متابعة/ رحاب شعيب
ماتواا كلهم.. كلمات صرخ بها الاب المكلوم
رغم قسوة البرودة والأجواء في الريف، إلا أن العجوز السبعيني «رجب عمران» من منطقة الشيخ عبادة بمحافظة المنيا، قرر أن يقاوم النعاس ويستيقظ مع الفجر، من أجل الذهاب إلى حقله الذي يقع علي أطراف القرية، بحثا عن لقمة العيش.
اللقاء الأخير
ضجيج الأبناء والأحفاد كان السبب الأخر الذي جعله يقاوم النعاس بخلاف رغبته في كسب قوت يومه، أحضرت زوجته العجوزة جلباب له و«طاقية»، وحمل فأسه علي ظهره، وقبل جبين أحفاده، وخرج مسرعا كي يباشر الزراعة، ولم يكن يعلم أن هذا اللقاء سيكون هو الأخير.
مع إشراقة الصباح استيقظت ابنته من أجل إعداد وجبة الإفطار، وقررت أن تعد وجبة بطاطس مقلية لأن أبناء أخيها الصغار يفضلون تلك الوجبة ويعتبرون أنها هدية الصباح بالنسبة لهم.
رغبة الفتاة في تجهيز الوجبة سريعًا، بسبب إلحاح الصغار عليها بضرورة تجهيز الإفطار سريعا، جعلها تغفل عن غلق أسطوانة الغاز، وهنا كانت بداية الكارثة، تركت الفتاة «طاسة» الزيت علي البوتجاز، وهمت مسرعة، من أجل تجهيز الإفطار للأطفال، وفور الانتهاء عادت مجددا كي تستخدم البوتجاز، وهي لا تعلم أن هناك غاز قد تسرب منه بسبب عدم غلقه: «رجعت تاني تعمل شاي، ويدوب الكبريت ولع، وفجأة النار مسكت فيها وفي اتنين من أخواتها، ومراتي، واتنين من ولاد ابني»، قالها العجوز بحسرة كبيرة بعدما فقد 6 من أفراد أسرته بشكل مفأجي.
نبأ حزين
علم الرجل ما حدث عندما جاء إليه أحد أفراد القرية يخبره بأن بيته المكون من 4 طوابق اشتعلت به النيران، ورغم محاولات الإطفاء إلا أنه لم يتمكن أحد من إخماد النيران بسبب قوتها حتي جاءت سيارات المطافي، ومعها هدأت النيران.
جاء الرجل ليجد النيران التهمت أفراد أسرته: «كل اللي كانوا في البيت ماتوا، ولما رجعت لاقيتهم جثث متفحمة، وعفش البيت كله راح، وكنت بجهز بنت من اللي ماتو، كل حاجتها راحت في النار».
مشاعر الحزن أفقدت الرجل وعيه عندما رأي جثامين 6 من أفراد أسرته أمام عينه: «راحوا مني في غمضة عين، في لمح البصر مبقوش موجودين معايا».