كتب أحمد أسامة
في إطار ثورات الربيع العربي حين تفشّى الاستياء في ربوع المنطقة بأسرها كانت أجواء العنف تتصاعد بوتيرة سريعة وحادة في ليبيا بين نظام العقيد الراحل معمر القذافي ومعارضيه لتصل الأمور إلى درجة الحرب الأهلية فيما يعرف باسم الثورة الليبية أو ثورة 17 شباط فبراير والتي قرر حلف شمال الأطلسي ناتو ودول أخرى التدخّل فيها لإسقاط النظام وصولا إلى إنهاء حياة القذافي على يد ميليشيات مسلحة معارضة في ضواحي مدينة سرت في تشرين الأول أكتوبر 2011 مرت ليبيا بمحطات سياسية وأخرى أمنية عدة منذ إطاحة نظام الرئيس السابق معمر القذافي في عام 2011 وجرت جولات حوار محلية وأخرى دولية لم تؤتِ أكلها لا سيما إثر تعثر إجراء العملية الانتخابية في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021 بسبب رفض أجسام سياسية عدة مدعومة بأذرع أمنية ترشح بعض الشخصيات للانتخابات الرئاسية على غرار سيف الإسلام القذافي نجل العقيد معمر القذافي وقائد الجيش الوطني في الشرق الليبي المشير خليفة حفتر ودرو المستشارة الأمريكية ستيفاني ويليامز في ليبيا كان له الأثر الأكبر في تعميق الأزمة فقد حولتها إلى عملية سياسية تقودها صعودا وهبوطا وتتحكم في مفاتيحها الرئيسية وتحدد مصير عدد كبير من قادتها وكلما أغلقت نافذة فتحت أخرى تهرب منها كما أنها لم تقترب من العديد من القضايا المهمة المعلّقة بل تهربت منها لأن القرار السياسي لم يصدر لها بعد بالاقتراب والحل في مقدمتها ملف الميليشيات المسلحة والمرتزقة والقوات التركية ولن تسمح الجهات المستفيدة من الأزمة بتوافق دستوري وإجراء انتخابات ما لم تكن المخرجات متسقة مع مصالحهم وتضمن لهم صدارة المشهد. لتعود بمقترح جديد مفاده أن يجرى في أول انتخابات رئاسية انتخاب مجلس رئاسي يتكون من ثلاثة أشخاص يمثل كل عضو منهم واحدة من المناطق التاريخية الثلاث في ليبيا وذلك لمواجهة مخاوف استئثار الرئيس بالسلطة، وبذلك تقييد الرئيس الجديد في حال فشل الغرب في تأمين مصالحه في المنطقة إلى حين انتخاب هذا الرئيس الجديد. ولكن لطالما تجاهلت عمدا المستشارة الأمريكية ثلاقة عوامل تعتبر الأهم في تحقيق استقرار في ليبيا وهي حل الميلشيات وضبط السلاح بيد الدولة وتوحيد الجيش هذه العوامل التي من شأنها انهاء الصراع المستمر منذ 2011 فلن يجرؤ أحد على الانقلاب على العملية السياسية ولن يجرؤ أحد رفض المشاركة بها أو عرقلتها، وجيش موحد من شأنه أن يضمن نزاهة وشفافية العملية الانتخابية ويضمن خضوع جميع الساسة للرئيس الجديد المنتخب من قبل الشعب ولسوء حظ رئيس الحكومة المنتهية الصلاحية وستيفاني ويليامز والطبقة السياسية المنخرطة في اللعبة أن الخلافات المتجذرة ولعبهم المستمر بمستقبل البلاد بدأ ينعكس بقوة على معيشة المواطنين فالكهرباء والماء ينقطعان وقتا طويلا في أنحاء البلاد وغابت معظم الخدمات التي يحتاجها الناس وشح الموارد في بلد غني بالموارد صار ظاهرة لافتة. هذه القضايا التي تمس معيشة المواطن الليبي مباشرة من شأنها أن تطلق شرارة ثورة كبرى لاقتلاع جميع الساسة من مناصبهم ورفض أي مقترح أو تدخل خارجي ومنه نسف المصالح الغربية في هذا البلد الغني بالنفط وهاهو المشير خليفة حفتر يستغل هذه النقطة تحديدًا ويدعو الشعب للانتفاضة فهل سنرى انتفاضة قريبة؟ أم مجرد مشروع سياسي عابث جديد من قبل ستيفاني ويليامز والدول التي تمثلها؟