البروفيسـور الدكتـور الشـريف علـي مهـران هشـام
السيدة زينب الحوراء الطاهرة أو زينب الكبري , هي ابنة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ووالدتها فاطمة الزهراء سيدة نساء الجنة وأخواها الحسن والحسين سيد الشهداء وجدها محمد رسول الله وسيد ولد ادم صلى الله عليه و سلم.
السيدة زينب (عقيلة بني هاشم ) جاءت إلى مصــر عام 61 هجري بعد أستشهاد أخيها الحسين في موقعة كربلاء، ومكثت بها عام واحد، ثم وافتها المنية ودفنت بمصر (على أرجح الأقوال ).
ولدت السيدة زينب رضي الله عنها سنة 6 هـ، ويكبرها الحسن والحسين، ويصغرها أختها أم كلثوم. ورثت السيدة زينب من أمها فاطمة الزهراء الرقة والحنان، ومن أبيها علي بن ابي طالب العلم والشجاعة و التقوى وكان لها مجلس علمي تقصده جماعة من النساء اللواتي يردن التفقه في الدين. . وعندما أتت إلى مصر تجمع حولها العلماء من أهل مصر ممن أرادوا الاستزادة من علمها وورعها وتقواها حتى كثر مريدوها.
يروي عنها ابن عباس رضي الله عنهما فيقول” حدثتني عقيلتنا زينب بنت علي ، فأ لتصق لقب عقيلة بني هاشم بها رضي الله عمها والسلام علي ال بيت رسول الله.
تزوجت السيدةزينب من ابن عمها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، و أنجبت أربعة بنين هم محمد وعون و عليٌ و عباس، و بنتين هما: أم كلثوم و أم عبد الله. توفي الرسول صلى الله عليه و سلم وهي في الخامسة من عمرها، ثم لحقت به أمها فاطمة الزهراء بعد وفاته بستة أشهر.
عاصرت السيدة زينب حوادث كبيرة عصفت بالخلافة الراشدة بمقتل أبيها علي خليفة المسلمين كرم الله وجهه عام 40 هـ بطعنة من عبد الرحمن بن ملجم من الخوارج. وبعد وفاة الحسن بن علي، وإصرار يزيد بن معاوية على أخذ البيعة من الحسين، خرج الحسين وأهله ومنهم أخته زينب من المدينة سرًا، متجهين إلى الكوفة بعد أن وصلتهم رسائل أهل الكوفة تدعوهم إلى القدوم، وتتعهد بنصرتهم ضد الأمويين. شهدت زينب كربلاء عام 61 من الهجرة، وشهدت استشهاد أخيها الإمام الحسين وابنها عون في المعركة ومعه ثلاث وسبعين من عترة آل البيت والصحابة وأبناء الصحابة
وسيقت زينب ومعها سكينة وفاطمة بنتا الإمام الحسين وبقية نساء آل البيت إلى حاكم الكوفة الأموي عبيد الله بن زياد، وقد وضعوا رأس الأمام الحسين عليه السلام في مقدمة الركب دخلت السيدة زينب الكوفة في ركب الصبايا والأسيرات، وقد وقفت الجموع محتشدة تشهد هذا الركب الرهيب, فنظرت إليهم السيدة زينب وألقت عليم قولاً ثقيلا” أما بعد يا أهل الكوفة، أتبكون ؟ فلا سكنت العبرة ولا هدأت الرنة! إنما مثلكم
مثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم، ألا ساء ما تزرون, أي ولله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلاً، فقد ذهبتم بعارها وشنارها، فلن ترحضوها بغسل أبدا. و كيف ترحضون قتل سبط خاتم النبوة ومعدن الرسالة، ومدار حجتكم ومنار محجتكم، وهو سيد شباب أهل الجنة؟ لقد اتيتم بها خرقاء شوهاء أتعجبون لو أمطرت دمًا ؟ ألا ساء ما سولت لكم أنفسكم، أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون أتدرون أي كبد فريتم، وأي دم سفكتم، وأي كريمة أبرزتم؟ ” لقد جئتم شيئًا إدًا * تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدًا ” . سألها الخليفة يزيد بن معاوية عن المكان الذي تختاره لإقامتها فاختارت المدينة المنورة، و لكن وجودها في المدينة أجج نيران الثورة ضد الخلافة الأموية، فأمرها والي المدينة بالرحيل عنها، فاختارت مصر لتقيم فيها. وصلت السيدة زينب بنت علي بن ابي طالب إلي مصر في شعبان عام 61 هـ، و خرج لاستقبالها جموع المسلمين و علي رأسهم والي مصر الأموي مسلمة بن مخلد الأنصاري. و أقامت السيدة زينب في بيت الوالي حتي وافتها المنية بعد عام واحد من قدومها إلي مصر يوم 14 رجب 62 هـ، و دفنت في بيت الوالي، الذي تحول إلى ضريح لها.
عُرف عن السيدة زينب تحليها بالعلم والتقوى، والشجاعة والإقدام، والبلاغة وقوة البرهان. لقد وقفت أمام جبار البصرة عبيد الله بن عباد تسفه كلامه وتتوعده بعذاب الله غير عابئة بالموت الذي قد يأتيها في أي لحظة من قاتل أخيها وقاتل عترة بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واحتضنت ابن أخيها علي زين العابدين حين أراد عبيد الله أن يضرب عنقه و قالت: ” ولله لا أفارقه، إن قتلته فاقتلني” ، فخلي عبيد الله سبيل الغلام رضي الله عنهم جميعا.
السيدة زينب رضي الله عنها كانت تمتلك ناصية البلاغة والكلام وقوة الحجة والبرهان والشجاعة التي يفقتدها الكثير من الرجال والفرسان. عندما رأت سفاح بني أمية يزيد بن معاوية يعبث بقضيب في يده برأس الإمام الحسين سبط رسول الله وسيد الشهداء سلام الله عليهم , اسمعته كلاما قويا ومؤثرا ومنه علي سبيل المثال ” إذا كان الحكم ربنا والخصم جدنا، وجوارحك شاهدة عليك: أينا شر مكانًا و أضعف جندًا. فلئن اتخذتنا في هذه الحياة مغنمًا، لتجدننا عليك مغرمًا، حين لا تجد إلا ما قدمت يداك. تستصرخ بابن مرجانة ( عبيد الله بن زياد ) ويستصرخ بك، وتتعاوى وأتباعك عند الميزان وقد وجدت أفضل زاد تزودت به قتل ذرية محمد صلى الله عليه وعلىي آله و سلم “. تشير المصادر التاريخية أن ضريح السيد زينب رضي الله عنها كان زاوية صغيرة في الضاحية الغربية للفسطاط ثم تحول إلى مسجد، و كثر تجديده وتوسعته حتى وصل إلى حالته الحالية..