ذكرى تأبى النسيان…16 عام تمر على رحيل رجل الثوابت الرئيس الفلسطيني”ياسر عرفات “

سها جادالله….

تلاحقنا الذكريات الأليمة بفقدان الأحبة، وتترقرق الدموع في المقل، فتأبي الذاكرة النسيان، وهل ينسى الإنسان روحه؟! إنه  القائد العظيم، والأب الحنون، مفجر الثورة الفلسطينية، الشهيد الرمز ياسر عرفات “أبو عمار”، حكاية شعب أحد القادة العظام في العالم خلال القرن العشرين خاض نضالا، وجهادا لا يلين طوال أكثر من نصف قرن على مختلف الجبهات وهو من أعاد الحياة لاسم فلسطين.

الذكرى السادسة عشر…

تصادف اليوم الذكرى السادسة عشر لرحيل الرئيس الفلسطيني،  الأب المعلم  الرمز ياسر عرفات – المعروف  بزيه الزيتي القاتم وكوفيته الفلسطينية التي كان يضعها أعلى رأسه، على شكل خارطة فلسطين، لم يتخلى عنها في أي محفل من المحافل وبشخصيته الكاريزمية.

تّمُر علينا ذكري رحيل القائد أبو عمار رحمه الله والأمة العربية والاسلامية والشعب الفلسطيني يمرون في ظروفٍ صعبة، وانقساماتٍ حادة، تطبيع بغيض، واوضاع اقتصادية متدهورة والمصالحة الوطنية لازالت حبيسة التوقيعات حبراً علي ورق لم تنجز واقعياً!؛ وتعيش الأمة أسوأ مراحلها، تحتاج لحنكة “القائد الشهيد ياسرعرفات” لكي تأخذنا لبر الأمان

شكل ياسر عرفات الذي أصبح رئيسا منتخبا للسلطة الفلسطينية رمرا للنضال الفلسطيني منذ أكثر من أربعة عقود. وقد برهن عرفات الذي يبلغ من العمر75 عاما على قدرة غير عادية للخروج من أشد الأوضاع خطورة ولأن الجبل لا تهزه الرياح أعلنها أبو عمار مدوية ليسمعها القاصي قبل الداني شهيداً….. شهيداً….. شهيداً……. هذا دربي واختياري منذ عقود طويلة.

وترجل القائد…

وقضى الرئيس الراحل في لية القدر السابعة والعشرين من شهر رمضان الفضيل، وفي يوم الحادي عشر من نوفمبر ميلادي، من العام 2004، بعد تعرضه للمرض الغامض الذي أصابه خلال حصاره المشدد من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في مقر المقاطعة بمدينة رام الله، وذلك بعد اتهامه من قبل إسرائيل، وبمساندة أمريكية، بالوقوف وراء تفجير “انتفاضة الأقصى” عام 2000، وهي الانتفاضة التي جاءت كرد فلسطيني على اقتحام أرئيل شارون -الذي قاد الحرب على عرفات فيما بعد- المسجد الأقصى المبارك.

حصار المقاطعة…

ويذكر ان  زيارة شارون، سمح بها رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أيهود براك، بعد فشل محادثات “كامب ديفيد 2″، والتي عقدت في العام 2000، نتيجة التعنت الإسرائيلي وحرص عرفات على عدم التفريط بالحقوق الفلسطينية.

و لجأت إسرائيل إلى فرض الحصار على المقاطعة، التي دمرت أجزاء كبيرة منها، حيث طال التدمير بالقصف والمتفجرات مكتب الرئيس الراحل، ووثقت عدسات التلفزة العديد من عمليات اقتحام وحصار المقاطعة، وأعنفها خلال شن عملية “السور الواقي” في الضفة عام 2002، والتي قضى خلالها مئات الشهداء، بعضهم من الحرس الخاص بالرئيس عرفات، أثناء التصدي لاقتحام مدينة رام الله.

