بقلم دكتور / خالد الجندي
خلق الله الإنسان على الفطرة السليمة التي يكون فيها حبّ الخير هو الأساس، فالأصل في الإنسان هو الخلق الحسن الطيّب الذي يضمّ جميع الفضائل، لكنّ ما إن يبدأ الطفل يكبر بالعمر حتى تصبح لديه الأخلاق المكتسبة من البيئة المحيطة والأهل والأصدقاء، وربّما تتلوث فطرته السليمة ويكتسب أخلاقًا سيّئة بسبب سوء التربية وأصدقاء السوء، وربما حافظَ على فطرته السليمة إذا نشأ في بيئة صالحة تحثُّه على الخير وتُعلّمه مكارم الأخلاق، والأساس هنا في تربية الأم والأب أولًا الذين عليهم تربية أبنائهم على مكارم الأخلاق. العرض: الأخلاق سنة حسنة في المجتمع الأصل في الأخلاق أن تكون أخلاقًا فاضلة سائدة في المجتمع ويتعلمها الجميع من بعضهم بعضًا كسنة حسنة، فالمجتمع الذي يكثر فيه الأشخاص أصحاب الأخلاق الفاضلة يسوده الخير وتسوده كلّ الصفات الحميدة التي ينبغي أن تكون في الأشخاص، خاصة أنّ الأخلاق تنتقل بالعدوى ويتعلّم الناس من بعضهم بعضًا الكثير من الأخلاق المكتسبة مثل: الصدق والأمانة والوفاء. وفي الوقت نفسه يتأثّر الناس بالصفات والأخلاق السيئة وقد يقلّدونها حتى تصبح من الطباع الملتصقة بهم مثل: السرقة والخيانة والكذب والقذف والشتم، لهذا يتم إصلاح المجتمع ونشر الأخلاق الفاضلة .
ويمكن للإنسان أن يبدأ بنشر الأخلاق الفاضلة بمجرد ابتسامة بسيطة ومحادثة لطيفة مع الآخرين وتمنّي الخير لهم وعدم الاستماع أو الالتفات للغيبة والنميمة والتعامل مع الناس بالتسامح وعدم الأنانية، فهو بهذا يُشجّع الآخرين على أن يكونوا مثله، ويكسب قلوبهم، ويُصبح بالنسبة لهم قدوة حسنة، كما تُصبح مكارم الأخلاق في المجتمع عادة وتقليدًا يسير عنه الجميع لأنّها تكون الأساس في التعامل فيه. يجب أن تنعكس الأخلاق الفاضلة على الأفعال وطريقة التعامل بين الناس، وألّا تكون مجرّد أخلاقٍ بالاسم. فالإنسان الذي يُنادي بالصدق عليه أن يكون صادقًا وألا يناقض نفسه أبدًا، ومن المعروف أنّ الإنسان صاحب الأخلاق الحسنة يستقي أخلاقه من دينه أيضًا لأنّ الدين هو الأخلاق، وهذا يجعله إنسانًا يسعى لنيل رضا الله تعالى بتفاصيل حياته كافّة، وليس فقط بأداء العبادات، والمجتمع الذي يطبق الديني ويصبّ تركيزه على الأخلاق الحميدة يستطيع أن يُوصل للناس قناعة بأنّ الأخلاق هي دستور الحياة، فالله تعالى عندما وصف نبيه الكريم في القرآن الكريم وصفه بأنه صاحب خلق عظيم، لأنه الله تعالى بعثه ليتمم مكارم الأخلاق للناس.
بالأخلاق يحيا المجتمع ويصبح مجتمعًا صالحًا، لأنّها أساس صلاحه والقوام الذي ترتكز عليه، لهذا فإنّ البداية تكون بالفرد ثم بالبيت والأسرة ثم بالمجتمع. وليس من الخطأ أن يتم تدريس الأخلاق وتعميمها وتكثيف الحديث عنها وتعريف الناس بين الصالح منها وبين غير الصالح، والأهم من هذا نشر معاني الأخلاق الفاضلة في وسائل الإعلام من إذاعة وتلفاز، وحتى من خلال الدراما التي يجب أن تُركّز على القضايا الأخلاقية. من المهم تدريس الأخلاق في المناهج الدراسية في جميع مراحلها، لأنّ تأثر الفرد بما يأخذه في دراسته يبقى معه إلى الأبد، خاصّة خلال سنين طفولته الأولى، كما يجب تعليمه التصرّف الصحيح وكيف يكون إنسانًا سويًا، ينشر الخير بين الناس وينهى عن المنكر ويأمر بالمعروف، فهذه كلّها من الأخلاق الحسنة التي تنشر المحبة بين الناس. ومن الأمور التي يجب معرفتها أنّ الأخلاق لا تتجزأ، لأنّ الشخص الذي يكون لديه خلقٌ فاضل ترتبط بقية الأخلاق به فيصبح متصفًا بها جميعًا فلا يرضى على نفسه أن يكون غير ذلك، والأخلاق يجب أن تكون كلّها مجتمعة في الشخص حتى يكون صاحب خلقٍ طيب، كأن يكون شهمًا كريمًا صادقًا محبًا للخير وطلق الوجه ومبتسمًا في وجه الآخرين، فهو بهذا يكون صاحب خلق. وهؤلاء يجب أن تكون أخلاقهم وطريقة تعاملهم درسًا يتبعه الناس جميعًا حتى يكون المجتمع فاضلًا وراقيًا ولا ينحدر نحو الشر. وفي الوقت نفسه يجب تفعيل أسس العقاب التي تعاقب مَن لا يلتزم بالأخلاق الفاضلة كي يكون عبرة لغيره، وفي الوقت نفسه يتحمل المجتمع مسؤولية كبيرة تجاه الأشخاص أصحاب الخلق السيئ الذين يجب تأديبهم وتوجيه النصح لهم كي يكفوا عن الأخلاق السيئة ويوازنوا بين أقوالهم وأفعالهم. الخاتمة: ينهض الإنسان بأخلاقه الحميدة الأخلاق الحميدة الفاضلة سببٌ في أن ينهض الإنسان بنفسه ومجتمعه، وهي أيضًا سببٌ في تحقيق رفعة الإنسان وقبوله بين الناس .