من لا يرتوي من تجارب فتح فقد مات عطشا في صحراء العاصفة

بقلم سفير الاعلام العربي – الاعلامي الدكتور رضوان عبد الله ….
لم تأتِ انطلاقة الثورة الفلسطينية والمارد الفتحاوي في اليوم الاول من عام 1965 فجأة وبدون مقدمات …فقبلها بعشرة أعوام كانت كل الأحداث تشير إلى أن الثورة الفلسطينية قادمة لا محال … ففي غزة كانت المجموعات الفدائية الأولى للشهيد القائد خليل الوزير تنفذ عملياتها الجريئة في جنوب فلسطين المحتلة وفي القاهرة كان اتحاد الطلبة برئاسة الشهيد الرمز أبو عمار(ياسر عرفات) يتجاوز أنشطته الطلابية إلى تشكيل النواة السياسة النضالية مع رفيق دربة الشهيد صلاح خلف ومجموعة من الرعيل النضالي الفتحاوي الأول… وفي العام 1959 تأسست حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)والهدف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وإزالة كل آثار نكبة 1948م. وفي العام 1963م تم تفريغ أول كادر فتحاوي هو الشهيد أبو جهاد الذي إفتتح أول مكتب لحركة فتح في الجزائر وأقام معسكرات لمقاتليها ، وعقد أول صفقة سلاح مع الصين الشعبية وأقام علاقات مع العديد من الحركات الثورية في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وأسيا ، وفي نفس الوقت انتقل مؤسس حركة فتح مع بقية المؤسسين إلى دمشق للإعداد والتجهيز لانطلاقة العاصفة وخلاياها الفدائية داخل فلسطين.
فتح…. محطات مجيدة مضيئة وأيام لها تاريخ…
*1/1/1965 قوات العاصفة الجناح العسكري لحركة فتح تنطلق بعملياتها الفدائية الجريئة داخل الوطن المحتل
*1967 بعد هزيمة الجيوش العربية في حزيران 1967م وضياع ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية باحتلال الضفة وغزة والجولان وسيناء وسقوط القدس الشريف بدأت عمليات المقاومة الفلسطينية في تصاعد مستمر والاخ القائد ياسر عرفات يدخل الوطن ويشرف بنفسه على تشكيل خلايا وقوت العاصفة…..والأنظمة العربية تعترف بحركة فتح وتقدم لها دعما لوجستيا وسياسيا ودعما غير محدود من الزعيم المصري الخالد جمال عبد الناصر واحتضنتها الجزائر وسوريا وليبيا والأردن واليمن… والجماهير العربية المكسورة بهزيمة حزيران تجد في فتح الأمل لعودة الكرامة العربية.
*1968 بعد أقل من عام من اليأس والإحباط الفلسطيني العربي ومقولة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر جاء يوم الكرامة العربية في 21/3/1968م وتصدت فتح والتنظيمات الفلسطينية لجحافل دبابات الاحتلال الإسرائيلي التي اجتاحت نهر الأردن بدعم جوي وإنزال في قرية الكرامة في غور الأردن مقر قيادة فتح التي تصدت للعدوان الإسرائيلي بوجود القادة التاريخيين لفتح في ميدان المعركة ، حيث المناضلين الاستشهاديين تصدوا بالاحزمة الناسفة لدبابات وجحافل العدو ، وفي ساعات المساء يعود الجيش الذي لا يقهر يجر أذيال الهزيمة تاركا خلفه عشرات الدبابات والآليات وبالكاد استطاع سحب قتلاه وجرحاه…و صدحت الجماهير العربية بأصواتها تتغنى بالمارد الفتحاوي والمقاومة الفلسطينية.
*1969 بوصفها كبرى فصائل المقاومة الفلسطينية ولوجود الأغلبية داخل المجلس الوطني الفلسطيني فقد انتخب المجلس البوطني الفلسطيني الاخ القائد الفتحاوي الاول ياسر عرفات رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
*1970 نتيجة أخطاء لبعض الفصائل الفلسطينية فتح تتورط في مواجهة مع الجيش الأردني فيما عرف بأحداث أيلول الأسود المؤسفة ، وتنسحب الفصائل الفلسطينية ومن بينها حركة فتح بعد الموجهة مع الأردن إلى قواعد جديدة مع سوريا ولبنان ، وتخلو الساحة والأردنية من المقاومة.