مرض الرئيس 

وقبل أيام من وفاة الرئيس عرفات في المشفى الفرنسي، أصيب بحالة إعياء شديد، استدعيت على أثرها فرق طبية من عدة دول عربية، لكن تقرر في ظل فشل علاجه نقله عبر مروحية من مقر المقاطعة إلى الأردن، بعد أن سمحت بذلك إسرائيل التي تفرض عليه حصارا مشددا، ومن هناك نقل بطائرة إسعاف فرنسية إلى المشفى العسكري.

وقضى الرئيس الراحل بعد أيام من وصوله للمشفى، حيث لم يتمكن الأطباء من علاجه، ومن اكتشاف ما أصاب جسده من مرض، يعتقد أنه بسبب تسمم، لم يكشف طبيعته بعد.

وأقيمت مراسم وداع عسكرية رسمية للرئيس الراحل عرفات في فرنسا، قبل نقله إلى العاصمة المصرية القاهرة، حيث أقيمت له جنازة شارك فيها الرؤساء والزعماء العرب، ومن ثم نقل عبر طائرات مروحية مصرية لمقر المقاطعة، حيث دفن هناك، وسط مشاركة شعبية منقطعة النظير.

وشكلت لجنة تحقيق فلسطينية لمعرفة السبب وراء وفاة أبو عمار، وأجرت اللجنة العديد من جلسات الاستماع والاستجواب لأشخاص قاموا بزيارته، كما قامت اللجنة بفحص التقارير الطبية، لكن لغاية اللحظة لم تقم بنشر النتائج.

ويؤكد الفلسطينيون أن رئيسهم الراحل قتل مسموما، من خلال مخطط لأجهزة الأمن الإسرائيلية، حيث جرى استخراج رفاته من قبره في نوفمبر من العام 2012، وأخذت منه عينات من قبل فريق طبي روسي وسويسري، للتحقق من تعرضه للتسمم عبر مادة “البولونيوم”، بعد أن كشف تقرير أعدته “قناة الجزيرة” بوجود هذه المادة على ملابسه، بعد استعانتها بفريق طبي سويسري متخصص.

والبولونيوم مادة قابلة للذوبان شديدة السمية بكميات ضئيلة سواء عن طريق الاستنشاق أو الابتلاع، وهي على قدر بالغ من الخطورة يتطلب التعامل معها تجهيزات خاصة وآليات صارمة.

والمعروف أن عرفات تعرض للعديد من محاولات الاغتيال الإسرائيلية، سواء في لبنان أو في تونس، التي أقام بها بعد خروج القوات الفلسطينية من لبنان.

نبذة عن حياة القائد…

ولد ‘أبو عمار’ في القدس في الرابع من أغسطس عام 1929، واسمه بالكامل ‘محمد ياسر’ عبد الرؤوف داوود سليمان عرفات القدوة الحسيني، وتلقى تعليمه في القاهرة، وشارك بصفته ضابط احتياط في الجيش المصري في التصدي للعدوان الثلاثي على مصر في 1956.

كما شارك الراحل مع مجموعة من الوطنيين الفلسطينيين في تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني ‘فتح’ في الخمسينيات، وأصبح ناطقا رسميا باسمها في 1968، وانتخب رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في شباط 1969، بعد أن شغل المنصب قبل ذلك أحمد الشقيري ويحيى حمودة

وألقى أبو عمار عام 1974 كلمة باسم الشعب الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وحينها قال جملته الشهيرة: “جئتكم حاملا بندقية الثائر بيد وغصن زيتون باليد الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي”.

وقاد الرئيس عرفات القوات الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان صيف العام 1982، كما قاد معارك الصمود خلال الحصار الذي ضربته القوات الإسرائيلية حول بيروت طيلة 88 يوما انتهت باتفاق دولي يقضي بخروج المقاتلين الفلسطينيين من المدينة.

