بقلم ✍ : كريم ياسر قنديل
وضعت الدولة نصب أعينها خطه طموحة للتحول الي مركز إقليمي لتجارة الغاز المسال والمساهمة في تحقيق الإكتفاء الذاتي ؛ بل إتجهت الدولة الي المساهمة في تأمين إحتياجات الأسواق العالمية الذي تزامن مع زيادة الطلب علي الغاز المسال في أسواق دول اوروبا.
قامت مصر بوضع استراتيجيات تقوم علي جذب الإستثمارات الأجنبية في مجال البحث والكشف عن البترول والغاز ؛ بل سعت مصر لإبرام الاتفاقيات حيث تم توقيع 99 اتفاقية بحرية بترولية جديدة مع الشركات العالمية للبحث عن البترول والغاز بإستثمارات بلغ حدها الأدنى 17 مليار دولار بالإضافة الي 690 مليون دولار استثمارات لمواصلة البحث والإستكشافات وتحسين التشغيل ومنح توقيع قدرها نحو 1.1 مليار دولار لحفر 384 بئراً خلال الفترة من يوليو 2014 حتي يونيو 2021 ؛ بل اتجهت الدولة ايضا الي ترسيم الحدود البحرية لتوسيع عمليات الاستكشاف حيث تم ترسيم الحدود البحرية مع قبرص عام 2014 ثم الإتجاه الي ترسيم الحدود البحرية مع السعودية عام 2016 مما سمح لوجود نشاط البحث عن البترول والغاز لأول مره في هذه المنطقة ثم اتجهت إلي ترسيم الحدود البحرية عام 2020 مع اليونان بالإضافة الي تأسيس منتدي غاز شرق المتوسط والذي يعد نقطة محورية وفاصلة في جهود مصر لتعزيز قدراتها الإنتاجية والتصديرية والتي تنظم التعاون والتكامل الاقليمي لإستغلال موارد الغاز التي تزخر بها منطقة شرق المتوسط لتحقيق اقصي فائدة للمنطقة وبذلك أصبحت لاعباَ اساسياً في سوق الغاز العالمي.
صورة توضح جهود مصر الدولية لتصبح من اكبر موردي الغاز المسال من وزارة البترول .
إحتلت مصر المركز ال 14 عالمياً والخامس اقليمياً والثاني افريقياً في إنتاج الغاز عام 2020 بحجم إنتاج سنوي بلغ 58.5 مليار م3، بل استطاعت مصر الحفاظ علي مستويات انتاجها وتصديرها للغاز الطبيعي في ظل وجود جائحة كورونا لعام 2020 /2021 حيث وصل حجم الإنتاج 66.2 مليار م3 والإستهلاك 62.9 مليار م3 والفائض 3.3 مليار م3 .
إن رحلة مصر من الإستيراد للغاز إلي التصدير لم تكن سهلة بل بذلت مصر جهوداً عظيمة للوصول إلي ما هي عليه حيث وصل العجز في الغاز 2014 /2015 الي 2. مليار م3 حيث سجل حجم الانتاج 46.8 مليار م3 والإستهلاك 47 مليار م3 كما أن العجز بدأ يتراجع مع بداية تشغيل حقل ” ظهر ” حيث سجل عجز بقيمة 4.9 مليار م3 لعام 2017 /2018 مقارنة بعام 2016 /2017 الذي سجل العجز فيه نسبة 8.9 مليار م3.
صورة توضح حجم الإنتاج ومركز مصر في التصدير والانتاج من وزارة البترول.
تم مؤخراً إكتشاف العديد من الحقول مثل : “نورس” بدلتا النيل وكشف شمال الاسكندرية وغرب دلتا النيل بالبحر المتوسط وحقل ” ظهر ” الذي يعد اكبر كشف غاز طبيعي بالبحر المتوسط ومن اكبر اكتشافات الغاز الطبيعي في العالم .
إن إنتاج الغاز يتمثل في العديد من الأماكن ويعد البحر المتوسط من أكثر المواقع انتاجاً حيث ينتج بنسبة 62% ويليه دلتا النيل بنسبة 19% يليها الصحراء الغربية بنسبة 18% .
إن الأليات التي ساعدت مصر في التحول من دولة مستوردة إلي مصدرة للغاز المسال لمختلف الأسواق العالمية وذلك بفضل تكثيف عمليات البحث وتنمية حقول الغاز الطبيعي , حيث تم تنفيذ 30 مشروعاً لتنمية حقول الغاز منذ 2014 حتي 2021 بإجمالي تكلفة استثمارية بلغت 514 مليار جنيه وبفضل تلك المشروعات التنموية لحقول الغاز بلغت القدرة الإنتاجية لهذه الحقول 73.4 مليار م3 وتتمثل أبرز تلك المشروعات في مشروع تنمية حقل “ظهر” بقدرة انتاجية سنوية تبلغ 28 مليار م3 ومشروع تنمية حقل “ريفين” بقدرة انتاجية سنوية تبلغ 8.7 مليار م3 وكذلك مشروع تنمية حقل “نورس” بقدرة انتاجية سنوية تبلغ 4.6 مليار م3 الامر الذي ساهم في تحويل مصر الي دولة مصدرة واتجهت إلي فتح اسواق جديدة امام السوق المصري المسال منذ بدء التصدير حيث أنه يوجد 20 دولة إستوردت الغاز المصري منها أسواق جديدة تم إفتتاحها في كلاً من تركيا وكرواتيا وباكستان وبنجلاديش.
وعلي صعيد متصل ,جار تنفيذ مشروع مشترك لإعادة التصدير من قبرص إلي مصر, حيث يبلغ طول الخط المزعم إنشاؤه من قبرص حتي مصنع الإسالة في إدكو 380 كم ,كما اشار إلي أن هذا المشروع سيعود بالنفع علي 8 دول يمكنها الإستفادة من تصدير الغاز المصري لأوروبا كما يجري حالياً اجراءات استئناف تصدير الغاز للبنان.
وبالتالي يمكن القول بأن مصر تعد ثاني اكبر مساهم في نمو صادرات الغاز المسال علي مستوي العالم من يناير الي اغسطس 2021 وفقاً للوكالة الدولية للطاقة كما أن مصر تعد المصدر العربي الأسرع نمواً للغاز المسال بل ستصبح لاعباً رئيسياً ومنافساً بارزاً في السوق العالمي للغاز المسال .
إن الأمر الذي يجعل الغاز المسال المصري يتدفق بشكل مهول في اوروبا هو أن اوروبا تأتي علي رأس الأسواق المستهلكة للغاز حيث يبلغ نصيبها من إستهلاك الغاز الطبيعي 14.2% من إجمالي العالم وبواقع 541.1 مليار م3 عام 2020 حيث أن هذا الأمر سيزيد من درجة إعتماد السوق الأوروبي علي واردات مصر من الغاز من الخارج لتلبية الطلب المستقبلي , مما يوفر فرصاً أفضل للغاز الطبيعي المصري.