*1973 وحدة كوماندوس إسرائيلية تنجح بكل أسف في اغتيال القادة الشهداء أبويوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر في بيروت في 10/4/1973م , وفي السادس من أكتوبر من نفس العام تخوض قوات عين جالوت بضباطها وقادتها وجنودها الفلسطينيين معارك الشرف والشهادة جنبا إلى جنب مع القوات المسلحة المصرية التي عبرت القناة وحطمت حصون خط بارليف للاختراق الإسرائيلي في غرب القناة ، فيما اشتركتْ في القتال على الجبهة السورية ، بشكلٍ أساس، قوّاتُ جيش التحرير الفلسطينيّ، وهي “حِطّين” و”القادسيّة.” وقد تكوّنتْ من كتائبَ نظاميّةٍ مسلّحةٍ بأسلحةٍ خفيفةٍ ومتوسّطة، وبتدريبٍ جيّد، وبمعنويّاتٍ عالية ، وبمعرفةٍ جيّدةٍ بالأرض. وكانت هذه الكتائبُ ذاتَ قدرةٍ على القيام بمهامّ خلف خطوط العدوّ، وبالإغارة المحمولة، وبدفعِ فِرقٍ من المشاة المرافقين للدبّابات.كما شاركتْ في القتال قوّاتُ “العاصفة” و”الصاعقة.” وتشكّلت الأولى من الكتيبتيْن الثالثة والثانية، ومن كتيبة قطاع الجولان، وسريّة خالد بن الوليد ، إضافة الى فتح جبهة جنوب لبنان إذ نَفّذت القوى الفلسطينيّة عددًا كبيرًا من العمليّات تجاوز الـ200 عملية ، ومحاولة فتح جبهة الاردن لكن قوبل بمماطلة من قبل الاردنيين .
*1974 في 29/10/1974م اعترفت القمة العربية في الرباط بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني في كل مكان , وبذلك يقطع الاخ الرئيس ياسر عرفات الطريق أمام كل محاولات فرض الوصايا و التبعية ويضع أسس القرار الوطني الفلسطيني المستقل… وفي 13/11/1974م يقف الاخ القائد ياسر عرفات كرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية لأول مرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قائلا:(أتيت إلى هنا حاملا غصن الزيتون في يد وبندقية المقاتل من أجل الحرية في اليد الأخرى فلا تدعو غصن الزيتون يسقط من يدي)…وتعترف معظم دول العالم بالمنظمة وتفتح السفارات وترفع الأعلام الفلسطينية في العواصم العالمية شرقا وغربا.
*1978 العمليات الفدائية الفتحاوية الجريئة والشجاعة تتوصل لتقض مضاجع العدو الصهيوني ، وتأتي عمليات معالوت وسافوي والساحل حيث ترفع علم جمهورية فلسطين مجموعة دير ياسين بقيادة الشهيدة 🙁 دلال المغربي) ، ولم يجد وزير الحرب الإسرائيلي حينئذ عيزرا ويزمان وغيره من أقطاب الليكود إلا مهاجمة مواقع المقاومة الفلسطينية حيث برز للعالم اجمع صمودها أمام قوات تفوقها عددا وعتادا.
*1982 المقاومة الفلسطينية وقيادتها الفتحاوية تمطر شمال فلسطين بالكاتيوشا والقذائف المدفعية الثقيلة (أكثر من ثلاثة آلاف صاروخ يوميا انطلاقا من جنوب لبنان) ، وسكان مستعمرة “كريات شمونا” يهجرونها.. والعمليات الفدائية تتواصل في الضفة وغزة والشعب الفلسطيني في الداخل والخارج أصبح فتحاويا بالاجماع … ولم يجد الإرهابي مناحيم بيغن وربيبه الإرهابي شارون حلاً إلا اجتاح لبنان ومحاولة القضاء على القيادة الفلسطينية وخصوصا الاخ القائد ياسر عرفات ، وذلك بدعم وغطاء امريكي حتى ظن بريجنسكي ان منظمة التحرير الفلسطينية انتهت فقال مقولته المشهورة bye bye PLO .
تدور معارك الشرف والفداء في الشقيف وخلده والنبطية واطفال الار بي جي يتصدون لدبابات العدو في مخيمات الجنوب ، وتحاصر الوية جيش العدو الغازية مدينة بيروت و رغم تسلحها بأعتى الأسلحة المتطورة المدعومة بالطيران فانها تفشل من الدخول مترا واحدا داخل بيروت في صمود أسطوري للقائد الفتحاوي الاول الرئيس القائد ياسر عرفات ومعه فدائيي فتح ومقاتلي الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية …. ويختار ابو عمار الرحيل عن بيروت بمقاتلي فتح والثورة الفلسطينية ومعهم كامل أسلحتهم حفاظا على سلامة بيروت وأهلها .
