كتب أحمد أسامة
بعد أشهر من الاستقرار النسبي في طرابلس، عاد السلاح المنفلت ليثير الفزع في نفوس سكانها، بعدما أزهقت رصاصات مجهولين 3 أرواح في ظرف 48 ساعة لأسباب عُلم بعضها وخفي البعض الآخر حتى الآن.
وبين يومي الأحد والاثنين الماضيين، شهدت المدينة جرائم عدة ذات طابع جنائي وسياسي، ما بين قتل واختفاء واعتداء على بيت النائبة في البرلمان الليبي سارة السويح.
وبدأت هذه السلسلة من الجرائم بالعثور على جثة المواطن الليبي، كمال بديري، والذي يعمل في جهاز الرقابة الإدارية، مقتولاً رمياً بالرصاص في سيارته، بالقرب من قاعة الشعب المعروفة بالعاصمة طرابلس، وبعدها بساعات اختطف زميله في الجهاز مهند العيادي، ولم يتم معرفة مصيره حتى الآن.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر مقربة من بديري الذي كان يعمل بإدارة التحقيق في الرقابة الإدارية، أنه تلقى تهديدات منذ مدة بسبب بعض الملفات الحساسة التي يقوم بالتحقيق فيها.
في الأثناء، كشفت عضو مجلس النواب عن طرابلس، سارة السويح، الاثنين، عن تعرض منزلها غرب العاصمة لهجوم بقذائف “آر بي جي” على يد مسلحين يعترضون على بعض مواقفها السياسية.
وقالت السويح إن “الاعتداء تم على مدار يومين، إذ قام مسلحون مجهولون باستهداف المنزل للمرة الأولى فجر الجمعة، والاستهداف الثاني كان مساء السبت”.
وأوضحت أن “هذا الهجوم حدث عند تواجد أفراد عائلتها داخل المنزل، ولكن لم يتعرض أحد لأذى، ولم تسجل أي خسائر بشرية أو إصابات”.
وأشارت إلى أن “الهجوم تسبب في حال من الهلع والخوف وترويع المدنيين في بيوتهم من الجيران وسكان المنطقة”.
وتابعت “تم التواصل مع الجهات المختصة، ولا يوجد سبب لهذا الهجوم سوى ممارستي لعملي الديمقراطي ومواقفي كممثلة للناخبين في مجلس النواب”.
وتسببت هذه الحوادث الأمنية المثيرة للقلق في حملة من الانتقادات لوزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية، ليس فقط بسبب ما تعيشه العاصمة من انفلات أمني ملحوظ، بل أيضاً بسبب ما تشهده أيضاً مدينة الزاوية، المحاذية لها، من عمليات اغتيال غامضة منذ أشهر، وسط عجز كامل من الوزارة في الكشف عن أية تفاصيل تفك لغزها، وتضع المسؤولين عنها في قبضة العدالة.
وحاولت الوزارة الرد على هذه الانتقادات بالإعلان عن خطة أمنية مكثفة لضبط الأمن في طرابلس ومدن أخرى، وقال وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي، إن “وزارته أطلقت فعلياً المرحلة الأولى من خطة تأمين العاصمة”، لكن العديد وصف هذه الخطط بالغير منطقية، كون الوزارة معظمها مؤلف من ميليشيات مسلحة تحمل تسميات كالأجهزة الأمنية، وفي نهاية الأمر ستطلق الوزارة ميليشيات مسلحة لمحاربة أخرى مشابهة لها فقط.
يأتي هذا بينما تمر البلاد بعاصفة سياسية بسبب تمسك رئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة، بالسلطة ورفضه الإذعان لمطالب البرلمان وغيره من الأجسام السياسية بالتنحي، خصوصًا وأن السبب الرئيسي للانفلات الأمني غربي البلاد هو عرقلة الدبيبة لمساعي توحيد الجيش، وحصر السلاح بيد الدولة، بل على العكس، يقوم بتمويلهم بشكل مباشر والتغطية على جرائهم وغض البصر عنها.