كتب أحمد أسامة
وصل الانسداد السياسي في ليبيا إلى مستوى حرج بعد أن توافق مجلسي النواب والدولة على ازالة حكومة عبد الحميد الدبيبة المنتهية الصلاحية، التي بدورها أثبتت أنها منيعة عن أي قرارات برلمانية أو غيرها، بسبب الدعم الخارجي لها وبسبب سيطرتها الكاملة على العاصمة طرابلس. وطبقا للتقارير الاعلامية الليبية أنه اصبحت الأزمة الأساسية في ليبيا هي تعدد النخب أو الأجسام السياسية التي تسيطر على المشهد فيها وكل من هذه الأجسام يحظى بقوة عسكرية على الأرض من ميليشيات وجيش ومرتزقة ويتمتع بدعم غربي متعدد الأشكال. واصبح رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة هو الشخص المناسب في المكان المناسب بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلاله تستمر أجندات واشنطن ومصالحها بالسريان في ليبيا لأنها لم تقم يومًا بإدانته بعرقلة أو بفشله في الانتخابات التي كان مزمع عقدها نهاية العام الماضي ولم تفرض عقوبات على أعوانه بالرغم من تقارير ديوان المحاسبة التي فضحت فسادًا عميقًا ومستشريًا في السلطة في طرابلس.
وطبقا للتقارير الاعلامية أن رئيس البرلمان عقيلة صالح اصبح شخصية مدعومة من قبل الامارات العربية المتحدة التي تسيطر على سلسلة موائى ليبية على البحر المتوسط، ويتمتع بحصانة الجيش الوطني الليبي، الذي يعد القوة الوحيدة الرسمية في معكسر شرقي ليبيا، وليس كنظيره في الغرب الذي يضم ميليشيات مسلحة متعددة الهوية والأيديولوجيات.
وأشارت التقارير بالنسبة للانسداد السياسي أن الساسة الليبيون يتوافقون ثم يشكلون حكومة أو مجلسًا يتحكم بزمام الامور حتى تتغلغل الدول الغربية ومصالحها جنبًا إلى جنب مع الأطماع الشخصية بالعملية السياسية لتتحول بعدها إلى صراع مصالح وحربًا على الشرعية لتسارع كل دولة غربية بدعم طرف على حساب الآخر أو تلتزم حيادًا سلبيًا ليرى مصالحه مع من تصب. وبهذا تجدر الإشارة إلى عبد الحميد الدبيبة تحديدًا كونه يعتبر أداة الغرب على عكس غيره من السياسيين، حيث قام بتوقيع اتفاقيات تعاون مع تركيا مؤخرًا كان الهدف الرئيسي منها كسب الدعم التركي المطلق له خصوصًا في الشق العسكري منها بعد أن استشعر تهديدًا من قبل الجيش الوطني الليبي الذي كان عازمًا على التدخل لإزاحته. وعندما استشعر خطرًا على وجوده بعد أن توافق مجلسي النواب والدولة، وهو أمر مفاجئ ونادر الحدوث قام بتحريك قضية سياسية وحساسة، كانت مغلقة أساسًا وهي قضية “لوكربي” لتخطف الميليشيات المسلحة التابعة له أحد المتهمين وتقتاده إلى جهة مجهولة والتي بحسب العديد من المصادر الصحفية هي جزء من صفقة عقدها رئيس الحكومة مع واشنطن لضمان انحيازها له في المعركة السياسية المقبلة مع البرلمان وحليفه الجديد. وتدور ليبيا في حلقات مفرغة سواء مع عبد الحميد الدبيبة أو مع سابقه فائز السراج او مع غيره لطالما سيكون هنالك معسكر يتبع أجندات معينة ويدعم مصالح دولة بذاتها بينما يجابهه معسكر آخر بمعتقدات وأجندات ومصالح اخرى. تعدد النخب السياسية واختلاف أهدافها وطمع ساستها بالسلطة مستمر، والوجوه نفسها تتبادل الأدوار في كل حلقة مفررغة من الأزمة الليبية وعند الاقتراب من ايجاد حل نهائي تخلط الأوراق من جديد ويجد الليبيون أنفسهم أمام انقسامات جديدة ووعود لا طائل لها أو أمام حرب جديدة لإعادة حساب موازين القوى بين النخب السياسية.