*1987 الانتفاضة الشعبية تندلع داخل الأراضي الفلسطينية والحجر الفلسطيني المقدس يقارع القوة العسكرية الإحتلالية الطاغية…. والعين تقاوم المخرز الصهيوني… وتقود فتح القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة…ومهندسها أول الرصاص وأول الحجارة الشهيد القائد خليل الوزير(أبو جهاد)…وتتعرض قيادة الانتفاضة للإبعاد والأسر ويلحق بفتح الآخرون لتكون فتح وأبنائها دائما وأبدا السباقون…السباقون, وغيرهم حتى وصلت أرجل فدائيي فتح الى جدران مفاعل ديمونا حيث اقتحمت مجموعة فدائية حائط الإجرام الصهيوني المتغطرس ، رغم حصونهم القوية .
*1994:ولأن لكل حرب نهاية سياسية فقط ، ولأن الحصاد يجب ان يكون مثمراً ، فقد كانت نتيجة الانتفاضة الفلسطينية المباركة عودة السلطة الوطنية الفلسطينية والقيادات السياسية والعسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية والآلاف العائدة من المنافي والشتات إلى أرض الآباء والأجداد بعد توقيع اتفاقية أوسلو وينخرط الشعب في مؤسساتها الوطنية وتبدأ مرحلة جديدة من البناء والتعمير….
*2000 الاخ القائد ياسر عرفات يرفض التفريط عن ذرة تراب من القدس ، ويرفض التنازل عن الثوابت الفلسطينية في محادثات كامب ديفيد الثانية ، ويصر على حق العودة والقدس عربية…والإرهابي شارون يقتحم الحرم القدسي الشريف والأجواء تتهيأ لانطلاقة انتفاضة الأقصى المباركة تتقدم فتح الصفوف ، ويقود الشهيد ياسرعرفات فعاليات الانتفاضة وتتعرض الأرض الفلسطينية لأقسى ممارسات القتل والدمار ويقف الشعب صامدا حيث يتم حصار رئيسه أبا عمار واستشهاده بعد تحدي عظيم وشجاع لعنصرية وعنجهية وحقد العدو الصهيوني فقال كلمته المشهورة ( يريدوني اما قتيلا او طريدا او اسيرا ، انا اقول لهم شهيدا شهيدا شهيدا ).
*2005 الشعب الفلسطيني يقول كلمته ويجدد ثقته في حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية ويختار بالإجماع وفي انتخابات حرة ونزيهة الاخ الرئيس محمود عباس رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية ليكون خير خلف لخير سلف.
وماذا بعد؟؟
هذا غيض من فيض وأيام فتح المجيدة لا يتسع لها المكان وتحتاج إلى موسوعة ثورية نضالية…. وشمس فتح لم ولن تغيب فهي متأصلة ومتجذرة في وجدان الأمة بمسيرتها وقادتها وشهدائها وأسراها وجرحاها… كانت ومازالت حركة فتح هي الرائدة…تناضل وتبادر ويلحق بها الآخرون…ولكن متأخرون…من حق شعبنا أن يجرب… ولكن تبقى فتح ، الحركة التي قضى أكثر من ثلثي لجنتها المركزية نحبهم شهداء من اجل فلسطين الوطن والمقدسات ، و ( منهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) ، هي الملاذ الاول والأخير والحصن الدافئ للملايين … فتح هي أم الجماهير قولا وفعلا…وفي صدر أم الجماهير متسع للجماهير…. فتح وجدان الأمة…..الكلمة الامينة و الطلقة الشجاعة ، رائدة الكفاح المسلح…..، فتح هي الحاضنة الاساسية لمعسكرات تدريب الأحرار من كل العالم ، وهي عودة الروح النضالية بعد ان تم تحويل اللاجئين الى مناضلين …. فتح معركة الكرامة….الصمود الأسطوري في بيروت……والانتفاضة المباركة ، وهبة الاقصى 1995 وانتفاضة الاقصى عام 2000 ، جنين – غراد ، ومن لا يرتوي من تجارب فتح فقد مات عطشاَ في صحراء العاصفة .

Related posts

Leave a Comment