بقلم -د.زينب السعيد ..
كلونيا- الجديدة
قراءة ثانية…
تتبعت بشغف (وزهو خفي) المسيرة الظافرة للكاتب الارتيري (هاشم محمود) في الرواية والقصة وهو الذي عاش في السودان وتخرج من إحدى جامعاتها ..بعد أن دفع لي صديق بروايته الموسومة( فجر ايلول) ولست في مقام لتقييم اعماله ولكنها قراءة في روايته الاخيرة كلونيا الجديدة…فهذا العنوان مؤلف من كلمتين إلا أن له معان كبيرة وصرخة يتردد صداها في كل الدنيا فيصم الأذان ( لا لقهر الشعوب) ..فقد غلب علي الكاتب عشقه لتراب بلده ورغبته المشروعة في التخلص من اوضاع مأزومة جائرة وحرية ملغومة( تجعلك تتحرك بحسابات مشروطة) في دائرة مساحتها القطرية تساوى طول السلسلة التي يمسك بها( محرك مسرح العرائس) ..
لمحمود لغة جديرة بالشغف والاعجاب ورمزية خفية مستبطنة من مخزون معرفي ثر فهو روائ تتسع عنده الرقعة التكاملية وتتجول عينه البصيرة بكاميرته الرقمية الوجدانية عالية الشفافية والجودة لتنبش في ( تابو) الدواخل المهترئة من وطأة الظلم والقهر( الذي يجدب الارحام ) فلاتعود تجود بالزرية..
الرواية تصوير بديع للفكر الثوري والايقونة الماسية ( التي لاتموت ) فالارض التي انبتت( حامد عواتي) والذي حرر ارتيريا هو وصحبة بخمس بنادق انبتت( بطل الرواية( ادريس ) الذي درس في جامعة ( برونيل ) بانجلترا واختار منها نصفه الاخر ( ليزا) الذي يمثل المعني الحقيقي للحرية( لرجل أفريقي)بين مده وجزره في رحله البحث عنها..
يمتاز هاشم بوفرة المخزون( المعرفي ) لعادات ولغة وتقاليد شعوب اخري سيما (مصر ) فالقارئ يجد متعة وهو يتبعه في تكسي عم محمود ويشرب شاي في الخمسينة( عند ام زهرة) ويتجول بين ميدان التحرير وعبد المنعم رياض وكأنك تعيش هناك في شوارع القاهرة العتيقة…
تبرجت احلام محمود وهو يرسم الوطن بريشة ولاءه غير المشروط ويجعل من حمل ( ليزا) وولادتها للحرية علي ميدان دك (عروش الطغاة ) بداية صباح جديد تتوالي فيه ولادة الف ثائر حتي تمام النصر..
كولونيا الجديدة…لم تكن يومآ( جديدة ) ياسيدى فقد ظلت الشعوب ( الضعيفة) ترسف تحت وطأة الظلم والطغاة لكن حتمآ ستنجب( ليزا) تلك (اليوتوبيا) المزدانة بعزائم الرجال…
سيعود( العواتي) وينتفض الثائرون وسيتحرر الشهيد (عامر )من كفنه وتحلق روحه ثمنآ لاوطان حرة مستقلة..
زاوية قبل اخيرة..
هاشم محمود كاتب تحرر من أطر النمطية خلع برقع المجتمع وعراه ثم صاغة بقلمة وهو يتامل في تفاصيله كرسام صارم لايسمح لمن يرسمه بأدني حركة..
زاوية اخيرة..
للادب الارتيري جمال وحزن لايبتسم إلا عند هاشم..