بقلم دكتور/ خالد الجندي ..
توجد حقيقة واحدة ربّما لا يدركها الكثيرون ويغفل عنها آخرون وهي أنّ السّعادة عبارة عن لحظاتٍ وقتيةٍ نحياها ضمن صعوبات الحياة وتحدياتها فلماذا لا نجعل من تلك اللحظات سعادة مطلقة تتغلب على كل ما يواجهنا من صعوبات؟ والحقيقة بأنّه لا توجد لحظات للشعور بالسّعادة والإحساس بها أفضل من الوقت الحاضر الذي نعيشه، وهل هنالك زمان ومكان أفضل من الوقت الحالي وإنّ كان متى؟ وهنا سنضرب بعضاً من الأمثلة: رائحة الورد تجلب السّعادة وقطفها قد يسبّب ألماً لما تحمله من أشواك، فلمَ لا نستمتع برائحتها متحدين تلك الأشواك؟ الأطفال زينة الحياة الدنيا ومن منّا لا يرغب بالاستقرار والزواج واستقبال المولود الذي سيُزين حياتنا؟ فتواجهنا الصعوبات ونتخيل بأنّ الطفل ما زال صغيراً ومع تقدّمه في العمر سيكون الأمر أفضل ونتفاجأ بمرحلة المراهقة ونخبر أنفسنا بأنّ المرحلة القادمة أفضل بعد تخطّي هذا السّن وهكذا… ويستمر العناء، إذن لا بدّ أن نحيا بسعادةٍ مهما كانت صعوبات الحياة، وأن نستشعرها بداخلنا وأرواحنا كي يكون لها أكبر الأثر على حياتنا، دائماً نعتقد بأنّه لم يتبقّ سوى لحظاتٍ لبدء حياةٍ حقيقيةٍ ملؤها السّعادة ولكن هنالك عقبات، ومحطات، وصعوبات علينا تخطّيها كي نبقى نشعر بسعادةٍ وكي تبدأ الحياة من جديد وتزرع الأمل في قلوبنا. جميع هذه الأمور هي الحياة التي نحياها بكل تفاصيلها بحلوها ومرّها، بإشراقتها وظلامها، فلا يوجد طريق معبّد مفروش بالورود مزيناً بالأكاليل نعبره لنصل للسّعادة، لا طريق أبداً، تكمن السّعادة في طريقنا الذي نمشيه في كلّ مراحل حياتنا، فلماذا لا نسعد بكلّ اللحظات؟ لماذا نعلّق سعادتنا على مطالب معيّنة وشروط مقيدة؟ فالبعض ينتظرون العمل ليكونوا سعداء وآخرون ينتظرون الرّبيع أو الصّيف. وهناك بعض الأشخاص تقترن سعادتهم مع هطول الأمطار وحلول فصل الشّتاء، وآخرون يقيّدون سعادتهم بالشّفاء من مرضٍ مزمن، لماذا لا نبحث عن السّعادة والجانب المضيء في كلّ لحظة من لحظات الحياة؟ فقد يكون لسقوط الدمعة وقعٌ مؤلم وغصّة تُسبّب الحرقان في القلب والروح والوجدان معاً، و لكن بسقوطها ترتاح النّفس وتهدأ وتسكن وتتحلّى بالقوة. كثيرٌ من الشعراء أبدعوا في تصوير الدّمع ورؤوا الجانب الجمالي في الصّورة وشبهوه بأجمل التّشبيهات الفنيّة الرّائعة، لماذا لا نأخذ الوجه المشرق دائماً ونتتخطّى الظّلام؟ ملخّص عن السعادة السّعادة في الرّضا، السّعادة في القناعة، السّعادة في الحب، السّعادة في الاستغفار، السّعادة في العمل، السعادة في العبادة، السّعادة في الصّحة، السّعادة في الزّواج، السّعادة في مساعدة الآخرين، السّعادة في ضمّ طفلٍ صغيرٍ لأحضان أمّه، السّعادة بدوام صحّة الوالدين ودعمهما لنا، السّعادة في الارتماء بأحضان الأم لنرتاح من عبأ السّنين، السّعادة في قضاء وقت ٍجميلٍ مع من نحب، السّعادة في رسم الابتسامة على وجه الآخرين، السّعادة في مساعدة شخصٍ بعلاجٍ يتطلّب تكاليف باهظة، جميعها ألوان من ألوان السّعادة تنعكس أطيافها بأكثر من لونٍ ومحطات من محطات العمر ترسم لنا طريق سعادتنا في هذه الحياة، ونحن نحدّد مساره وما علينا تخطّي جميع الحواجز لنستشعر السّعادة في كلّ وقتٍ وفي كلّ حين.