سلسلة الإعلام بين القاع والقمه

 

يقدمها الكاتب الإعلامي : محمد الشريف 

  • 1 – 

في أواخر شهر نوفمبر في العام ٢٠١٤ م، نشرت الصحف ووسائل الإعلام المصريه عدة شروط لعودة العلاقات مع شقيقتها دولة قطر. 

وفي حضور الملك عبد الله بن عبد العزيز الملك السعودي، وبدعوة منه ومن دولة الإمارات والبحرين وقطر، رفضت مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إجراء أية لقاءات تكميلية مع قطر، لإبداء سبل الود والإخاء، إلا بعد موافقة قطر على ثلاثة عشر بنداً فندتها وزارة الخارجية المصريه على لسان وزير الخارجية لحكومة مصر لاحقا، السيد سامح شكري، وإلا سيتم الرد عليها بكل حزم وقوة، وكانت أهم تلك الشروط ” توقف المسؤولين في قطر عن الإدلاء بأية تصريحات استفزازية تخص الشأن الداخلي لمصر، وعدم ممارسة أي ضغوط على مصر، سواء كانت إقتصادية أو دبلوماسية، والتوقف عن الحملات، الإعلامية التي تشنها قناة الجزيرة ضد مصر، والتوقف عن تمويل قادة جماعة الإخوان وغيرهم من العناصر المعادية للنظام أو دعمهم إعلاميا وماديا وطرد العناصر التكفيرية من قطر، وإعلان قائمة بالجماعات الإرهابية تضم جماعة الإخوان، و الإلتزام خطيا بعدم الهجوم على مصر وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، و التضييق على العناصر المعادية لمصر وعدم السماح لهم بمباشرة النشاط السياسي ومهاجمة مصر من داخل قطر، أو عقد إجتماعات ومؤتمرات بها. 

ماذا كان رد قطر؟ 

تعهدت قطر بطرد كل من يخالف الشروط، أو يتجاوز ضد النظام المصري، والتوقف عن مطالبة مصر بالودائع الموجوده داخل البنوك المصريه، لحين تحسن الوضع الإقتصادي. 

وتشير المصادر في حينه أن أمير قطر تميم بن حمد وافق على الشروط وأعطى تعهدات جديدة بضخ استثمارات قطرية في مصر، لتعزيز التعاون مع مصر، و حضوره المؤتمر الإقتصادي الذي كان من المقرر انعقاده في مارس من نفس العام. 

المؤتمر الإقتصادي بمصر في مارس عام ٢٠١٥م ( EEDC) 

Egypt economic Development confrence 2015

 ذلك المؤتمر الذي كان من نتائجه الإتفاق مع شركة العبار لإنشاء العاصمة الإدارية بإستثمارات 45 مليار دولار كمرحلة أولى، على مساحة 70 ألف فدان شرق القاهرة حيث تتراوح تكلفة المشروع الإجمالية من 75 إلى 80 مليار دولار لسعة ستة ملايين مواطن ويستغرق العمل بالمشروع من عشرة إلى اثتنتي عشرة عاما حتى الإنتهاء. 

منح المؤتمر دعماً سياسيا لنظام الرئيس السيسي، أكثر من كونه دعماً إقتصاديا لمصر، وورد في الكثير من التحليلات الإقتصادية حينها أن الشركات التي حضرت المؤتمر من منطلق الخوف على مصالحها القائمة بالفعل في مصر، وكذلك لم يتم دعوة أي من الشركات القطرية ولا الأمير القطري الذي تعهد بالحضور في حال دعوته. 

وكان المؤتمر أيضا، تحدي واضح من الرئيس السيسي، لمعارضيه، تثبيت أركان حكمه الإقتصاديه من جهة، ومن جهة أخرى نكاية لقطر التي لم تحضر المؤتمر بل وشكك إعلامها في أهمية الإقتصادية لمصر. 

وكان المؤتمر من وجهة نظر أخرى، عبارة عن مسكنات خليجية للنظام والإقتصاد المصري، والذي بلغت حصيلته 194 مليون دولار بما يعادل وقتها 1.480تريليون جنيها مصريا ً. 

كانت العلاقات المصرية القطرية هي مادة الإعلام الخصبة التي لا تنضب، وهي الملاذ الإعلامي لإثبات الولاء للنظام المصري بالسب والطعن في الإدارة القطرية ووصفها بما يتسع للمخيلة أن تسع، و من أجل ذلك، لمدة سبع سنوات من الشقاق، ضحى بعض الإعلامييون ووسائل الإعلام بمهنيتهم وقواعدها و بعضهم ضحى بأخلاقه التي أصبحت بدورها مقياس الولاء والوطنية على وسائل التواصل الإجتماعي الذي يعكس ما يراه ويتأثر به في بعض البرامج الحوارية المصرية، و يستخدم نفس الخلق في العداء والنقد و حتى التنازلات الأخلاقية ونقل المفردات. 

وصل الأمر إلى إعتبار قطرعدو إستراتيجي على لسان كبار وأشهر البرامج التلفزيونية في مصر، كان سباق السب و النقد الغير مهني، هو راية الإعلام المصري و أحد اهم مؤشرات الإخلاص والولاء حتى الوطنية، وهكذا صور الإعلام للمواطن عملية سقوط وهمي كانت من شأنها تغييب عقل ووعي المواطن لسنوات عن الحقيقة، و كان كذلك احد أهم عوامل السقوط الأخلاقي في مصر بشكل عام. 

و ذخرت وسائل التواصل التي هي مرآة الإعلام آلاف النكات على عدد سكان قطر المحدود ومساحتها الصغيرة، وكأن الدول تقاس بتعداد شعوبها او مساحة أراضيها. 

ومن المؤكد أنه يهمنا فقط هنا، الحرص على الوعي المجتمعي الذي يقوده الإعلام وأثره الإيجابي او السلبي على المفاهيم والقيم الإنسانية. 

ما يلفت الإنتباه هنا أنك تجد بين هؤلاء من يتخذ دور الناقد الإجتماعي أو الحارس الأخلاقي الأداب العامه والسلوك للمجتمع بشكل عام و للفن بوجه الخصوص، فمنهم من يتهم الفنان ذلك او تلك الفنانه او ذلك المسلسل او هذا العمل السينمائي بنشر الرذيلة او الإساءة لأخلاقيات المجتمع بل ويتحدث بعضهم بإسم الدين احيانا أو منظرا للعادات والتقاليد والترحم على زمن جميل رحل عنا وغاب. 

الإنسياق المجتمعي خلف إعلام غير مهني، يؤدي إلى مجتمع، تختلط فيه المفاهيم وتتناثر فيه القيم الحقيقية وتندثر فيه الحريات الإبداعية خلف وهم الحماة والحراس ورعاة ودعاة الفضائل الكاذبه، ومن القوة إلى الإضمحلال نبدأ مبحثنا الإعلامي في عدة مقالات، ونتخذ من العلاقات بالدول الشقيقة مدخلاً هاما للكشف عن السياسة المهنية الإعلامية، ومحاولة وضع نقدا ًبناءاً للإعلام، أمام القائمين عليه. 

الكاتب والإعلامي : محمد الشريف 

[email protected] 

Related posts

Leave a Comment