بقلم.. محمد سعيد
أراد البحيري أن يحرج مشيخة الأزهر بكلامه عن ضرب الزوجة الذي وضع له شروطا، وأوضحه بشكل ما، فقال: النشوز في الآية مقصود به الخيانة الزوجية، أي أن البحيري ينتهي لنفس النتيجة وهي الضرب، ولكنه يختلف في حالتها فقط، فهو يقر ضرب المرأة، ولكن ليس في حالة النشوز بما عرفه به شيخ الأزهر، بل بتعريفه هو: الخيانة الزوجية، من أحد الطرفين، وأن النشوز متعلق بالطرفين الرجل والمرأة، يعني لو أن الرجل كذلك خان، أو أقام علاقة مع مثله، سواء بما يطلق عليه الشذوذ أو المثلية، فعندئذ يعاقب بالضرب، ونسي أنه بذلك أراد إرضاء طرف، فأغضب أطرافا كان يودّ مغازلتهم بكلامه، ولكنه وقع من حيث لا يدري.
وفي تعريفه للنشوز، هنا ينطبق النشوز على المرأة التي تنقل عواطفها ومشاعرها خارج إطار الزواج، يعني أن ذلك يمكن أن يكون لرجل أو امرأة، فقد تكون امرأة خائنة، أو امرأة تفعل السحاق مع امرأة أخرى، أي بتعبير البحيري وغيره: مثلية، فهو هنا يجيز ضرب المرأة المثلية أو الخائنة. لقد أراد المزايدة على شيخ الأزهر، فوقع في شر أعماله، ولا أدري ما موقف من يعتبرونه تنويريًّا ومدافعًا عن المرأة بهذا الرأي، الذي يرى فيه ضرب المرأة والرجل في حالة المثلية والخيانة؟!!
وبالمناسبة فكلام البحيري لا يقول به الشرع، فعند الخيانة الزوجية ليس للزوج ضرب الزوجة، بل هناك حالتان بيّنهما القرآن الكريم في حالة زنا المرأة، الحالة الأولى أن يأتي الزوج بأربعة شهود، فيقام عليها الحدّ كما نص عليه القرآن الكريم.
والحالة الثانية أن يعلم الزوج أن زوجته تخونه بفعل الفاحشة، وليس لديه شهود على ذلك، وعندئذ لا يضرب ولا يعاقب، بل يكون بينهما ما يسمى في الإسلام اللعان، كما قال تعالى: {وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ أَزۡوَٰجَهُمۡ وَلَمۡ يَكُن لَّهُمۡ شُهَدَآءُ إِلَّآ أَنفُسُهُمۡ فَشَهَٰدَةُ أَحَدِهِمۡ أَرۡبَعُ شَهَٰدَٰتِۭ بِٱللَّهِ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ. وَٱلۡخَٰمِسَةُ أَنَّ لَعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ. وَيَدۡرَؤُاْ عَنۡهَا ٱلۡعَذَابَ أَن تَشۡهَدَ أَرۡبَعَ شَهَٰدَٰتِۭ بِٱللَّهِ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ. وَٱلۡخَٰمِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَآ إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ} النور: 6-9.
ولا يوجد في نصوص القرآن أو السنة ضرب المرأة أو الرجل عند الخيانة، بل الحكم إما حد قدره الشرع، أو لعان بين الزوجين.
مخالفة الدستور بين شيخ الأزهروالبحيرى
أما قولنا إن البحيري وأمثاله يدعون التنوير، وإنهم يكيلون بأكثر من مكيال، فلأنه يرى أن فتوى شيخ الأزهر تخالف الدستور، ولا ندري فيم تخالفه؟! ولأنه يعلي من شأن الدستور بشكل فيه متاجرة واضحة، ومزايدة باسم التنوير والدفاع عن المرأة، فإذا كان البحيري وأديب يقدران الدستور فعلا، فهناك حالات من انتهاك الدستور لا ينازع فيها أحد، نود معرفة رأيهما فيها.
فمثلا: تم خرق الدستور في قضية تعيين المفتي عن طريق هيئة كبار العلماء، ورؤساء الجامعات، وكل ما كان بالانتخاب في الدستور تغير تغيّرا كاملا وأصبح بالتعيين، فما الموقف من انتهاك هذا الدستور؟! بالطبع لا جواب، ولا تعقيب، فهنا مخالفة السلطة لا تعد من التنوير، بل تعد تطرفا وإرهابا، حسب فهم البحيري وأمثاله!!
ضرب المرأة بين الزوج والنظام:
ثم لو كانت الحجة الدفاع عن المرأة، وصيانة المرأة من المهانة، فما موقف البحيري وأمثاله من ضرب المواطن أو المواطنة وتعذيبها في أقسام الشرطة؟ وقتل المرأة في الشوارع والميادين، سنذكر حالة امرأة حملت الورود في ذكرى ثورة يناير، فقامت الشرطة بقتلها في شارع من أشهر شوارع القاهرة، وهي السيدة: شيماء الصباغ، وهناك حالات غيرها لا حصر لها، بداية من سحل الفتاة في ميدان التحرير، التي لقبت بست البنات؟
وما الموقف من إمساك رجال الشرطة بنساء في مظاهرات سلمية، بمنتهى المهانة، بل والتحرش، سواء في المظاهرات، أو في زياراتهن لذويهن بالسجون، ما موقف من يرفعون لافتة حق المرأة وحماية المرأة؟ أم أن هذا الحق مصون عندما يكون المنتهك فردا، لكن عندما يكون المنتهك هو النظام، فهو عمل مبارك، وتنويري، وهو لحماية الوطن والدلة؟!
وبالطبع نحن ضد إهانة المرأة أو الرجل، أيا كان من يمارس تلك الإهانة، لكن الأيام تثبت دومًا أن هؤلاء المتاجرين بالتنوير وقضايا المرأة، ما هم إلا أدعياء، لا ترتفع أصواتهم إلا فيما هو ليس من قضايا الوطن الحقيقية، ولا من قضايا المظالم الحقيقية، بل المظالم المدعاة، أو التي يتم تهويلها، في حين أنهم يصمتون عن المظالم الحقيقية، بل في مظالم السلطة هم دعاة ومؤيدون، وكل ذلك باسم التنوير وحقوق المرأة!