كتب أحمد أسامة تفاقمت الأزمة السياسية في ليبيا بعد تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في ديسمبر لعام ٢٠٢١ وتعمق الانقسام السياسي حين كلف مجلس النواب فتحي باشاغا في فبراير الماضي بتشكيل حكومة جديدة، ولم يتمكن باشاغا من ممارسة مهامه من العاصمة طرابلس. لتدخل البلاد بعدها في دوامة من الصراعات السياسية، ولتغرق في مستنقع من الفوضى الأمنية، بسبب اعتماد نخب سياسية مثل حكومة الوحدة الوطنية المنتهية الصلاحية على ميليشيات وجماعات مسلحة لتأمين موقعها ودحر جميع القوى التي تحاول اقصائها عن السلطة. ليبدأ عام جديد من عمر الأزمة بتوافق بين مجلسي النواب والدولة، اللذان يحاولان بقوة إيجاد قاعدة سليمة لإجراء الإنتخابات، ولكن هذه الحلحلة لم تغير من رأي أو موقف المحللين السياسيين والنشطاء والمراقبين، اللذين اعتبروا أن الحل الوحيد في ليبيا هو حل الميليشيات وحصر السلاح في يد الدولة والجيش. حيث قال المحلل السياسي محمد الفزاني، أن “خالد المشري” و”مجلسه” لا يحكمون غرب ليبيا ولا يمثلونها فهناك أجسام أقوى منهم وهي المليشيات التي لن تخضع لأي حل يتفق عليه المشري مع الطرف الآخر إن كان في غير صالحها وحل المليشيات وإعادة دمجها إحدى تلك النقاط التي لن يستطيع المشري الإيفاء بها في حال اتفق وتعهد بذلك. معتبراً أن شرق ليبيا فيها جسم واحد يمثل المنطقة، وهو مجلس النواب المدعوم بقوة من الجيش، أما غرب ليبيا فيحوي أجسام أخرى غير مجلس الدولة ومنها إلى جانب المليشيات متعددة التوجهات، أيضا حكومة الدبيبة التي تعارض أي اتفاق لمجلس الدولة مع الطرف الآخر وسبق للأخير إعلان ذلك أكثر من مرة، والتي تدعم بدورها هذه الميليشيات ماديًا وسياسيًا. وعلى خلفية “الانقسام السياسي الذي تتحكم فيه قوة السلاح”، وفق الباحث في المركز المغاربي للإعلام والدراسات، عز الدين عقيل، الذي أكد أن “ليبيا لا تحتاج الآن إلى مصالحة وطنية شاملة بقدر ما هي في حاجة ماسة إلى مصالحة بين قادة الميليشيات المسلحة في الغرب والشرق والجنوب، لأن القوة على الأرض تستطيع الغاء الانتخابات وحتى نتائج الانتخابات، وربما قد تؤدي إلى حرب جديدة”. مضيفًا: “الأجسام التشريعية في البلاد تحاول وضع قوانين ودستور وخطة ورؤية للانتخابات، وهذا أمر مقبول، ولكن المعضلة تكمن في أنه إذا رفض قادة الميليشيات في طرابلس، اللذين يتبعون رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، لن تتم هذه الانتخابات ببساطة”. ويصل عدد الميليشيات المسلحة في ليبيا وفق تقديرات أممية إلى 300 ميليشيا مختلفة التسليح من دون أي وضع قانوني لها، معظمها يتركز غربي البلاد، وتتخفى بسميات كـ”أجهزة أمنية”، اعتُبرت المسبب الرئيسي لفشل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر 2021. وتُشير آخر التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة لعام 2021 أن “ليبيا بحوزتها 29 مليون قطعة سلاح”. التقرير أوضح أن “ليبيا باتت تشكل المخزون الأكبر في العالم من ناحية حيازتها الأسلحة غير الخاضعة للرقابة”، كاشفاً عن أن “الكمية المقدرة تتراوح بين 150 و200 ألف طن من السلاح في جميع أنحاء البلاد”.
Related posts
-
وزير أوقاف السودان في كلمته نيابةً عن الوفود المشاركة في ندوة دار الإفتاء المصرية: – مصر أرض الكنانة رمزُ الحضارة الإسلامية ومصدر الإلهام في مواجهة التحديات الفكرية
د. محمد الياقوتي: القيادة المصرية نموذج يُحتذى به فى ترسيخ الأمن الفكرى : ندعم مصر الأزهر... -
تراجع أسهم ماكدونالدز بسبب تفشي بكتيريا: أزمة تهدد سمعة الشركة
شهدت أسهم شركة ماكدونالدز العالمية انخفاضًا حادًا في البورصات العالمية بعد تقارير تؤكد تفشي بكتيريا خطيرة... -
حظر بيع التبغ في نيوزيلندا: خطوة جريئة نحو مستقبل خالٍ من التدخين
في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى تحسين الصحة العامة، أعلنت نيوزيلندا حظر بيع التبغ للأجيال القادمة،...