة اسعار برميل النفط عالمياً الذي أيضاً جاء في مصلحة الدبيبة”.
وتابع: “ضف على هذا بواقي العام الماضي من الميزانية وتوزيع الميزانيات على الجهات التي يستطيع الدبيبة تحريكها واستخدام المال فيها، نتيجة كل هذه الفرص الاستثنائية، سيتحصل الدبيبة على كم وافر جداً من المال منها 16 مليار دينار بين الشركات المصرية والتركية ناهيك عن ميزانية أخرى للتنمية”.
بقاء الدبيبة في السلطة وتمسكه بها بنظر المراقبين، يُبقي البلاد على حالها الراهن، والجهود التي يبذلها مجلسا الدولة والنواب بتحقيق توافق والعودة الى الإنتخابات، لن تتكلل بالنجاح، مادام الوضع في العاصمة طرابلس رهينة لحكومة الدبيبة ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا.