متابعة-رشا حافظ
القنصل العام لجمهورية أذربيجان في دبي :
هذه المأساة كانت العامل الحاسم في تشكيل
الهوية الوطنية استعادة الاستقلال الوطني
يصادف اليوم الذكرى 32 لمذبحة “يناير الأسود” في أذربيجان، ويعود تاريخها لعام 1990 تبعًا لأحداثٍ بدأت عام 1987، إبان محاولات أرمينيا ضم ناغورني كاراباخ إليها، حيث وصلت معدلات طرد الأذربيجانيين من قراهم التاريخية أوجها. وبدلًا من حقن الدماء، ارتكبت القيادة السوفيتية جريمةً مروعةً في حق الشعب الأذربيجاني؛ ففي ليلة 19-20 يناير، وبموجب تعليماتٍ مباشرةٍ من ميخائيل جورباتشوف، الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي آنذاك، شنت قوات عسكرية تابعة لوزارة دفاع الاتحاد السوفياتي وأمن الدولة ووزارة الدفاع هجومًا على باكو والمناطق المجاورة لها، وذبحت المدنيين العزّل بوحشية باستخدام معدات عسكرية ثقيلة ومختلف أنواع الأسلحة.
وأبدى السيد جافيدان حسينوف، القنصل العام لجمهورية أذربيجان في دبي، استنكاره وحزنه في هذه الذكرى المروعة قائلًا:” لقد أظهرت القوات الخاصة والداخلية التابعة للجيش السوفيتي قسوة غير مسبوقة نحو مواطني باكو المسالمين العزّل. وقتلت بهمجية 82 مدنيا وأصابت عشرين آخرين بجروح خطيرة إلى أن تم الإعلان عن حظر التجول. وبعد مرور عدة أيام على إعلان حظر التجول، تم قتل 21 مدنياً آخرين في باكو، إلى جانب 8 مدنيين آخرين في مناطق لم يُفرض فيها حظر تجول، وذلك في نفتشالا في 25 يناير / كانون الثاني وفي لانكاران 26 يناير/ كانون الثاني”
وأضاف بالقول: “لم يرحم الجيش السوفيتي الأطفال ولا النساء أو كبار السن أو الأطباء أو رجال الشرطة. وأسفرت هذه المذبحة المهولة عن مقتل 131 مدنيًا وإصابة ما يفوق 744 في باكو والمناطق المجاورة لها. ولم يكتف الجيش السوفيتي عند هذا الحد، بل ترافقت المذبحة مع اعتقالاتٍ جماعيةٍ بغير حق وتم القبض على ما مجموعه 841 مدنيا في باكو وغيرها من مدن الجمهورية، وتم إرسال 112 منهم إلى سجون في مختلف مدن الاتحاد السوفياتي، وأطلقت القوات السوفيتية النار على 200 منزل و 80 سيارة وأشعلت النار في عدد كبير من الممتلكات العامة والخاصة، ولم تسلم من شرها سيارات الإسعاف”.
وأضاف قائلا “تذكرنا الجرائم الشنيعة التي ارتكبتها القوات السوفيتية بتلك الأعمال التي أدانتها المحكمة الدولية ما بين عامي 1945-1946 والمعروفة باسم محاكمات نورمبرغ. وتجدر الإشارة إلى أن ضحايا الأحداث المأساوية لعام 1990 يعرفون باسم “شهداء 20 يناير” ويبلغ عدد شهداء “20 يناير” في أذربيجان 150 شهيدًا”
وقال السيد حسينوف مستذكرًا الموقف الوطني المشرف إزاء تلك الأحداث المأساوية: “أذكر أنه في 21 يناير 1990، مباشرةً بعد حدوث هذه المأساة المروعة، زار الزعيم الوطني حيدر علييف مكتب التمثيل الدائم لأذربيجان في موسكو برفقة أفراد أسرته، وأعرب عن تضامنه مع شعبه، وأدان القيادة السوفيتية بشدةٍ لارتكابها تلك المأساة الدموية، واعتبر الأحداث التي وقعت في أذربيجان انتهاكًا للقانون والديمقراطية والإنسانية، ومبادئ بناء الدولة الدستورية”.
كما وصف الزعيم الوطني حيدر علييف مذبحة يناير بأنها اعتداء على الحقوق السيادية للشعب الأذربيجاني وقال: “أعتقد أن المأساة التي وقعت في الفترة ما بين 19 إلى 20 يناير، كانت نتيجة للخطأ الكبير الذي ارتكبته القيادة السياسية للاتحاد السوفيتي، وتحديداً غورباتشوف وطموحاته الديكتاتورية، فضلاً عن خيانة القيادة الأذربيجانية آنذاك وجرائمها ضد شعبها. فعلى حد علمي، منذ نهاية الحرب الوطنية العظمى، لم تظهر عمليات قتل جماعي بهذه الدرجة من القسوة في الاتحاد السوفيتي في أي مكان، ولا في أي منطقة”.
وبمناسبة الحداد على المستوى الوطني في ذكرى هذه المذبحة النكراء، أوضح السيد حسينوف أن مأساة يناير أظهرت ثبات الشعب الأذربيجاني وتصميمه وإرادته الحرة، فعلى الرغم من حظر التجول الذي فرضه الجيش السوفيتي في باكو حينها، نظم الشعب الأذربيجاني مسيرة حاشدة في ساحة “أزادليج” بالمدينة في 22 يناير لإحياء ذكرى “شهداء 20 يناير “، وحضر مراسم الدفن في حارة الشهداء قرابة مليوني شخص.
وأضاف بالقول: “استجابةً لمطالب الشعب، عقد المجلس الأعلى لأذربيجان الاشتراكية السوفياتية جلسة استثنائية واتخذ قرارًا بشأن إلغاء حظر التجول في مدينة باكو. وخوفا من الغضب الشعبي، لم يحضر أعضاء قيادة الجمهورية أنداك الجلسة.”
واختتم حديثه قائلًا: “كان هذا الحدث التاريخي هو العامل الحاسم في تشكيل الهوية الوطنية الأذربيجانية وكان السبب في استعادة الاستقلال الوطني. لقد حولت مأساة يناير حركة التحرير الوطني إلى واقع سياسي ودفعت الشعب الأذربيجاني إلى مضاعفة نضاله من أجل الاستقلال”.
لم ينس الشعب الأذربيجاني لحظةً ذكرى شهدائهم العزيزة على قلوبهم. ففي 20 يناير من كل عام، يزور الآلاف من الناس حارة الشهداء لتقديم تحيةٍ إجلال واحترامٍ للشهداء من خلال وضع الزهور، والصلاة على الضحايا والتعبير عن إدانتهم لمرتكبي هذه المأساة المروعة.
وعند منتصف نهار 20 يناير / كانون الثاني من كل عام، يقف الجميع على مستوى الدولة دقيقة صمت إحياءً لذكرى شهداء 20 يناير.وتنطلق صافرات الإنذار في السفن والسيارات والقطارات في جميع أنحاء البلاد ، وتقام المراسم التذكارية في كافة المدن والبلدات، ويتم تنكيس العلم الوطني فوق كافة المباني.