بقلم الأثرية / جيهان سيد محمد علي
قد تعتقد أن الحج خاص بالطواف حول مكة مِن قبل المسلمين أو الحج المسيحي للقدس فقط ! ولكن في الحقيقة أنه ذات طابع تاريخي أيضًا وليس ديني فقط ، فالمصريون القدماء عرفوا الحج لمناطقهم المقدسة ولهم طقوس خاصة تتشابه مع طقوس الحج المتعارف عليها الآن.
وجدنا العديد من النقوش الضرورية في المقابر القديمة والتي تمثل رحلة حج المصري القديم لمدينة أبيدوس “سوهاج حاليا” وقد اختار هذه المنطقة تحديدًا لعدة أسباب أعطتها طابع مقدس منذ بداية عصر الأسرات منها :-
1- أنها عاصمة أول دولة مصرية موحدة ووجود مقبرة الملك نارمر -نعرمر-.
2- وجود معبد خنتي أمنتيو “إله الغرب والموتى”
3- ذُكرت في أسطورة إيزيس وأوزوريس الشهيرة حينما كانت تجمع أشلائه من جميع البلاد فوجدت رأسه في أبيدوس.
فآمن المصريين القدماء أن روح أوزير “إله الموتى” تعيش هناك وهو ذو مكانة مقدسة عند المصريين فهو من علمهم الزراعة التي كانت من أسس قيام الحضارة فحرصوا على زيارة هذا المكان المقدس بل والدفن بجواره لمن يستطع ، ولم يقتصر الأمر على الأفراد قط فتشير لوحة ” انجر نفرت” المحفوظة في متحف برلين أن الملك سنوسرت الثالث والملك أمنمحات الثاني شاركوا في أعياد أوزير في أبيدوس.
كان يحرص المصري القديم على أداء حج أبيدوس قبل دفنه وإذا لم يتمكن له كان يتم الحج بشكل صوري قبل إتمام عملية الدفن كما وجدنا في نقوش العديد من المقابر وهي من الطقوس الهامة التي لا يتغافل عنها المصري القديم.
كان للحج ميعاد ثابت كل عام وهو من اليوم الثامن من الشهر الأول لفصل الفيضان حتى اليوم السادس والعشرين من نفس الشهر ، وكان للقدماء المصريين طقوسًا للحج تشبه بعضها التي نحن عليها الآن كالطواف والثياب البيضاء لأنها تدل على النقاء والتطهر كما أن كلمة حج “ḥḏ” في اللغة المصرية القديمة تعني أبيض أو ناصع.
كما كان يتم وضع المتوفى في مركب بمفرده وأقاربه في مركب أخرى ويعبرون النيل وما إن يصل حتى يقوم الكاهن بحرق البخور وتقديم القرابين وبعض الطقوس الجنائزية كطقسة فتح الفم مع ذبح أضحية (بقرة أو ثور) ثم رحلة العودة بنفس القارب ليتم الدفن ومع الوصول يتم نقل التابوت على زحافة يجرها أربعة ثيران ويتم فتح فم المتوفى وصب الماء أمامه مع ولولة الزوجة.