للدكتور حسن عبد العال كلية التربية جامعة طنطا
أصبحت الآن أحد عشاق النادى الانجليزى ” ليفربول ” لا لشىء إلا لأن اللاعب المصرى الفنان المبدع ” محمد صلاح ” يلعب ضمن فريقه ، وأغلب الظن أن حجم عشاق هذا النادى الانجليزى وجمهوره فى مصر أكثر من بريطانيا نفسها ، للسبب نفسه ، وكم أشعر بالفخر كمصرى كلما سمعت هتاف الجمهور البريطانى باسم محمد صلاح واهات المعجبين به وبلمساته السحرية للكرة .
وفى كل مبارة أشاهدها لفريق نادى ” ليفربول “يعاودنى السؤال : لماذا يبرع ويبدع المصريون خارج مصر وينالون ما يستحقونه من تكريم فى بلاد الآخرين ؟ لماذا أبدع العالم المصرى أحمد زويل وحصل على جائزة نوبل حين سافر إلى أمريكا وزاول البحث العلمى وأبهر العالم بنتائج أبحاثه التى غيرت مجرى التاريخ العلمى ، وأصبح المصرى أحمد زويل حديث الناس فى شتى بقاع العالم ، ومثله كان مجدى يعقوب وهانى عازر ودينا باول ومحمد صلاح وعشرات من المصريين الذين قدموا للعالم علما وفنا وأدبا انتزع من العالم اهات الإعجا ، وساهم فى حركة التطور والتغير العالمى ؟ لماذا أبدع هؤلاء فى الخارج ، ولم تظهر بوادر ابداعهم ولم تثمر فى أرض مصر ، لماذا كان موطن ابداعهم وتفوقهم وانجازهم هناك وليس هنا ؟ .
ولعلى وجدت بعض الجواب عن السؤال لدى الكاتب سامح فوزى فى مقاله ” للإبداع شروط ” فقد ذهب إلى أن المجتمع الخارجى احتضنهم ، وقدم لهم ما ساعد على تفجير طاقات الابداع لديهم ، أكثر مما قدمه المجتمع المصرى . فإن للإبداع أسباب ومحفزات متى وجدت وجد الابداع وأبدع الشخص ، ومتى غابت غاب الابداع وانحدر مستواه .
والقضية فى الحقيقة ليست داخل أو خارج ، القضية هى توفير أسباب الإبداع وأهمها : احترام الموهبة وعدم تكسير الطاقات الصاعدة تحت مزاعم شتى ، والابتعاد عن المجاملات لأشخاص محدودى الموهبة والكفاءة على حساب أصحاب المواهب والكفاءات ، وتوفير أوجه الدعم المادى ، وإزالة العوائق التى تحول دون اندلاع المواهب الشابة ، وتخفيف قبضة الروتين الضاغط للمؤسسات التى لا تتمتع بالمرونة الكافية فى فتح النوافذ أمام المبدعين الشباب . والأهم هو توفير مناخ الحرية ، فلا ابداع اطلاقا بلا حرية .
ومن المؤكد أن ميدان البحث العلمى على وجه الخصوص دون حرية للبحث لا يثمر ابداعا ولا يأتى بجديد نافع ، صحيح فى مصر تحديات كثيرة فى مجال البحث العلمى ، بعضها يمكن تفهمه فى ضوء الظروف التى يمر بها المجتمع المصرى ، وكثير منها لا يمكن تقبله ، مما يكشف عن قيود ثقيلة مكبلة لحركة البحث العلمى الحرة ، علاوة على ماعشش فى الرؤس من عدم جدوى البحث العلمى ، واستهانة البعض به .
إن المجتمع الطارد ليس فقط الطارد اقتصاديا حين تضيق فرص العمل أمام تعطش الشباب للعمل ، ولكنه أيضا المجتمع التى تنكمش فيه فرص الابتكار والإبداع ، وتقتل فيه المواهب . ، ويقطع فيه الطريق أمام المبدعين ويصبح التقليد والنمطية والتبعية وحدها السبيل المفتوح أمام العقول .