الأخلاق الحميدة وأثرها على المجتمع

بقلم / دكتور خالد الجندي 

الأخلاق الحميدة الفاضلة سببٌ في أن ينهض الإنسان بنفسه ومجتمعه، وهي أيضًا سببٌ في تحقيق رفعة الإنسان وقبوله بين الناس، فالشخص صاحب الخلق الطيب ينال محبة الآخرين ويعتبرونه قدوة لهم، ويسعون إلى التقرب منه لأنهم يستأمنون أنفسهم وأموالهم معه، ولا يخافون منه غدرًا، ويثقون بأقواله وأفعاله لأنهم يعلمون أنه لا يكذب، وهذا كلّه يُسهم في تحسين العلاقات بين الناس ونشر المحبة والتكافل والتعاطف، واختفاء الجرائم التي تؤرق المجتمعات، خاصة أنّ الأخلاق الحسنة تنهى عن كلّ الشرور. كثيرة أصناف البشر الذين يتعامل معهم الإنسان في حياته اليومية، فمنهم الأهل والأولاد والزوجة، ومنهم الأصدقاء والزملاء والمقربون، ومنهم الجيران، ومنهم الغرباء الذين لا يعرفهم ويمر بهم مرور الكرام، ومنهم المُبغضون الكارهون الذين يتمنون السوء له، ولا يُمكن للإنسان أن يتلون في تعامله مع البشر بألف لون ولون حتى يرضي جميع الناس ويوافق أهواءهم وما يحبونه. التفكير بهذه الطريقة سيجعل الإنسان حائرًا كيف يكون حسن الخلق مع كل هؤلاء البشر، ولكن الأمر أبسط من هذا بكثير، وقد بيّنها ديننا الإسلامي في القرآن والسنة ألا وهو الكلمة الطيبة، والابتسامة الصغيرة التي لها أجر الصدقة عند الله تعالى، إضافة إلى أنّ الإنسان عندما يفهم الجوهر الحقيقي للخلق الحسن فإنه سيتمكن من التعامل مع كل الناس بخلق واحد، ودون تغيير في شخصيته أو مبادئه. الخلق الحسن مع الأسرة والأولاد يكون بتخصيص وقت لهم للمحاورة والاستماع لهم وقضاء أوقات العطلة معهم في التنزه، ومحاولة تخفيف أعباء الحياة عنهم، والتعامل مع الأصدقاء يكون بالكلام الطيب والنصيحة اللطيفة والدلالة على الخير وفعله، أما المبغضون الكارهون فقد يكون حسن الخلق بالإعراض عنهم أو تجنُّب أذاهم إن لم يتمكّن من إصلاح المشاكل بينه وبينهم. فكثيرًا ما يكون حسن الخلق في تجنُّب الأذى واحتساب الأمر عند الله تعالى، ومن حسن الخلق ترك الجدال والنقاش وإن كان الإنسان محقًا في ما يجادل فيه، وهو أمر لا يمكن تطبيقه بسهولة، فمن الصعب بمكان أن يكون الإنسان محقًا وعنده البيّنة والدليل على صدق قوله، لكن يترك الجدال ولا يتكلم، إلا أنّه بمقابل هذه الصعوبة سيجد أن لها أجرًا عظيمًا عند الله تعالى، فإنّ فضل الخلق الحسن عند الله تعالى كبير عظيم ويستحق هذه المجاهدة للنفس. من حسن الأخلاق مع الناس مساعدتهم ومد يد العون لهم دون أن يطلبوا، مثل محاولة تقصّي أوضاع الجيران وإذا ما كانوا بحاجة لمساعدة مادية أو معنوية أو أي نوع من المساعادات وتقديمها لهم، فالجار ممّن أوصى به الله تعالى كثيرًا لدرجة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- استغرب من شدة توصية جبريل عليه السلام له بالجار، فقد تكون المساعدة له بكلمة طيبة أو زيارة أو نصيحة أو تأمين عمل. حسن الخلق في العمل إنّ صاحب الخلق الحسن ينعكس خلقه حتى في عمله، فأوّل شيء يتّسم به هو إتقانه لعمله وإنجاز مهامه الموكلة إليه على أحسن وجه، لأن إتقان العمل من العبادة، وفيه ثواب وأجر كبير عند الله تعالى، إضافة إلى أنّه يجعل صاحبه يرضى عن نفسه وعن أدائه في العمل، ولا شك أنّه سيرقى به مراتب عالية في الدنيا والآخرة، وسيجعله يترك وراءه أثرًا طيبًا وذكرًا جميلًا يُذكر به دائمًا.

Related posts

Leave a Comment