وعقب إعلان استقلال فلسطين في الجزائر في الخامس عشر من نوفمبر عام 1988، أطلق في الثالث عشر والرابع عشر من كانون الأول للعام ذاته في الجمعية العامة للأمم المتحدة مبادرة السلام الفلسطينية لتحقيق السلام العادل في الشرق الأوسط، حيث انتقلت الجمعية العامة وقتها إلى جنيف بسبب رفض الولايات المتحدة منحه تأشيرة سفر إلى نيويورك، وأسست هذه المبادرة لقرار الإدارة الأمريكية برئاسة رونالد ريغان في الـ16 من الشهر ذاته، والقاضي بالشروع في إجراء حوار مع منظمة التحرير الفلسطينية في تونس اعتبارا من 30 آذار 1989.

و وقّع ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين، عام 1993، اتفاق إعلان المبادئ “أوسلو” بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل في البيت الأبيض، في الثالث عشر من سبتمبر، حيث عاد بعدها ياسر عرفات بموجبه على رأس كادر منظمة التحرير إلى فلسطين، واضعا بذلك الخطوة الأولى في مسيرة تحقيق الحلم الفلسطيني في العودة والاستقلال.

وفي العشرين من كانون الثاني 1996، انتخب ياسر عرفات رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية في انتخابات عامة، وبدأت منذ ذلك الوقت مسيرة بناء أسس الدولة الفلسطينية.

أربعون عاماً في رئاسة اللجنة المركزية لحركة فتح وست وثلاثون عاماً على رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعشر سنوات على قمة هرم السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.. خلال هذه المسيرة الطويلة، والتي تشكّل بلا أدنى شكّ مرحلة مهمة من التاريخ الفلسطيني المعاصر، انفردت شخصية ياسر عرفات بنمط خاص في واحدة من أعقد الثورات المعاصرة، نمط قد لا يتكرر كثيراً بطابعه وخصائصه ومفارقاته.. وإشكالياته.

الوفاء للثوابت

لقد ظل رئيسنا أبو عمار وفياً للثوابت التي أمن بها , كقضايا القدس واللاجئين والدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف حيث لا يختلف أحد من المؤرخين على التاريخ النضالي المشرف لهذا الفلسطيني الذي حمل الهم الفلسطيني فى قلبه.

إن كلماتِه الأولي، والأخيرة  لازالت تطرب مسامعنا، وتسارع نبضات قلوبنا، وتشدنا لعالم الخلود، حينما قال للأعداء المحتلين:” يريدوني اما قتيلاً، واما طريدًا، واما أسيرًا،، وأنا بّقلُهم شّهيداً، شّهيداً، شّهيداً “.

“ستمنعون الشمس والهواء عني لن أتنازل, ستحجبون عني الدواء والغذاء, الله خلقني ولن ينساني, القدس مطلبي, وركعة في المسجد الأقصى المبارك غايتي التي لا تناظرها غاية, الطريق طويل, لكن النفس أطول والهجمة الشرسة تقابلها إرادة حديدية أنتجتها سنوات من اللجوء والتشرد”.

 لقد خُّلِدَتْ تلك المقولة في ذاكرة التاريخ، والتي كانت من آخر كلمات القائد الرمز الشهيد البطل، “أبو عمار- ياسر عرفات”

لقد رحلت عنا يا قائدنا ويا معلمنا لقد انتقلت روحك إلى علياء المجد والخلود عهداً علينا أن تبقى حي في ذاكرتنا لن ننسى كفاحك من أجل الحرية رحل التي تربى بين الجبال وفى ساحات المعارك والتي يرقد الآن على مقربة من الأقصى داعياً إيانا أن نواصل العمل على أن نفك الأقصى وأن نجعل من هذه الأرض ساحة للسلام والأمن والاستقرار , لقد غادرتنا مكللاً بالمجد والفخار سنبقى على دربك يا سيدي سنكمل المشوار .

Related posts

Leave a Comment