بقلم دكتور / خالد الجندي.
تجبرنا الحياة دائماً على التعامل مع الكثير من الناس، وهم غير متشابهين بالتأكيد فمنهم من يحمل قلباً نقيّاُ، ومنهم من يحمل قلباُ خبيثاً ومليئاً بالحقد والكراهية، فيجب علينا الحذر منهم ومعاملتهم بسطحية وعدم الوثوق بهم. نقاء القلب إنّه إنسان لا يعرف الحقد ولا يعرف الضغينة ولا ينتقم ويسامح بسهولة. القُلوبُ البيضاء قلوبهم بلونِ الثلج، أحلامهُم بنقاءِ الماء، خَيالهم باتساعِ السماء، لَدَيهِم قدرة على التسامحِ بلِا حدود، ويتَمَتَعون بقدرةِ الاغتسال بماءِ الأماني، وقدرةِ الحِلم والانغِماسِ فيه إلى آخر قطَرَاتِه، لا يَنتَظِرون مرارة الأحزَان مِن يدٍ صافَحَتهُم، قلوب بيضاء في زمنِ القُلوبِ الملّونة، طُقوسهُم وأيَامهم ولَوحاتهُم مُلونة بالتفاؤل، ويَتَعَلمون من أخطائِهم بسهولة، يمنحون القلوب حولَهم ثِقة لامُتناهِية، ولا يَلمَحون اللَّون الأسود في الحياةِ، يقتَرِبون مِن الأرواح التي تَمُر في حياتِهم حَد الالتصاق، يتعَلّقون بالتفاصيل والبقايا كثيراً، ترافقهم حسن النية بالآخرين دائماً. القلوب البيضاء لا تعرفُ الظَنَّ السيئ، ولا تعرف الخِيانة، ولا يذيقون سِواهم مرارة الغدر، يبدؤونَ بنقاءٍ وينتهون بوفاء. يسرق الحنين جزءاً كبيراً من عمرِ طيّبي القلب والأنقياء، يخلِصون لحكاياتِهم حتى المَوت، يسهمون في بناءِ مُدنِ الفَرَح، يُسارِعون لترميم انكسار القلوب، يتحدثون بنبضِ النقاءِ والحُب والحلم، يُشعِرونك بأنّهم قد اخترعوا الصفاء على الأرض، تبقى قلوبهم في طور الطفولة، لا تكبر أعماقهم ولا تُلّوَث أبداً، ترتَسم ملامِح الطفولة في وجوهَهِم، أَعيُنَهم مرآةٌ صادقة لأعماقِهم، تقرَأ بأعيُنهم كُل ما تَخفيه أعماقهم، فهم لا يُجيدون التَخفّي والإخفاء، ويفشَلون في ارتداء الأقنِعة، لا يَخذِلونَك أبداً عند حاجتك إليهم فهم أول من يُدثّر حاجتك ويستُرها، وهم أول مَن تَلمحُهم عيناك عند انكسارك، وأول من ينتشلك عند غرقك بأحزانِك، يمنحونك أنفسهمٍ عند اختناقك، يحوّلون أيامهم إلى طوق نجاةٍ يلقونه إليك، إذا كنت ممّن يُحيط بِهم أصحاب القُلوب البيضاء فالتصق بهم، فهم عملةٌ نادرةٌ في زمنِ القُلوب المُلَوّنة، لِتَكنْ قلوبنا بيضاء حتى بعد الغروب. لا بأس يا صديقتي سيتألم قلبك قليلاً أو كثيراً فقلوب الطيبة وُجدت لتتألم ولتقتل ببطء. النوايا الطيبة والمشاعر النقية تدل على الطريق في بعض الأحيان ولكنها في أحيانٍ أخرى تُعمي البصر. كلمات عن نقاء القلب الجَمال بلا طيبة لا يساوي شيئاً. يكونُ المَرءُ طيباً إذا جعل الآخرين أفضل. الوحدةُ لَم تَكن بالرفقةِ الطيبة قط، فالأحزانِ الكبيرة، والإغواءاتِ الكبيرة، والأخطاءِ الكبيرة هيَ على الدوامِ تقريباً نتيجة بقاءِ المَرء وحيداً في الحياةِ دون صديق. طيبة القلب ونقاؤه هي الشيء الوحيد الذي يُعَوّض هذهِ الفقدانات. لتكن كلمِتُكَ طيبة، وليَكُن وَجهك بسطاً تَكُن أَحب إلى الناسِ ممَن يعطيهم العَطاء. إنّ من الكلامِ ما هو أَشَد مِن الحَجر، وأنفذ مِن وخزِ الإبر، وأَمَرّ مِن الصَبر، وأَحَرّ مِن الجمر، وإنّ مِنَ القلوبِ مَزارِع فازرَع فيها الكَلمة الطيبة، فإن لم تُنبِت كُلَها يُنبت بَعضها. قلبُكَ الطَيب مَن وَجَدُه سيشعُر بقيمةِ العمر بالتأكيد. القلوب الطيبة يكفيها من الندى قطرة، تكفيها من الحُب بسمة، تُغنيها عن الناسِ لَفتة، تعيش يومها ولا تهتَم، لا تهتَم بشيءٍ إطلاقاً، لَكِن من الصَعب أن تعشَق، فقلبها الطيب لم يَعد يحتَمل جرحاً، لم يَعُد يشعُر، أعطى الكثير، والكثير، والكثير. صاحب القلب النقيّ يعتقد أنّ كل من حوله مثله فإذا به يُفاجَأ بطعنات من أقرب الناس إليه. أصحاب القلوب البيضاء حين يحبون يحبون بعنف، وحين يخلصون يخلصون بعنف، وحين يصدمون يصدمون بعنف، وحين ينكسرون ينكسرون بعنف، وحين يبذلون يبذلون بعنف، وحين يبكون يبكون بعنف.